غزة - مارلين أبوعون - النجاح الإخباري - تزداد الأزمات على المواطن في غزة ،يوماً بعد يوم ،حتى ترى العصبية الزائدة أصبحت سمة تميزه عن الآخرين في أي منطقة ومدينة في فلسطين ، ومع دخول شهر رمضان ، وزيادة الأعباء عليه ، تجده لا يحتمل شيء مع الصيام ،والحرارة المرتفعة ، والضائقة المالية التي كادت تخنقه .

وما إن تسير في شوارع القطاع في الشهر الكريم ،فتجد كثيراً من المشاحنات على الطرقات خصوصاً بين السائقين الذين يتدافعون وراء بعضهم بمركباتهم يسابقون الوقت لإيصال رُكابهم لأماكن سكناهم ، وتلمح تداخل للسيارات ومن هنا تبدأ الأصوات العالية ، فيعمدون إلى ارتكاب سلوكيات تتسم بالعصبية والحدة، ويظهر ذلك على تصرفاتهم معللين ذلك بالصوم. فيظن البعض أن الجوع والعطش والامتناع عن التدخين يجعل مزاج الصائم متعكرا بالإضافة إلي المقولة الشهيرة بأن «الجوع كافر» فتصدر تصرفات وألفاظ غير اخلاقية .

ومن أشهر العبارات التي ترافق السائق الصائم في رمضان في مثل هذه المواقف "اللهم اني صائم"، وكأنها باتت عذراً لمن يخطئ في هذا الشهر الفضيل، على الرغم أنه الأولى وبحسب تعاليم وقيم ديننا الإسلامي أن تُهذب النفوس خلال هذا الشهر، وأن تتبارك أيامه بالتسامح والمحبة بين المواطنين.

"النجاح الاخباري" استطلعت آراء بعض المواطنين والسائقين على الطرقات خلال رمضان .

السائق محمد زكريا أكد أنه من الأشخاص الذين يستخدمون هذه العبارة "اللهم إني صائم "فيقول لمراسلة النجاح الاخباري :" في الأيام العادية نصادف أشخاصاً مختلفين بطبائعهم وأخلاقهم ،بالإضافة لبعض السائقين الذين لا يحترمون آداب المهنة ،فنضطر لمسامحتهم وأحيانا يزودونها ويتلفظون بألفاظ خارجة ،فهنا لا نسكت."

وأضاف زكريا :" في شهر رمضان ،وأنا أعمل في الأجواء الحارة وأسير في الشوارع لمسافات طويلة طول الوقت باحثاً عن لقمة عيشي ، فأطفالي ليس لهم ذنب إن عدت لهم بدون طعام أو لا أستطيع تلبية احتياجاتهم ،فأظل طول اليوم بسيارتي أعمل ،وأثناء اليوم طبيعي أن أقابل أناس غريبي الأطوار والأخلاق ،فأقصر الشر وأكتفي بكلمة اللهم إني صائم ،حتى لا أتهور عليه ولا أضربه وهكذا والحمد لله يمشي اليوم ."

ولفت زكريا أن السويعات القليلة قبل آذان المغرب ،هي صعبة جداً عليه وعلى جميع السائقين ،من جهة العطش والجوع ومن جهة ثانية تشهد الطرق ازدحامات مرورية خانقة ،فجميع المواطنين يحاولون الوصول لمنازلهم قبل آذان المغرب، لذلك تبدأ المشاكل بين السائقين الذين يتدافعون بمركباتهم ويخلقون أزمة مرورية ومشاحنات لا عد لها ولا حصر.

اقرأ أيضاً: حكم قول "رمضان كريم "و"اللهم إني صائم " في الاسلام

أما السائق الخمسيني أبو خالد طافش الذي بدت على ملامح وجهه الشقاء والتعب من عناء يوم طويل قضاه في العمل دون كلل أو ملل ،قال عن يومياته بين السائقين والمواطنين في رمضان :" بصراحة هذه ليست أخلاق السائقين ،فأنا أعمل سائق منذ 25 عاما ولم تكن هذه أخلاقنا ، سواء في الأيام العادية أو في رمضان ،فكان التسامح والأخلاق الحميدة هي السائدة بين السائقين ،لكن اليوم لا أجدها بين الغالبية العظمى منهم .

وتابع طافش :" اليوم بعض السائقين يُحملون الناس ،ويُحملون جميع من حولهم أنهم صائمون، ولا يعرفون كثيراً عن آداب المهنة ، بل أنهم يتمادون بعصبيتهم الزائدة والغير مبررة ،وفي رمضان بالذات تزيد أكثر ولا أدري لماذا ؟؟، فما إن تحدث مشاحنات بين بعض السائقين ببعضهم أو هُم والمواطنين ، يبادرون بلفظ "اللهم اني صائم"."

الأربعيني محمد العسلي يقول لمراسلة النجاح الاخباري :" أنا بطبعي عصبي ،وفي رمضان بالذات تزداد عصبيتي ،فلا أحب أن يتكلم معي أحد كثيراً، لكن هناك بعض الأشخاص لا يفهمون الكلام الا اذا تشاجرت معه ،وفي رمضان أحاول أن أتمالك نفسي واكتفي بالقول "اللهم اني صائم" ، وأكررها حتى لا أفقد صيامي , حتى أنهم في البيت باتوا يعرفونني كثيراً ، وإن وجدوني لا أريد التحدث مع أحد يتجنبوني."

وعند سؤاله عن سبب ازدياد العصبية في رمضان على وجه الخصوص قال:" أنا مدخن وطبيعي انقطاعي عن التدخين لساعات طويلة ،يجعلني في مزاج سيئ طوال الوقت ."

يخالفه الرأي سعيد الريماوي حيث أوضح أن رمضان فرصة لتهذيب النفوس واصلاحها ، وأن الانسان العصبي يمكن أن يهذب من أخلاقه في رمضان ،بقراءة القرآن ،أو حضور حلقات لتعليم القرآن الكريم ،أو بعمل أي أمر من شأنه زيادة حسانته وتقربه  من الله تعالى."

وعن رأي الدين في هذا الخصوص فقد حث الاسلام جميع الصائمين في هذا الشهر الفضيل على تهذيب النفس وإرضاء الله، فشهر رمضان هو فرصة للترقي الروحي من تلاوة القرآن وفي القيام ومن التسامح فيما بينهم .

وأنه من الأخطاء الشائعة التي يمارسها الناس في رمضان ، عصبيتهم الزائد ومن ثم يبررونها بقولهم " اللهم إني صائم " و هذا التبرير خاطئ وأن من يفعل ذلك يكون لا يعرف حقيقة الصيام .لذلك على الناس في رمضا أن يتركوا القيم الخاطئة والعادات السيئة ،ويلتزموا بكل الأعمال التي تقربهم من الله .

حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الصيام جنة ، فإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل ، فإن امرؤ شاتمه فليقل : إني صـائـم ، إني صـائـم)