نابلس - ميساء أبو العوف - النجاح الإخباري - حالة من الركود السياحي والاقتصادي تعيشها مدينة القدس المحتلة منذ ان بدأت جائحة كورونا، حيث اختفت اصوات الباعة المتجولين، ولم نعد نشاهد الأسواق التي تعج بالمارة ولا تلك البسطات المزينة بكل ما لذ وطاب، ولم تعد رائحة الزغتر تفوح بين تلك الأحياء التي باتت خالية من هذا المشهد اليومي.

فمدينة القدس بأحيائها وضواحيها تشهد ارتفاعا ملحوظا بأعداد المصابين بفيروس كورونا وذلك منذ انتشار الوباء، نتيجة الإهمال المقصود والمتعمد من قبل حكومة الاحتلال بحق المدينة المقدسة وأحيائها، وذلك من أجل الضغط على السكان وإرغامهم على ترك تلك المناطق والانتقال بالسكن إلى أماكن أخرى، ولا سميا تلك الأحياء القريبة من المدينة المقدسة ويوجد فيها احتكاك مباشر مع اليهود. إضافة الى منعها للأجهزة الفلسطينية المعنية، من تقديم الخدمات اللازمة لسكان المدينة، وعدم السماح للطواقم الطبية بالعمل وتقدم المساعدات لأبناء المدينة المقدسة. وهو ما يهدد حياتهم ويهيئ الظروف لتفشي الفيروس بشكل خطير.

وتحت مبرر محاصرة كورونا قام الاحتلال الاسرائيلي بإغلاق المحال التجارية ومنع أصحاب البسطات من عرض تجارتهم امام المارة في عدة مواقع، الامر الذي شكل ضربة اقتصادية غير مسبوقة لهؤلاء التجار والمواطنيين، وأثر بشكل كبير وملحوظ على حياتهم وعائلاتهم.

ضرائب ومخالفات

"ان ما نجنيه لا يكفي قوت يوم واحد" بهذه العبارة بدأ أحد التجار العاملين في أسواق القدس حديث لنا، مضيفا :"الإغلاق المستمر للأسواق في القدس يؤثر سلبيا على الحركة التجارية خاصة أننا نعاني من هذا الوضع السيء حتى قبل جائحة كورنا فالاحتلال الاسرائيلي يضيق الخناق علينا ومن كافة الجوانب". 

في حين يرى التاجر المقدسي رائد بأن الاغلاقات المستمرة لن تجدي نفعا، ويتابع " اي شخص يخالف تعليمات الاحتلال بالإغلاق يعرض نفسه لمخالفة تصل إلى 5000 شيكل لا يملك دفعها".

ويرى تاجر آخر أن أسواق القدس تعتمد كليا على السياحة، وأن وباء كورونا الى جانب اجراءات الاحتلال المشددة والضرائب والمخالفات المفروضة علينا اجتمعت في تدمير الاقتصاد المقدسي. 

ويؤكد كلامه المقدسي محمد نبيل صاحب أحد المحال التجارية قائلا "ما يزيد الطين بله هو تلك الضرائب المفروضة علينا من قبل سلطات الاحتلال حتى أصبحنا عاجزين عن دفعها ما أدى الى تراكم الديون على التجار كافة".

المقدسيون منهكون اقتصاديا:

من جهته، أكد المختص في الشأن الاقتصادي زياد حموري، أن الاوضاع الاقتصادية لأهالي مدينة القدس المحتلة متردية وصعبة للغاية، مبيناً أن نسبة الفقر بينهم تعد "الأعلى في العالم"، حيث تبلغ 80%.

وتابع في حديث لـ "النجاح الاخباري" قائلا:" الوضع الاقتصادي في القدس المحتلة يعيش حالة من الانكماش الكبير وهو موضوع تراكمي بدأ مباشرة بعد اوسلو، من خلال عزل القدس عن محيطها العربي بالحواجز ومن ثم ببناء جدار الفصل العنصري، ومع انتشار جائحة كورونا ازداد الوضع سوءا. فحوالي 300 محل كان مغلقا في البلدة القديمة حاليا تم اغلاق ما بين 700-800 محل أي ان العدد تضاعف مرة ونصف عن السابق."

وأوضح حموري أن المقدسين والقطاع التجاري تحديدا يرون ان الاقتصاد في الفترة القادمة سيكون أصعب، فبالرغم من كورونا وما خلفته من خسائر، هناك اجراءات تتخذها حكومة الاحتلال باتجاه تضيق الخناق على المقدسين كالضرائب المفروضة على التجار والتي لم تتوقف، والتي تهدف منها الى تعزيز الاقتصاد "الإسرائيلي" ووجوده في القدس في المقابل فإن :اسرائيل" تتنصل وتتجاهل أي حق من حقوق هؤلاء التجار ولا تقدم لهم أي دعم. ما يؤثر بشكل سلبي على حياتهم وانشتطهم الاقتصادية والتجارية.

