النجاح الإخباري -  أكد نائب رئيس حركة التحرر الوطني الفلسطيني «فتح» محمود العالول (أبو جهاد) لـ «القدس العربي»أن السلطة الفلسطينية جادة في تطبيق قرارات المجلس المركزي حتى لو كلف ذلك انهيارها، معتبراً أن مصطلح «يخرب بيتك» جاء تعبيراً عن ألم وخذلان، وأنه ربما كان يفضل القول «يخرب بيتكم»لأن كل الإدارات الأمريكية المتعاقبة شاركت إسرائيل احتلال فلسطين.
وشدّد العالول على أن الخيار الوحيد المطروح هو «حلّ الدولتين» الذي «ترفضه إسرائيل ولا تقول ما هو تصوّرها»، وقال «اذا كانت تريد بقاء شعبنا تحت الاحتلال، فهذا خيار لم يعد ممكناً أبداً».
أما الموقف من دول عربية قد تؤيد «السلام الإقليمي» المطروح امريكياً فلخّصه العالول بالقول: «نسعى الى أن تكون لنا علاقات إيجابية مع الجميع، مع أمتنا العربية ومع العالم، ومن له موقف آخر حيال قضيتنا وحيال الأمة العربية نتركه لشعبه ولا نفتح معركة معه».
وفي ما يلي نص الحوار:
■ دعنا نبدأ بما يتعلق بالشكل واللغة لا بالجوهر، هل فوجئ محمود العالول باستخدام الرئيس مصطلح «يخرب بيتك» في حديثه عن رئيس الولايات المتحدة؟
■ الرئيس في القسم الكبير من الخطابات يخرج عن النص كما حصل مع الخطاب الأخير. المصطلح يستخدم في عاداتنا وقصصنا في أحيان كثيرة، وهو تعبير عن الألم والخذلان من الأمريكيين.
■ لو علمت مسبقاً هل كنت ستنصحه باستخدام هذا المصطلح؟
■ ربما كنت أنصحه باستخدام مصطلحات أخرى أشد من هذا. لا أعرف لماذا التركيز على المصطلح، هذا تعبير عن الشعور عن مدى الخذلان، وهو واضحٌ تماماً في هذا السياق. وقد اضطررنا في الآونة الأخيرة لاستعراض كل علاقتنا مع كل الإدارات الأمريكية المتعاقبة خلال السنوات الماضية وليس إدارة ترامب فحسب. وقد قيّمنا أنه لن يخرج منهم أبداً أي خير للشعب الفلسطيني وللأمة وهذا واضح تماما.
■ هذا تقييمك أم تقييم القيادة الفلسطينية؟
■ هذا تقييم كل القيادة الفلسطينية. إذا استعرضت العلاقة مع كل الإدارات الأمريكية يظهر أنها لم تقدم أي شيء حقيقي للفلسطينيين، بل عملت على سحب البساط من تحت أقدامهم بممارسة الضغوط عليهم وتدعم عدوهم المحتل أراضيهم بكل ما تستطيع من قوة.
■ أكان من الأفضل القول إذن «يخرب بيتكم» لكل الرؤساء الأمريكيين؟
■ نعم بالتأكيد. من الواضح أن خطوة ترامب الأخيرة بشأن القدس المحتلة جاءت مرتبطة بخطوات أخرى وليس بالقدس فحسب، كخطوته الخاصة التي بدأ يعمل عليها وترتبط بملف اللاجئين وملف وكالة غوث اللاجئين «أونروا». واضح تماماً أن الجانب الأمريكي يمارس شراكة مع الاحتلال الإسرائيلي في احتلال فلسطين. وقضية القدس كانت خطوة صارخة في عدوانها فأخرجت الناس عن طورهم.
