النجاح الإخباري - يتساءل الكثيرون كيف أثر التفكك على اقتصاد روسيا وأيهما الأقوى؟

يصادف 30 ديسمبر مرور 100 عام على تأسيس الاتحاد السوفيتي المفكك منذ أكثر من 3 عقود ما أثر حتما على اقتصاده، وبهذا الخصوص.

أظهرت صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" في تقرير لها، مكامن القوى في الاقتصاد السوفيتي وكيف أثر تفكك الاتحاد على الاقتصاد الروسي؟ كذلك قارنت بين قوة الاقتصادين.

في البداية تجدر الإشارة إلى أن حصة الناتج المحلي الإجمالي لجمهورية روسيا كانت تشكل الحصة الأكبر من الاقتصاد السوفيتي، ففي العام 1990 بلغت مشاركة جمهورية روسيا 60.33%، حيث بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي للجمهورية مستوى 1189.6 مليار دولار، فيما كان حجم الناتج المحلي الإجمالي لجميع الجمهوريات السوفيتية 1971.5 مليار دولار.

كذلك تظهر البيانات أن مشاركة الجمهوريات الأخرى كانت ضئيلة، فمثلا حصة الناتج المحلي الإجمالي لجمهورية بيلاروس كانت تشكل 2.7% فقط من إجمالي الناتج للاتحاد فيما شكلت حصة الناتج المحلي الإجمالي لجمهورية أوكرانيا 17.8%.

المساحة:

تعد روسيا أكبر دولة في العالم من حيث المساحة، وتبلغ مساحتها 17.1 مليون كيلومتر مربع، وهي تقريبا ضعف مساحة كندا ثاني دولة من حيث المساحة.

فيما كانت تبلغ مساحة الاتحاد السوفيتي السابق نحو 22.4 مليون كيلومتر مربع، أي أن مساحة روسيا الحالية تشكل 77% من مساحة الاتحاد السابق.

وكان يتألف الاتحاد السوفيتي السابق من 15 جمهورية ذات حكم ذاتي، وكانت اللغة الرسمية هي الروسية، واستخدم كوسيلة للتواصل.

الاقتصاد السوفيتي.. كبير وعظيم:

يقر العديد من الخبراء أن الاتحاد السوفيتي كان قويا حتى في نهاية تاريخه، فعلى الرغم من مشاكله الداخلية، بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي الأسمي للاتحاد في العام 1990 مستوى تريليون روبل سوفيتي ما يعادل 1.7 تريليون دولار استنادا لسعر الصرف السائد حينها الدولار يساوي 59 كوبيك (الروبل = 100 كوبيك).

أما محللو صندوق النقد الدولي فيعتقدون أن الناتج المحلي الإجمالي لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية بلغ في العام 1990 بناء على معيار تعادل القوة الشرائية مستوى 2.7 تريليون دولار أو 12.1% من الاقتصاد العالمي.

فيما يرى خبراء الأمم المتحدة أن القوة الاقتصادية للاتحاد السوفيتي السابق وصلت إلى 14.2% من الأهمية العالمية، وهذا يعني أنها تفوقت على اليابان بنحو 1.5 مرة، وبواقع مرتين على ألمانيا، وبنحو 3 مرات على الصين.

بينما تحتل روسيا في يومنا هذا المرتبة الـ11 في قائمة أكبر الاقتصادات في العالم، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي الأسمي في العام 2021 مستوى 1.61 تريليون دولار، وحقق الاقتصاد الروسي في العام المذكور نموا بنسبة 4.6%.

روسيا اليوم أغنى بـ1.5 مرة من الاتحاد السوفيتي

أصاب تفكك الاتحاد السوفياتي الاقتصاد الروسي بشكل مؤلم للغاية، فبحلول 1997 - 1998، خسر الاقتصاد الروسي أكثر من ثلث "المستوى السوفياتي"، وواجهت صناعات مثل المنسوجات والأحذية خطر البقاء بعد أن فقدت المصادر المحلية للمواد الخام، كذلك ظهرت مشاكل في صناعة الصواريخ والطيران التي كانت تعتمد على المحركات الأوكرانية، أما محطات النفط في في دول البلطيق وخطوط أنابيب الغاز في أوكرانيا، التي تم بناؤها بأموال مشتركة أصبحت خارج روسيا ويجب دفع أموال ثمن استخدامها.

لكن روسيا تمكنت على مدار ربع قرن من إعادة بناء الاقتصاد وتحقيق قدر أكبر من الاستقلال، تم بناء مرافق إنتاج جديدة مثل التي كانت موجودة في جمهوريات الاتحاد.

وتعد روسيا اليوم الكيان الوحيد من الاتحاد السوفيتي الذي لم يفقد الإمكانات الصناعية السوفيتية فحسب بل زادها، وبناء على معيار تعادل القوة الشرائية بلغ الناتج المحلي الإجمالي لروسيا في العام 2015 مستوى 2.5 تريليون دولار ما يعادل 121.9% من المستوى في العام 1991.

ووفقا لبيانات البنك الدولي بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لروسيا في العام 2015 مستوى 25.4 ألف دولار، وهو أعلى بمقدار 1.45 مرة عما كان عليه قبل تفكك الاتحاد السوفيتي.

ويجب الاعتراف بأن الروس أصبحوا يعيشون بشكل أفضل مما كانوا عليه في زمن الاتحاد السوفيتي بما يقرب من مرة ونصف!

الاقتصاد السوفيتي مثل بندقية كالاشنيكوف:

يتساءل الكثيرون لماذا انهارت جميع الجمهوريات السوفيتية السابقة اقتصاديا بعد التفكك وبددت ثرواتها وفشلت في البقاء على الأقل على نفس مستوى القوة الاقتصادية عند الخروج من الاتحاد.

لأن الاتحاد السوفيتي كان مثل الآلة الواحدة كل جزء منها يؤدي وظيفته ما كان يحقق التكامل الاقتصادي، فعلى سبيل المثال تم التركيز في كازاخستان وأوزبكستان على زراعة الحبوب والقطن، أما في ليتوانيا ولاتفيا تمت المراهنة على تطوير الإلكترونيات وهكذا.

الذهب الأسود

بحلول نهاية العشرينيات من القرن الماضي، بلغت صادرات النفط الخام من الاتحاد السوفيتي 525.9 ألف طن أما المنتجات النفطية فبلغت 5.592 مليون طن، وهو أعلى بعدة مرات من مستوى الصادرات في العام 1913.

وصعد هذا المؤشر على مدى السنوات المقبلة ليرتفع من 1970 إلى 1980 بواقع 1.5 مرة من 44 إلى 63.6 مليون طن. وفي العام 1989 بلغت صادرات النفط، بما في ذلك المنتجات النفطية، 215.6 مليون طن.

وفي وقتنا الحاضر، تعد روسيا من الدول الرائدة في إنتاج الذهب الأسود، حيث تحتل المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة والسعودية. ووفقا لبيانات تعود للعام 2019، بلغ إنتاج روسيا من النفط الخام نحو 11.679 مليون برميا يوميا.

واحتلت روسيا في العام 2020 المرتبة السادسة في العالم باحتياطيات النفط، وبحسب بيانات موقع "ستاتيستا" بلغت الاحتياطيات المؤكدة 107.8 مليار برميل.

وبحسب بيانات شركة "بي بي" (BP) تحتل روسيا المرتبة الأولى بين دول العالم من حيث الاحتياطيات المؤكدة للغاز الطبيعي، والتي بلغت بنهاية العام 2020 نحو 1320.5 تريليون قدم مكعبة