وأضاف: هناك ما تسمى ب "ضريبة الأرنونا" الهم الأكبر الذي يثقل كاهل التجار المقدسيين، وحتى المنازل تعاني من ذلك، فأغلبية المقدسيين مطالبون بتسديد أموال لبلدية الاحتلال، والديون على كاهلهم كبيرة".  

وأشار الى أن الشوارع في القدس القديمة باتت فارغة بالرغم من اكتظاظها في الايام العادية فالبلدة القديمة نفسها يقطنها حوالي 40000 ساكن لكن الحركة فيها تكاد تكون معدومة نتيجة الاغلاقات.

وعلى صعيد القطاع السياحي لفت حموري الى ان القدس تعتمد على نوعين من السياحة وهما: الداخلية والخارجية فالسياحة الداخلية قُتلت نتيجة اجراءات الاحتلال والتشديد المفروض وعزل القدس.أما السياحة الخارجية والمتمثلة  بالسياحة الدينية والتاريخية فقد انتهت أيضا في فترة كورونا فجميع المحلات والفنادق تقريبا فارغة والمطاعم كذلك ومحلات التحف الشرقية حيث جزء كبير منها قد تضرر واغلق خلال هذه الفترة.

وأكد على أن هناك مستحقات للمقدسين بدون منة من الاحتلال قائلا:"المقدسي يدفع للضرائب بشكل غير عادي حتى زيادة عن المفروض عليه، مبينا ان لا يوجد عدل في تحصيل الضرائب من المقدسين ولا حتى عدل بفرض الضرائب عليهم."

وأردف:" بعد الاحتلال وضم القدس وفرض القوانين عليها واعتبارها جزء من دولة الاحتلال لم يتم اجراء اي مسح للقدس الشرقية مقارنة بالغربية من ناحية اقتصادية واجتماعية وقامت بفرض الضرائب بصورة غير عادلة وغير منطقية تفوق جدا دخولات الفرد ما ادى الى تراكم الديون على المقدسيين حتى تعدت نسبة المقدسيين المديونين لبلدية الاحتلال حاجز الـ 75%.

زيادة يومية بمعدل 150 اصابة

بدوره، أكد مدير مركز بيت صفافا والقدس د. فؤاد أبو حامد، أن حصيلة عدد الوفيات في مدينة القدس منذ بدء تفشي فيروس كورونا بلغت حوالي 50 حالة وفاة، واكثر من 7000 اصابة منها 2000 حالة نشطة حتى الان واكثر من 100 اصابة موجودة بالمستشفيات جزء مربوط بأجهزة تنفس اصطناعي.

وتابع في حديث لـ "النجاح الاخباري" قائلا:" هناك معدل زيادة يومية للاصابات بحوالي 150 اصابة وذلك منذ بداية الجائحة، وما يقارب 10% من الموجودين في المستشفيات حالتهم في غاية الصعوبة."

وفيما يتعلق بالفحوصات أشار الى أنه لا يوجد تأخر للفحوصات، لكن كم الفحوصات التي تجرى في مدينة القدس اليوم هو كم هائل، وضمن المنظومة الصحية في الداخل، لافتا الى أنه قبل يومين تقريبا تم إجراء رقم قياسي من الفحوصات بلغ عددها حوالي 70000 فحص في يوم واحد .

وأضاف أبو حامد :"لا يوجد رقم محدد أو معطيات دقيقة لان إجراء الفحوصات يتم في محطات مشتركة في الداخل، مشيرا الى انه يتم  اجراء حوالي 3000 فحص بالاسبوع الواحد."

 وبالنسبة لتوقف بعص المحطات عن الفحص، أوضح أن ذلك كان بسبب تراكم هائل في المختبرات وعدد الفحوصات، مضيفا انه في حال تاخر اجراء الفحص بعد سحب العيانت من الممكن أن تتلف.

وأردف قائلا:"اي شخص يريد اجراء فحص بإمكانه التوجه الى مراكز الفحص واجراؤه".

وعلى صعيد الاغلاق الذي أعلنت عنه حكومة الاحتلال وبدأ منذ يوم الجمعة قال أبو حامد أن قوات الاحتلال لا تتواجد داخل القرى نفسها انما على مداخل البلدات، وتمنع التنقل بين الاحياء والى داخل المدينة الا لمن يحمل تصريح ويسمح له بالتنقل  في مثل هذه الظروف، اضافة الى السماح للمواطنين بالابتعاد عن منازلهم حوالي 500م فقط لغرض الرياضة والمشي، علاوة على السمحا بفتح المحلات الحيوية، لكن التجمعات ممنوعة، ويسمح فقط بالتجمع اغاية 10 أشخاص في الاماكن المغلقة في الاماكن المغلقة ، و20 شخصا في الاماكن المفتوحة.

