ماجد هديب - النجاح الإخباري - غريب امر قيادة الصف الأول في حركة حماس الذين يحاولون دوما تصوير الحركة على انها قد حققت الكثير من الإنجازات للشعب الفلسطيني ، وذلك في الوقت الذي ما زالت تشتد فيه معاناة هذا الشعب بفعل الانعكاسات المتتالية والمتلاحقة لسياستهم الفوضوية والاعتباطية ،بل والأكثر غرابة ان نجد هؤلاء انفسهم يخاطبون الشعب وكانه يلتف حولهم ويصفق لهم احتراما وتقديرا رغم إدراكهم ان الشعب قد وصل إلى مرحلة الاشمئزاز من وجودهم ،والقرف من استمرار سيطرتهم على غزة ،حيث كان الاجدر بحركة حماس في ذكرى انطلاقتها  تقديم دراسة لا تخلو من التقييم الذاتي لأدائها وعلاقاتها ،مع جرأة النقد للممارسة  والسلوك طيلة سنوات سيطرتها على غزة ،وليس الاتجاه نحو اطلاق الشعارات التي كانت وما زالت وبفعل امراء الحروب سببا في تحول شعب التضحية والفداء  من اجل الحرية وتثبيت الهوية الى شعب يتسول على اعتاب الامريكان وتجار البندقية.

حقيقة كنت قد حاولت عدم الكتابة عن حركة حماس في ذكرى انطلاقتها، ليس خشية منها او عدم وجود ما يمكن الكتابة فيه عنها، بل لأنها قد وصلت الى مرحلة متقدمة من انكشاف زيف برامجها وشعاراتها امام كافة فئات شعبنا وشرائحه الاجتماعية والسياسية، ولكن وما ان قرات ما كتبه بعض قادتها في الآونة الاخيرة عن غزة في ظل سيطرتهم عليها، والتي بدت في مجملها وكأننا أصبحنا نعيش في حالة من الاستقرار والكرامة، بل وفي حالة من الاستقلال في دولة يسودها العدل والرخاء والحكم الرشيد حتى وجدت نفسي اكتب مطالبا ومتسائلا أيضا.

على حركة حماس ان نقف لحظة مع الذات في ذكرى انطلاقتها بحثا عن إجابة  للكثير من التساؤلات المطروحة من اجل إعادة الامل لشعبنا الذي أصبح بفعل سياساتها وسيطرتها على غزة في مرحلة من الاندثار ،ومن أجل إعادة الطهارة للبندقية الفلسطينية التي باتت مأجورة لمن يدفع أكثر بدريعة البحث عن الماء والدواء والغداء بعد ان كانت تلك البندقية من أجل التحرر والبناء ،وهنا أجد نفسي متسائلاً أيضا عن ماهية المقاومة التي تغنى بها هؤلاء في ذكرى انطلاقة حركتهم وأين هي؟ ،وعن حقيقة النجاح السياسي ،والدبلوماسي ،والإعلامي ،والثقافي والاجتماعي ،والإغاثي والتعليمي أيضا الذي يتفاخرون بإنجازه ، وعن الحكم الرشيد والتعاون الاجتماعي الذي أكدوا وجوده وتكريسه في ظل انعدام أدنى مقومات المعيشة وغياب العدل، وعن الامن الداخلي الذي أكدوا استتبابه في ظل تفاقم الجريمة وتصاعد البطالة  ،وعن الوحدة القوية أيضا بين الحركة والشعب في ظل الانقسام الاجتماعي الذي اصبح مخيفا، أم أن المقاومة التي يتغنى بها هؤلاء هي التي دفعت قوات الاحتلال الإسرائيلي بإنهاء كل ما تغنى به هؤلاء ،وباستنزاف طاقات شعبنا أيضا ومقدراته، وإنهاء كامل إنجازاته، والقضاء على كافة مجالاته العسكرية والسياسية والمجتمعية والتربوية والثقافية والجماهيرية؟

عندما أطلق الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الرصاصة الأولى للثورة الفلسطينية في الفاتح من يناير عام 1965 ،فانه كان يسعى بذلك الى تحويل الشعب اللاجئ المتسول على أعتاب مؤسسات التموين إلى مقاتل  من أجل الحرية وتثبيت الهوية، فكان العمل على إعادة القرار الفلسطيني الذي سلبته الأنظمة العربية لحماية مصالح الاستعمار ،وكانت عودة نفس هذا المقاتل بالبندقية ليمارس الإدارة للثورة والبناء من داخل الوطن نفسه، ثم الانتقاضات المسلحة المتصلة والمتلاحقة والتي كادت أن تعمل على تثبيت فلسطين جغرافيا ،لولا تخاذل وتآمر بعض الفصائل وفي مقدمتها حركة حماس ،التي نجحت في إعادة شعبنا إلى مرحلة ما قيل انطلاقة الثورة ،وهي مرحلة انحطاط الكرامة والتسول والوصاية والبندقية المأجورة ،وعليه قان على حركة حماس أن تتقدم في ذكرى انطلاقتها  بالاعتذار للشعب الفلسطيني لما ارتكبته بحقه، فبعد أن كان شعب يناضل من أجل الحرية وتثبيت الهوية، فانه الان ،وبفعل سياسة الحركة الاعتباطية والفوضوية قد أصبح شعبا يتسول على اعتاب الامريكان وتجار البندقية.