هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - أوضح محللون أنَّه في الذكرى الـ(25) لاتفاقية أوسلو، الموقَّعة عام 1993 بين منظمة التحرير وإٍسرائيل، لابد من مراجعة شاملة للعلاقة مع الاحتلال، من أجل رسم استراتيجية تساعد على الخروج من عباءة أوسلو.

"النجاح الإخباري" طرح تساؤلات عدة حول الموضوع أهمها: ما المطروح على طاولة القيادة الفلسطينية لتحصين البرنامج الوطني الفلسطيني؟ وما الخيارات البديلة عن هذه الاتفاقية؟ وكيف استخدمتها إسرائيل لصالحها؟

القيادة ستعيد النظر بالاعتراف بإسرائيل

أكَّد المتحدّث باسم حركة فتح د.عاطف أبو سيف، أنَّ القيادة في حالة مراجعة شاملة للعلاقة مع الاحتلال، خاصة في ظلِّ عدم التزامه بالاتفاقيات الموقَّعة، وإفشالها لكلِّ الجهود التي بذلها المجتمع الدولي من أجل تحقيق السلام.

وأوضح أبو سيف في تصريح مقتضب لـ"النجاح الإخباري" الأربعاء أنَّ القيادة تعيد النظر في قرار الاعتراف بإسرائيل الذي كان شرطًا أساسيًّا لاتفاق أوسلو.

وأضاف أنَّ المرحلة الحاليَّة تتطلَّب تحمُّل المجتمع الدولي مسؤولياته بشكل كامل تجاه القضية الفلسطينية، والاعتراف بها كعضو كامل في الأمم المتحدة.

ونوَّه إلى أنَّ مجمل إبرام اتفاق أوسلو والتفاوض مع إسرائيل، كان لتحقيق الغايات الوطنية الفلسطينية، ولكن بعد خرق الشروط كافة، لا بد من إعادة النظر في طبيعة هذه العلاقة، وهذا ما أوصى به المجلس الوطني والمركزي في دوراته الأخيرة.

وفي (4 مايو/ أيار الماضي)، كلّف المجلس الوطني، في ختام اجتماعاته التي استمرت (4) أيام، اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بدراسة تعليق الاعتراف بإسرائيل، والانسحاب من الاتفاقيات الاقتصادية معها، لحين اعترافها بدولة فلسطين على حدود (1967)، وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان.

كما كلَّف المجلس، اللجنة التنفيذية بدء تحديد العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية مع إسرائيل.

وفيما يتعلق بالخيارات البديلة عن اتفاقية أوسلو، أشار أبو سيف إلى ضرورة مواصلة النضال الشعبي، وتصعيد النضال السياسي في المنظمات الدولية والمحافل المختلفة وعلى رأسها الاعتراف بفلسطين كاملة العضوية في الأمم المتحدة.

وأكَّد على ضرورة تجريم قادة الاحتلال عبر مواصلة التوجّه لمحكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، لافتًا إلى أنَّ القيادة بصدد تفعيل ملفات الدعوى ضد قيادات الاحتلال، إضافة إلى طلب الحماية الدولية في ظلّ تعرض الشعب الفلسطيني للانتهاكات والحصار.

وإلى جانب الخطوات السابقة شدَّد على ضرورة مطالبة المجتمع الدولي بإعادة النظر بعضوية إسرائيل في الأمم المتحدة.

ورأى أبو سيف أنَّنا ذاهبون إلى اشتباك سياسي كامل يغير قواعد العلاقة مع إسرائيل ونظرة المجتمع الدولي.

استغلال إسرائيلي

الكاتب والمحلل السياسي، هاني حبيب، أكَّد على ضرورة التوقف مليّا لمراجعة حقيقية لأداء فلسطين والاحتلال خلال ربع قرن على توقيع الإتفاقية.