وتابع :"النظام التعليمي معطل بالكامل والمواصلات العامة تعمل بالحد الادني.وبالنسبة للمطاعم تعمل فقط من خلال التوصيل للمنازل ولا يسمح بالتواجد داخلها."

وبالنسبة لعدم الكشف عن العدد الحقيقي للمرضى أشار أبو حامد الى وجود قانون في الداخل يسمى ب "قانون حقوق المريض" وبموجبه يمنع بتاتا نشر اي معلومات طبية عن المريض سواء كان معزولا مصابا ام لا فالامر متعلق بالمريض نفسه والاحصائيات التي تصدر هي دقيقة 100%".

وحذر المواطنون من الإستهتار بالحجر المنزلي والتساهل في قضية المخالطة باعتبار ان معظم الاصابات حدثت جراء عدم الالتزام حيث تجول بعض المصابين وزاروا اقاربهم رغم وجود شكوك بإصابتهم بالفيروس وقبل ظهور نتائج فصحهم .

كورونا ذريعة واهية لاغلاق الاقصى

من جهته حذر رئيس الهيئة الإسلامية العليا في مدينة القدس المحتلة، خطيب المسجد الأقصى، الدكتور الشيخ عكرمة صبري، من استغلال سلطات الاحتلال أزمة كورونا لإغلاق المسجد الأقصى المبارك، وذلك لإخلاء المنطقة بأكملها من المقدسيين، وتسهيل اقتحامات المستوطنين.

وأضاف في حديث ل "النجاح الاخباري":" سلطات الاحتلال استغلت انتشار الوباء استغلالا بشعا سياسيا ودينيا فهي تتخذ من كورونا ذريعة واهية لتأزيم الأوضاع في المسجد الأقصى، وتنفيذ مخططاتها ورفع يد الأوقاف الاسلامية عن المسجد وإغلاقه، "وهذا ما لن نسمح به". 

وبالنسبة للاغلاق الذي حاولت فرضه الاربعاء الماضي أوضح ان سلطات الاحتلال اوهمت دائرة الاوقاف بأنها ستغلق باب المغاربة وتمنع اي دخول للأقصى على ضوء قرار حكومة الاحتلال باغلاق المناطق بشكل عام، لكن تبين فيما بعد ان باب المغاربة سيبقى مفتوحا امام المستوطنين.

وأردف قائلا:" عندما ادركت الاوقاف الاسلامية هذا الخداع وهذه المراوغة قررت استمرارية فتح ابواب الاقصى، مؤكدا ان ابوابه لن تغلق انما كان هناك حديث لاغلاقها وبحمد الله  لم يتم ذلك ولا يوم ولا وقت من الاوقات واستمرت في واجباتها الدينية كالمعتاد".

وفيما يتعلق بالالتزام بالإجراءات الوقائية لمنع تفشي كورونا خلال الصلاة بالمسجد الاقصى أكد أنه يتم اتخاذ كل الإجراءات اللازمة، وكل مصل ملزم بوضع الكمامة إضافة لوجود سجادته الخاصة بحوزته للصلاة. وكذلك التباعد بين المصلين في الصلاة وعدم المصافحة بعد انتهاء الصلاة. اضافة الى عدم التزاحم في الخروج عند الابواب الخارجية للاقصى، وقياس درجات الحرارة وقت الدخول.

ولفت الى انه ومنذ انتشار الوباء في فلسطين لم تسجل اي اصابة من داخل الاقصى لان المصلين ملتزمون بالاجراءات الوقائية كما أن ساحات الاقصى واسعة ، الأمر الذي يدحض أي حجة للاحتلال بإغلاقه بسبب فيروس كورونا.

ووجه نداء لجميع المسلمين في فلسطين من البحر الى النهر قائلا:" كل من يستطيع الوصول الى الاقصى يجب عليه القدوم وذلك لاعماره والصلاة فيه".

وفي تصريحات صحفية سابقة ذكر الدكتور حازم الرويضي، من "لجنة أطباء سلوان"، أن أعداد المصابين بفيروس كورونا في القدس، تضاعف في الموجة الثانية والتي بدأت في مطلع يونيو/حزيران وهي مستمرة بأعداد كبيرة متزايدة  وبنسبة 500%.. موضحا انه في الموجة الأولى من الفيروس في أشهر مارس/آذار وحتى مايو/أيار، بلغ عدد المصابين بالفيروس في القدس الشرقية 177 حالة وقد تشافوا تماما.
يذكر انه ومنذ بداية انتشار الفيروس في المنطقة، وسلطات الاحتلال تحارب أي جهد فلسطيني حتى التطوعي لمحاربة الفيروس. حيث منعت كل الفرق التطوعية من تنفيذ حملات التعقيم، وصادرت معداتها وحبست الناشطين فيها، وفرضت عليهم غرامات مالية.اضافة الى اعتقال رموز سياسية من المدينة كالمحافظ ووزير القدس ومسؤول تنظيم فتح.