نابلس - النجاح الإخباري - خطا التلسكوب الفضائي "جيمس ويب" أمس الثلاثاء خطوة مهمة على طريق نجاح مهمته من خلال نشر درعه الحرارية بالكامل، وهو عنصر أساسي لإجراء استكشافاته الكونية المستقبلية.

ويتألف الدرع الحراري من خمس طبقات كلّ منها بحجم ملعب لكرة المضرب، مهمتها حماية الأدوات العلمية من الحرارة الشديدة للشمس. وقد جرى تمديدها بدقة قبل شدها بالكامل واحدة تلو الأخرى منذ الاثنين.

وبسبب حجمه الضخم الذي يحول دون وضعه داخل صاروخ لإطلاقه ونشره في الفضاء، طوي التلسكوب على نفسه بما يشبه فن طيّ الورق "أوريغامي"، ويتعين نشره في الفضاء، في مهمة فائقة الدقة. وكان نشر الدرع الحرارية من أصعب المحطات في هذه المهمة.

على مدى 30 سنة، ظل التلسكوب الأقوى على الإطلاق في تاريخ استكشاف الفضاء محط انتظار طويل من علماء الفلك من العالم أجمع الذين يتوقون من خلاله لمراقبة الكون بإمكانات غير مسبوقة، خصوصاً أولى المجرات التي تشكلت بعد بضعة مئات ملايين السنوات من الانفجار العظيم.

وانطلق التلسكوب قبل أكثر من أسبوع من غويانا الفرنسية، وهو حالياً على بعد أكثر من 900 ألف كيلومتر من الأرض. ولا يزال في طريقه لبلوغ مداره النهائي على مسافة 1.5 مليون كيلومتر من الأرض، أي أربع مرات المسافة الفاصلة بين كوكبنا والقمر.

ومن المستحيل إجراء أي عملية إصلاح في حال حصول أي مشكلة فنية على هذا البعد.

لذلك يتعين إجراء عملية النشر التي يتم التحكم بها من بالتيمور على السواحل الأميركية الشرقية، من دون أي خطأ. ويتناوب أكثر من 100 مهندس حالياً على مدار الساعة للتأكد من أن الأمور كلها تحصل بحسب المخطط الموضوع لها.

ونقلت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" الثلاثاء الحدث في بث حي عبر الإنترنت. وبسبب عدم وجود أي جهاز على متن المركبة بإمكانه التقاط صور للمرصد نفسه، كانت الصور الوحيدة المتاحة ملتقطة من غرفة التحكم بالعمليات، حيث صفقت الفرق المسؤولة عن متابعة عملية نشر الدرع الحرارية طويلاً إثر الإعلان عن شد الطبقة الخامسة بنجاح.

تنفس الصعداء

وتبلغ مساحة هذه الدرع الحرارية 20 متراً على 14، وهي مصممة على شكل ماسة. وكانت طبقاتها التي تأتي بسماكة شعرة من شعرات الرأس، مطوية على شكل آلة الأكورديون.

وهي مصنوعة من مادة الكابتون التي اختيرت بسبب مقاومتها درجات الحرارة القصوى. فالجانب الأقرب من الشمس يمكن أن يتحمل 125 درجة مئوية، كما يمكن للجانب الأبعد منها تحمل حرارة تبلغ 235 درجة تحت الصفر.

واحتاج نشرها استخدام مئات البكرات والكابلات لتوجيهها فضلاً عن محركات تسمح بمد كل شراع من كل جانب من جوانب الماسة. وقد تم التمرن على هذه العملية مرات كثيرة على الأرض لكن المسؤولين عن المهمة كانت لديهم مخاوف كثيرة بشأنها.

وكان بيل أوكس مدير برنامج "جيمس ويب" قد قال قبل بدء العمليات الاثنين: "عندما أسأل ما الذي يؤرقني ليلاً، أقول: نشر الدرع الحرارية.. سنتنفس جميعاً الصعداء" عندما تنتهي هذه المهمة.

جاهز في خمسة أشهر ونصف

وقد نشرت الطبقات الثلاث الأولى ومدت بنجاح الاثنين. وصباح الثلاثاء نجحت الفرق في فتح الطبقتين المتبقيتين.

وهذه الدرع الحرارية حيوية لأن أجهزة "جيمس ويب" العلمية لا يمكن أن تعمل إلا في درجة حرارة منخفضة جداً وفي الظلام. والجديد الذي يحمله هذا التلسكوب هو أنه سيعمل فقط مع الأشعة دون الحمراء القريبة والمتوسطة وهي موجات لا تُرى بالعين المجردة.

وللتمكن من رصد الأنوار الضئيلة الآتية من أقاصي الكون يجب ألا توثر عليه إشعاعات الشمس بتاتاً أو تلك التي تعكسها الأرض أو القمر.

وستكون المرحلة المقبلة نشر المرايا، بدءًا بمرآة ثانوية صغيرة سيتم نصبها على حامل ثلاثي القوائم.

ويلي ذلك نصب المرآة الرئيسة المغطاة بالذهب والبالغ قطرها حوالي 6.6 أمتار والتي سيفتح جانباها الوحد تلو الآخر.

وما إن تنجز إعدادات "جيمس ويب" كلها، سيتوجه التلسكوب إلى نقطة "لاغرانج 2". وينبغي عندها تبريد الأجهزة ومعايرتها وضبط المرايا بدقة أكبر.

وبعد ستة أشهر على انطلاقه، سيكون التلسكوب جاهزاً للوصول إلى بدايات الكون فضلاً عن البحث عن بيئات قابلة للسكن خارج النظام الشمسي