وأضاف حبيب في تحليل خاص لـ"النجاح الإخباري"، أنَّ الظروف التي وقّعت بها اتفاقية أوسلو تغيّرت، ولم تعد قائمة من الناحية الفعلية واستثمرها الاحتلال باختراقات عديدة.

وبيَّن أنَّ الاحتلال استخدم الاتفاقية ورقة ضغط من الناحية الإقتصادية، حيث جعلت من اقتصاد فلسطين تابعًا ضعيفًا للاقتصاد الإسرائيلي، وأصبحت تسيطر على عملية الاستيراد والتصدير، إضافة إلى الاعتماد على النقد الإسرائيلي، الأمر الذي يزيد من استثمارها.

خيارات منجيّة

ورأى حبيب أنَّ الخيارات البديلة أو المنجيّة من هذه الاتفاقية، تتمثَّّل في التمسك بالحقوق الوطنية الفلسطينية، والتوجه للعمل السياسي والدبلوماسي من خلال الأمم المتحدة، والاستنجاد بالشرعية الدولية، والتوجّه للجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية في لاهاي، إضافة إلى إبقاء وسائل النضال كافة.

وأكَّد أنَّ قادة الاحتلال أقروا بأنَّ الاتفاق لم يعد موجودًا، وعكفوا على خرقه منذ اللحظة الأولى على توقيعه، ولكنَّهم ما زالوا يستغلون بعض البنود في هذا الاتفاق لصالحهم.

ولفت إلى أنَّ اعتراف أمين سرّ منظمة التحرير، د. صائب عريقات، مؤخَّرًا بأنَّ الاتفاق كان فشلًا فلسطينيًّا، من ناحية الاعتراف بدولة الاحتلال دون الاعتراف بدولة فلسطينية.

وتابع حبيب، أنَّ هذا الاعتراف جاء متأخّرًا، لكنَّه يلقي الضوء على كيفية التعامل من خلال مسيرة سياسية تفاوضية يجب أن تكون قادرة على استغلال ميزان القوى بأي عملية تفاوضية قادمة.

آليات تحصين مشروعنا الوطني

بدوره لفت الكاتب والمحلل السياسي، د. عماد بشتاوي، أنَّ الخطة الإستراتيجية الأفضل للخروج من عباءة أوسلو، هي الوحدة الوطنية بحيث يكون القرار الفلسطيني بالاجماع ليتحمَّل الجميع مسؤولياته دون تنصّل طرف دون آخر.

وأوضح بشتاوي في تحليل خاص لـ"النجاح الإخباري" أنَّنا أمام مرحلة جديدة في ظلّ العقوبات الأمريكية الأخيرة على الشعب الفلسطيني، مؤكّدًا أنَّ تحصين مشروعنا الوطني يكون بتنفيذ الوحدة مع الفصائل كافة على أرض الواقع.

ورأى المحلل السياسي أنَّ البدائل عن اتفاقية أوسلو يجب أن تطرحها القوى الوطنية الفلسطينية، والفصائل، وتتحمل مسؤولية هذه القرارات كاملة، كونها ستقود الشعب الفلسطيني لدولة معترف بها.

ونوَّه إلى ضرورة وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، وإعادة النظر بالاعتراف بإسرائيل.

وحول القرارات الموجودة على أجندة القيادة الفلسطينية في الوضع الراهن لتحصين البرنامج الوطني الفلسطيني، أكَّد أنَّ القيادة تحاول أن تكون نشيطة على المستوى الدبلوماسي، ويحاول الرئيس جاهدًا توجيه ضربات سياسية لإسرائيل، وهذه خطوات جيدة لكنَّها غير كافية، لافتًا إلى أنَّ القضية الفلسطينية بحاجة لتضافر التنظيمات جميعها.

ويذكر أنَّ الاتفاق جرى توقيعه في العاصمة الأمريكية، واشنطن، في (13 سبتمبر/ أيلول 1993(، وسمي نسبة إلى مدينة أوسلو التي جرت بها (14) جولة من المفاوضات السرية بين الطرفين.