■ سقنا الأسئلة السابقة حول لغة الخطاب ومصطلحاته لأن إسرائيل وظفت المصطلح في دعايتها لإلقاء الكرة مجدداً في الملعب الفلسطيني فكيف تابعت وقيّمت ردود فعل إسرائيل على الخطاب وعلى التوصيف المذكور؟
■ الموضوع ليس ردود فعل إسرائيل على أجزاء من خطاب الرئيس أبو مازن، فالأهم هو إسرائيل وخاصة حكومتها الحالية غير معنية أبداً بالسلام، ولا تقرّ بأي أفكار تفضي الى التسوية، ولا تعترف بحل الدولتين، ولا تتحدّث عن ذلك على الإطلاق، وترفض وقف الاستيطان وإنهاء الاحتلال وأي حديث عن الحدود… كل ذلك لا علاقة له بما قاله الرئيس أبو مازن والردود عليه. نعم هم حاولوا توظيف الخطاب لأغراضهم الدعائية وهذا ليس بجديد. سياسة أبو مازن العقلانية المرنة والمعتدلة في الفترة الماضية وضعتهم في الزاوية أمام العالم. أبو مازن كسب العالم الى جانب الفلسطينيين في مواجهة الإسرائيليين في هذا الموضوع، ولذلك كنت تراهم يتحدثون عن هذا الرجل المعتدل وهم يشيرون الى ممارسته «الإرهاب الدبلوماسي» وإنه ليس شريكاً أو أنه معادٍ للسامية الخ… خلال الفترة الماضية كلها ناصبوه العداء والتحريض.
■ قرر المجلس المركزي تجميد الاعتراف بإسرائيل واتفاق أوسلو وتأكيد فقدان الشريك الإسرائيلي للسلام وغيرها من القرارات الصارمة، ولكن السلطة متمسكة بتسوية الدولتين وبالبحث عن مفاوضات في مسارات أخرى فكيف يستوي هذا مع ذاك؟
■ ما ورد من قرارات المركزي غير موجه لإسرائيل فقط. إسرائيل لا تريد السلام وهذه مسألة محسومة تماما. لكن قرارات المركزي موجهة الى أطراف عدة، الى الغرب وإلى العالم كله. وبالنسبة الى عملية السلام، فحتى الآن لا يوجد شيء مطروح على الطاولة غير تسوية الدولتين، رغم أنه آخذ بالتآكل الى درجة كبيرة.

نتوجه للاتحاد الأوروبي وللأمم المتحدة وإلى العالم لبناء مرجعية دولية بديلة عن الدور الأمريكي

■ تدّعي أوساط فلسطينية، خاصة المعارضة ربما، أن السلطة الفلسطينية متمسكة بمفهوم الدولتين والرهان على المفاوضات لأنها ترغب في الحفاظ على مصالح مكوناتها هي، ماذا تقول عن هذه التقييمات؟
■ لا علاقة لهذا الموضوع بالمصالح. هذا موضوع مصيري مرتبط بمصير الشعب الفلسطيني وبقضيته الوطنية وليس غاية جزئية لها علاقات بمصالح هنا أو هناك. ما نبحث عنه مرتبط بحرية واستقلال الشعب الفلسطيني ولن نترك وسيلة أو طريقاً إلا سنسلكها من أجل هذه المسألة. من الصعب التقاط نتائج قرارات المجلس المركزي بشكل جزئي، أو بما يقوله فلان أو علان أو معارضة، أو بأي حديث عن مصالح. ينبغي أن نرى الصورة شاملة. لم يعد لدينا أوهام أبداً بأن الولايات المتحدة يمكن أن تعمل من أجل السلام. «غسلنا أيدينا» من الولايات المتحدة بهذا الموضوع، ولذا نبحث اليوم عن وسيلة توصلنا الى حرية شعبنا وإنهاء الاحتلال، هذا هو الأساس. لقد يئسنا من الولايات المتحدة، ولهذا نتوجه اليوم الى الاتحاد الأوروبي وللأمم المتحدة، ونتوجه الى العالم لبناء مرجعية دولية بديلة وللعمل على بلورة مؤتمر دولي، هذا هو الاتجاه العام. هكذا ينبغي قراءة مجمل قرارات المجلس المركزي ولا يجوز النظر إاليها بشكل جزئي، بمعنى هذا صرّح وهذا قال أو علق، فالمسألة ليست هكذا.
