ماجد هديب - النجاح الإخباري - سبعة أعوام مرت على حصول فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة وفقًا لقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة ، الأمر الذي منحها حق الانضمام إلى عضوية الوكالات الدولية التابعة للأمم المتحدة، والعديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية العامة، إضافة إلى تحقيق جملة من المكاسب السياسية والقانونية من بينها وضع حد للمزاعم الإسرائيلية بأن الأراضي الفلسطينية هي أراضٍ متنازع عليها، وتأكيد جديد لكافة قرارات الأمم المتحدة السابقة على أنها أراضٍ فلسطينية محتلة منذ العام 1967، بما فيها القدس الشرقية ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بعد مرور تلك الأعوام على منح هذه العضوية بما تحمله من امتيازات معها هو اذا ما كانت القيادة الفلسطينية  قد اتجهت فعلا نحو تجسيد تلك المكاسب الاستراتيجية  والامتيازات التي منحها هذا القرار للشعب الفلسطيني ،ومن بينها ممارسة الضغط على المجتمع الدولي لكي يمتثل للمسؤولية الملقاة على عاتقه في وضع حد لمخالفات الدول التي تحتل أراضي الغير وفقا لما جاء في ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ،ام ان الرؤية الاستراتيجية الوطنية للتعاطي مع هذه المكاسب القانونية والسياسية غابت عن القيادة الفلسطينية بفعل الاكتفاء  بما تمارسه من سياسة التوسل والاستجداء ؟.

اعتقد  بان غياب الرؤية الاستراتيجية الوطنية الفلسطينية في التعاطي مع المكاسب القانونية والسياسية هي التي أدت الى عدم ممارسة الضغط على المجتمع الدولي لكي يمتثل للمسؤولية الملقاة على عاتقه في وضع حد لمخالفات الدول التي تحتل أراضي الغير وفقا لما جاء في ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ،وهذا ما أدى الى اتباع القيادة الفلسطينية سياسة التوسل والاستجداء  ،وهي نفس السياسة التي منعت القيادة القيام  بأي إجراءات سيادية  على الأرض  الفلسطينية وخاصة بعد التحلل الإسرائيلي من الالتزام باتفاقية أوسلو ، ومن بين تلك الاجراءات التي تم تغييبها  إعادة النظر في شكل السلطة الوطنية الفلسطينية ووظائفها، مع تغيير مؤسساتها لتصبح مؤسسات دولة، مثل الدعوة لانتخاب برلمان دولة بدلًا من مجلس تشريعي للسلطة ،او تشكيل حكومة للدولة بدلا من حكومة للسلطة ، مع عدم اصدار  السلطة الفلسطينية لجوازات سفر، أو عملة فلسطينية، بالإضافة  ايضا الى عدم تشكيل جيش الدولة الفلسطينية  من اجل الدفاع  عن ما يقع تحت سيطرة السلطة  من مدن وقرى باعتبارها جزءا من الدولة الفلسطينية المتفق علي قيامها  وفقا لترتيبات وتدابير المرحلة الانتقالية من اتفاقية أوسلو نفسها .

ان مرحلة التحول من الثورة الى الدولة كانت وما زالت حبلى بالمفاجئات المؤلمة والانتكاسات القوية  للشعب الفلسطيني وفقا لما  اثبتته الوقائع والاحداث منذ توقيع اتفاقية أوسلو والى يومنا هذا ،وهذا ما أدى بنا الى ان نكون امام منعطف صعب  وخطير ،ليس على مستوى قضيتنا فقط ،وانما على مستوى شعبنا أيضا كوجود وهوية ،ولذلك اعتقد بان الخطاب القادم للرئيس الفلسطيني في الأمم المتحدة لن يكون خطابا تقليديا كما جرت العادة ،ولا هو بالعاطفي المغلف بالاستجداء والتوسل أيضا ، لان الرئيس الفلسطيني  كان قد ادرك ومنذ لحظة توقيعه اتفاقية أوسلو ولجوئه الى الأمم المتحدة للإشراف على عملية السلام بان لا اخلاق للمجتمع الدولي، ولا التزام لأعضائه ايضا بقواعد القانون الدولي ،وبان المصالح ووسائل حمايتها هي التي تتحكم في رسم معالم المرحلة القادمة الا ان ما كان يقوم به  الرئيس من محاولات كانت لظروف اقتضتها المرحلة التي كان يتوجب على الرئيس محاولة اختراقها تثبيتا للذات  والهوية ولذلك  اعتقد بان وجود  الرئيس في الامم المتحدة بعد ايام  لن يكون مجرد ضيف عابر في حضرة الأمم المتحدة ،وانما ستصبح الأمم المتحدة نفسها  هي من ستكون في حضرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وذلك لما ستستمع  اليه الدول الاعضاء  في درس الاخلاق وموجبات قواعد القانون الدولي واصول تنفيذها.

اعتقد بان الخطاب القادم للرئيس الفلسطيني محمود عباس هو خطاب وضع المجتمع الدولي امام مسؤولياته، فإما ان تعلن الأمم المتحدة التحلل من قواعد القانون الدولي من خلال الاستمرار بحماية إسرائيل رغم ما تقوم به من احتلال وجرائم، واما ان تعلن التزامها بتلك الفواتين، فعلا لا قولا، من اجل حفظ الأمن والسلم الدوليين على صعيد المجتمع الدولي ككل ،وذلك من خلال تقديم الحماية والمساعدة في إرساء الدولة الفلسطينية وفقا لقرارات الشرعية الدولية، مع مسائلة إسرائيل وحسابها كدولة فوق القانون ، بالإضافة  الى ضرورة العمل على ملاحقة الدول التي تدعم  هذا الاحتلال  وتسانده ،لان  التلويح بان الشعب الفلسطيني لن يستمر طويلا في سياسة التوسل والاستجداء ،وبان  الخيارات المطروحة امامه كثيرة هي ما يجب ان تكون في نهاية خطابه ، فظروف  الشعب الفلسطيني  الان ليست اسوء من الظروف التي أطلق فيه ثورته ببندقية صدئة لا اعتراف فيها ولا بحقوق حاملها ،فهل يمكن ان تكون الامم المتحدة في حضرة الرئيس محمود عباس لما سيحدده من معالم للمرحلة القادمة ،ام ان الفضية الفلسطينية ستبقى مجرد ضيف على جدول اعمال الامم المتحدة  لا مستقبل لها  ولا معالم لمرحلة الانتقال  بالشعب الفلسطيني من شعب خاضع للاحتلال الى شعب يعيش في  دولة مستقلة ؟.