النجاح الإخباري - يعد زيت الزيتون أول زيت تمّ إنتاجه تاريخياً وحافظ على مكانته الرفيعة كغذاء للإنسان عبر جميع الحضارات وذُكِر في الكتب السماوية لبركته ولما فيه من فوائد جمّة، وحثّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم على تناوله والادّهان به بقوله: «كلوا الزيت وادّهنوا به فإنّه من شجرة مباركة».

وعلى الرغم من تطور صناعة الزيوت النباتيّة الأخرى في العصر الحديث إلا أنّ الدراسات أثبتت للعالم أنّ زيت الزيتون لا يُقارَن بأي منها من حيث الفوائد والقيمة الغذائية والنكهة، ويتفرّد بخاصيّة أنه الزيت الوحيد المُستَخرَج بشكل طبيعي دون الحاجة إلى تكريره.

أثبتت الدّراسات الحديثة أن زيت الزيتون يضمن حياة صحّيّة لمتناوليه ووقايتهم من الموت المبكّر الناتج عن النوبات القلبيّة من خلال تغطية الشرايين بطبقة واقية تمنع الكوليسترول من الالتصاق والترسّب على جدرانها وبالتالي الوقاية من تصلُّب الشرايين وذلك لاحتوائه على مُكوِّن فريد من نوعه ألا وهو «الأولورابين».

ويُساهِم أيضاً في الوقاية من أمراض القلب والشرايين من خلال احتوائه على الستيرولات التي تلعب دوراً هاماً في خفض مستوى الكوليسترول الضارّ بنحو 9-15% والحد من امتصاصه في الجهاز الهضمي. إنّ غنى زيت الزيتون بالكلوروفيل «اليخضور» لا يعطيه اللون المميز له فحسب بل يفيد في تنشيط عمليات الاستقلاب وتسريع التئام الجروح وتشكيل الدم في نقيّ العظام. إنّ احتواء الزيت على الكاروتينيدات كالبيتا كاروتين التي تتحول داخل الجسم  لفيتامين A  تساعد في تقليل خطر الإصابة بأمراض العيون وبعض أنواع السرطانات. وكون الزيت وسطا دهنيا يساعد في زيادة امتصاص فيتامين D.

وبما أنّ زيت الزيتون مادة دهنية فهو قابل للتأكسُد في أي مرحلة من مراحل إنتاجه، وبالتالي تعرّضه للفساد والذي ينعكس على تغيُّر في صفاته الحسية وتركيبته الكيميائية وبالتالي تدني جودته وعدم الحصول على فوائده الصحية والطبية بالقدر المطلوب.

إنّ مميزات أفضل أنواع زيت الزيتون وأجودها تعتمد بداية على نوع وجودة الزيتون كالنبالي والصوري والمليسي، والاهتمام بأشجار الزيتون وحراثة تربتها وتغذيتها وتقليمها وحمايتها من الإصابات الحشرية والمرضية ومكافحة الآفات التي قد تصيبها. إنّ لقطف ثمار الزيتون يدوياً مرفقاً بمدّ الفُرُش أسفل الأشجار ليسهل التقاطها وتفادياً لتضرّرها وعدم تلوثها بالتراب نتيجة ارتطامها بالأرض، أثراً على جودة الزيت المُستخرج منها. وكذلك قطفها في الموعد المناسب عند نضجها مع احتفاظها بالعناصر المهمة كالفينولات والكلوروفيل التي تعطيه النكهة المميزة، لا يقلّ أهميةً في الحصول على أجود أنواع الزيت كماً ونوعاً.

ولا ننسى أهمية قُصر المدة الزّمنيّة بين القطاف والعصر، مع التركيز على أهمية التعبئة بطبقات التي لا يتجاوز سُمكُها الـ 15 سم في صناديق بلاستيكية أوخشبية ذات فتحات تسمح بالتهوية – متجنبين استخدام الأكياس البلاستيكية - لمنع ارتفاع حرارتها لحمايتها من نمو الفطريات والأعفان وتخمرها على ألّا تتجاوز هذه الفترة  اليومين. تشكل المرحلة التصنيعية 30% من العوامل المؤثرة على جودة الزيت المُستَخرج، وتشمل تلك العوامل غسل الثمار وفصل الأوراق عنها مع مراعاة نظافة مياه الغسل، وكذلك ألّا تزيد ولا تقل فترة العجن على نصف ساعة وكذلك الخلط مع مراعاة عدم استخدام الماء الساخن الذي تزيد حرارته على 25 درجة مئوية للحفاظ على الصفات الحسية والكيميائية للزيت وحمايته من التأكسد. 

وأما في مرحلة الفرز فيجب التأكد من نظافة الفرازات على ألّا تتم زيادة فترة اختلاط الزيت بمياه الزيبار على 8 ساعات ولا تزيد درجة الحرارة على 16-20 درجة مئوية لتجنُّب إنتاج نوعية متردية من الزيت وتطايُر الروائح العطرية المميزة له. أما تأخير تعبئة الزيت وتركيده لمدة 24 ساعة قبل تعبئته فتتم لغايات تخليصه من الرواسب التي لها قابلية عالية للتخمر.

إنّ أفضل أنواع العبوات لحفظ الزيت ما كان مصنوعاً من الزجاج المعتم أوالستينلس ستيل وتجنُّب العبوات الحديدية والنحاسية.  وللحفاظ على الزيت من الفساد والروائح فيجب إغلاق العبوات بشكل جيد وحفظها مرفوعة عن الأرض في أماكن نظيفة، خالية من الروائح، جافة غير رطبة وبعيدة عن الضوء وأشعة الشمس ومبردة لا تزيد حرارتها على 18 درجة مئوية. وعند شراء الزيت يجب شراؤه من مصادر مرخصة وموثوقه واختيار العبوات ذات تواريخ الإنتاج القريبة. متمنين لكم التوفيق ودوام الصحة والعافية.