■ كان د. صائب عريقات قال للقناة «الثانية» الإسرائيلية قبل أسبوعين إنه يدعو الرئيس عباس الى تبني خيار الدولة الواحدة. فهل هذا تعبير عن تهديد أو غضب أم خيار حقيقي؟
■ كنا نتحدث عن حل الدولتين وأنه بدأ يتآكل. لسنا أسرى خيار الدولتين ولكن لا خيارات أخرى الآن مطروحة على الطاولة سوى خيار حل الدولتين. وإذا كانت إسرائيل لا تريده على الإطلاق فلتقل لنا ماذا تريد. يعني البديل نعم هو حل الدولة الواحدة ربما. نريد من إسرائيل أن تقول ما هو تصورها. نحن الآن كفلسطينيين بين النهر والبحر نساوي اليهود عدداً وربما أكثر، فهل يمكنهم أن يقولوا لنا ماذا يريدون، وما هو الحل الذي يتصورونه لهذه الكتلة البشرية؟ أن نبقى بدون خيار سوى بقاء شعبنا تحت الاحتلال، هذا خيار غير قائم ولم يعد ممكناً أبداً. ولذا فعلى الإسرائيليين أيضاً البحث عن حل. الخيار المطروح هو حل الدولتين، وإذا كانوا مصرّين على رفضه فليبلغونا ماذا يريدون وربما يكون الحل البديل هو حل الدولة الواحدة.
■ لماذا ترفض إسرائيل حل الدولتين رغم أن هذه التسوية تمنحها 78 في المئة من فلسطين التاريخية؟
■ لأن أطماعها غير محدودة وهي تتجاوز الـ 78 في المئة والاتجاه السائد فيها هو التطرف، وربما يفكّر بعض عقلائها في ما كنا نقوله عن واقع الاحتلال.
■ هل ما زالت السلطة الفلسطينية تأمل في بديل من نتنياهو مثل معسكر السلام أو العقلاء في إسرائيل لتحقيق «الدولتين»؟
■ اعتقد أن الاتجاه السائد في إسرائيل اليوم هو جو التطرف، ولذا فنحن غير متمسكين بشخص أو بخيار مع مجموعةٍ ما، بل نبحث عن حقوق الشعب الفلسطيني وعن إنهاء الاحتلال وعن الحرية والاستقلال وليس مهمّاً مع مَن في اسرائيل.
■ قرارات المجلس المركزي قابلة للتطبيق أم هي للمناورة؟
■ كان هناك قرار في المجلس المركزي يطلب من اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير البدء الفوري في تطبيق هذه القرارات. لم يعد أمامنا خيار سوى مقاومة التوجهات الإسرائيلية بكل الوسائل الممكنة، سواء بالعمل السياسي أو الميداني أو الدبلوماسي، أو بإعادة النظر في العلاقة مع دولة الاحتلال كالاعتراف والتنسيق الأمني. كل ما ورد سيُطبّق بالإضافة الى تعزيز صمود الشعب الفلسطيني على الأرض ومقاومة الانتهاكات الإسرائيلية. لا خيار أمامنا سوى هذا.
■ هل هي قرارات قابلة للتطبيق على الأرض؟
■ نعم. سيبدأ بتطبيقها لا محالة، ولم يترك لنا أحد خياراً سوى ذلك. ماذا تستطيع أن تفعل أمام الانتهاكات الإسرائيلية بحق شعبنا.

نحن طلاب حرية واستقلال وهذا يكلفنا معاناة وأذى لكننا جاهزون لتحمل ذلك، الأساس بالنسبة لنا هو استقلال وحرية شعبنا

■ حتى لو أدى ذلك إلى انهيار السلطة الفلسطينية؟
■ حتى لو كان ذلك، لا مشكلة لدينا، نحن طلاب حرية واستقلال وهذا يكلفنا معاناة وأذى ونحن جاهزون لتحمل ذلك لكن الأساس بالنسبة إلينا هو استقلالنا وحرية شعبنا.
■ في حال أقدمت مصر والسعودية على السلام الإقليمي ماذا تفعلون؟
■ لن نفعل شيئاً. قراراتنا واضحة. لا نريد أبداً توسيع جبهة أعدائنا ونقول إن عدونا الرئيسي هو الاحتلال الإسرائيلي والسياسة الأمريكية المناصرة له. ليس لنا عدو آخر. نسعى لأن تكون لنا علاقات إيجابية مع الجميع، مع أمتنا العربية ومع العالم. من له موقف آخر حيال قضيتنا وحيال الأمة العربية نتركه لشعبه ولا نفتح معركة معه.
■ أشار الرئيس عباس إليك بأنك موجود، فهل هذه إشارة منه باعتبارك خليفته في قيادة السلطة الفلسطينية؟
■ لا هذا غير مطروح أبداً. ربما تحدث عن ذلك في سياق آخر مرتبط بما يجري على الأرض أو غيره. كما قلت لك الرئيس عباس يخرج عن النص في أحيان كثيرة. ليس هذا هو المقصود.
■ هل هناك آلية لترتيب موضوع خلافة الرئيس عباس؟
■ بالتأكيد هناك مؤسسات فلسطينية وفتحاوية والأمور مرتبة ولا مشكلة في هذا الخصوص.

نتفهم الظروف الخاصة بشعبنا خلف الخط الأخضر ونترك لهم الخيار ولا نريد أن يكونوا في وجه العاصفة

■ كيف ترى دور فلسطينيي الداخل حيث تتزايد لديهم أوساط تعتقد بحل الدولة الواحدة وبضرورة النضال المشترك من أجله عبر طرفي الخط الأخضر وبرؤية استراتيجية، فما رأيك؟
■ نحن نتفهم تماماً الظروف الخاصة بشعبنا خلف الخط الأخضر ونترك لهم الخيار ولا نريد لهم أبداً أن يكونوا في وجه العاصفة. نريد لهم دائماً السلامة، فلديهم برامج وقدرة على التأثير من خلال طبيعة وجودهم في الداخل لكنهم جزء أساسي من هذا الشعب الفلسطيني ويتفاعلون معه ومع قضاياه وما يؤلمه يؤلمهم.
■ تدفيع إسرائيل الثمن هو الأهم، لأن العالم والغرب مرتبط بشبكة مصالح ولن تنهي احتلالها إلا المقاومة أو الانتفاضة الشعبية على الأرض لا المفاوضات، أما النشاط الدبلوماسي فغير كاف كما تدلل التجارب، لكن السلطة الفلسطينية تمنع ذلك؟
■ لا، على الإطلاق. قرارات المجلس المركزي الأخير أكدت ضرورة تفعيل المقاومة الشعبية في وجه الانتهاكات الإسرائيلية، وهي قائمة وتمارس بشكل دائم ومن يمارسها بشكل كثيف مع شعبنا هم أبناء فتح الذين يقودونها. هذا جزء من الإستراتيجية الفلسطينية ولم نختلف عليها أبدا.
■ يعني أنت راضٍ عن مستوى المقاومة الفلسطينية؟
■ لا بد من زيادة وتيرة المقاومة الشعبية حتى يصبح الاحتلال مكلفاً لاسرائيل.
■ هل يمكن تدفيع إسرائيل الثمن الحقيقي ونحن منقسمون بين رام الله وغزة؟ هل تستطيع اليوم وبعد سماع الكثير من الكلام أن تبشر الناس بأن استعادة الوحدة الوطنية ستكتمل على الأرض؟
■ نعم هذا موضوع مصيري ولن نتوقف عن السعي للوصول إليه. هناك تواصل مع الإخوة في حماس في هذا المضمار. سنخطو قريباً خطوات الى الأمام.
■ هل نحن اليوم أقرب الى الوحدة الوطنية أكثر من أي وقت مضى منذ 2007؟
■ نعم بالتأكيد.