نابلس - النجاح الإخباري -  

نشرت صحيفة التايمز البريطانية، للمرة الأولى، تقارير حول تفاصيل ما وصفته بـ"نبش كنز القذافي المفقود".

وقالت الصحيفة إنها توصلت إلى معلومات جديدة حصرية، حول "مخبأ الملايين" الخاصة بالعقيد الليبي الراحل، معمر القذافي.

وأشارت الصحيفة في تقريرها الاستقصائي إلى أنَّها توصلت، من خلال عمليات البحث والتنقيب إلى أنَّ القذافي كان يستخدم "قبوًا" تابعًا لرئيس جنوب أفريقيا السابق، جاكوب زوما، من أجل إخفاء الملايين.

وأوضحت الصحيفة أنَّ القذافي أخفى ما يقدر بنحو (30) مليون دولار أمريكي سرًّا في "مخبأ سري" في أحد المنازل التابعة لرئيس جنوب أفريقيا السابق.

وأردفت التايمز: "ذلك ما توصلنا إليه حتى الآن، وقد يكون هناك مفاجآت أخرى بالبحث والتنقيب حول كنوز ومليارات ليبيا المفقودة، منذ الإطاحة بنظام القذافي".

وقالت الصحيفة إنَّها توصَّلت إلى تلك المعلومات عن طريق مصادر داخل جنوب أفريقيا، بعدما تمَّ الكشف عن تلك الملايين، خلال عملية نقل سرّيّة تمَّت من "قبو سريّ" داخل منزل زوما في ناكاندلا الجنوب أفريقية إلى مملكة "إسواتيني" التي كانت تعرف سابقا باسم "سوازيلاند".

وقالت المصادر، إنَّ "القذافي نقل تلك الملايين إلى صديقه رئيس جنوب أفريقيا، للحفاظ عليها عندما يحتاجها هو أو أحد أبنائه قبل فترة قصيرة من مقتله في أكتوبر (2011)".

وكان زوما قد نفى في أكثر من استجواب برلماني معرفته إذا ما كان القذافي يخفي فعليًّا أموالًا في جنوب أفريقيا أم لا، وموقع تلك الأموال إذا كانت موجودة.

يذكر أنَّ زوما تربطه علاقة صداقة قوية مع القذافي، حتى أنَّه زار العقيد الليبي الراحل عدة مرات في طرابلس خلال ثورة (2011)، نيابة عن الاتحاد الأفريقي للتوصل إلى حلّ سياسي عاجل للأزمة المندلعة في البلاد، والتي تسبَّبت في تدخل الناتو من أجل الإطاحة بالقذافي.

وكان برلمان جنوب أفريقيا قد استجوب الرئيس السابق، جاكوب زوما، في يونيو (2013)، عن سبب عدم اعتقاله مدير مكتب القذافي، ورئيس صندوق استثمار ليبيا في أفريقيا، بشير صالح بشير، رغم صدور مذكرة إنتربول حمراء بحقه، زعم أنَّ جهات الأمن لم تتمكن من مراقبة أو منع حركة مدير مكتب القذافي، وبعدها اجتمع وزير المالية مع وفد ليبي ووعدهم بإعادة الأموال الليبية إلى البلاد، لكن أشارت الحكومة إلى أنَّ صراع الجماعات المتناحرة يحول دون ذلك.

كما طالبت السلطات الليبية مرارًا من رئيس جنوب أفريقيا الحالي، سيريل رامافوسيا، بضرورة المساعدة في البحث عن "الملايين المفقودة".

وألمحت الصحيفة البريطانية إلى احتمالية تورّط رئيس جنوب أفريقيا الحالي، في عمليات إخفاء "كنوز" القذافي، خاصة وأنَّ رامافوسيا، زار بنفسه مملكة إسواتيني في مطلع مارس الماضي، ومعه عدد من وزراء المجموعة الأمنية والاقتصادية، فيما وصف بأنَّه لمناقشة التعاون مع الملك مسواتي الثالث.


وقالت الصحيفة إنَّ تلك المحادثات لم يكن لها أيّ أطر أو أجندة، ما يشير إلى أنَّ هناك هدف آخر للزيارة.

كما سبق أن تعرَّض مدير مكتب القذافي، ورئيس صندوق استثمار ليبيا في أفريقيا، بشير صالح بشير، لمحاولة اغتيال في جنوب أفريقيا، وهو ما يوصف بأنَّه أحد الضالعين في إخفاء كنوز القذافي.

وتحدَّث المحلل السياسي، بيتر فابريكس، في معهد الدراسات الأمنية الجنوب أفريقي، عن محاولة اغتيال مدير مكتب العقيد الليبي الراحل، بشير صالح بشير، في العاصمة الجنوب إفريقية "جوهانسبرج"، والذي يوصف بأنَّه "خزنة أسرار القذافي".

وأشار إلى أنَّ محاولة الاغتيال تلك، تثير تساؤلات حول "السر الخفي"، الذي جعل "خزنة أسرار" القذافي وحامل "أختامه" البنكية، يختار البقاء في جنوب أفريقيا.

وأوضح فابريكس أنَّ مصادر حكومية، رفضت الكشف عن هويتها، أكَّدت أنَّ بشير يعيش في جوهانسبرج منذ أكثر من (5) سنوات، منذ هروبه من طرابلس إثر سقوط نظام القذافي عام (2011)، حيث هرب أوَّلًا إلى النيجر، ثمَّ إلى فرنسا، ومنها إلى جنوب أفريقيا.

وتحدَّث فابريكس، قائلًا: "ما يجعل عنوان التحليل منطقيًّا، هو أنَّ هناك شكوكًا قوية بأنَّ حكومة جنوب أفريقيا تحمي خزنة أسرار القذافي لسبب ما".


ونقل الكاتب الجنوب أفريقي عن نفس المصادر قولها إنَّ بشير يخبئ جانب كبير من أموال القذافي في جنوب أفريقيا، والتي قد تصل إلى (100) مليار دولار أمريكي.

وما يؤكِد ذلك الأمر، بحسب المحلل، هو أنَّ بشير قام في فترة سابقة، بتخزين ما يوازي مليار دولار من النقد والذهب والأحجار الكريمة في مستودع بمطار "أور تامبو الدولي" الجنوب أفريقي.

ويقول فابريكس، يبدو أنَّ بشير، ليس فقط، خزنة أسرار القذافي، بل هو حامل أختام "الكنز المفقود" أيضًا.

وفسَّر قائلًا: "حاول فريق من خبراء الأمم المتحدة العثور على الأموال أو الكنز الخاص بالقذافي وصندوق الاستثمار السيادي الليبي في جنوب أفريقيا، لكن دون جدوى، ويبدو أنَّ طريقة إخفائه كانت معقدة بصورة غير مسبوقة، حيث استمرت عملية البحث عنه منذ (2011) حتى (2015) دون جدوى".

يذكر أنَّه من بين الألغاز التي لم تحلّ حتى الآن فيما حدث في ليبيا مسألة أموال القذافي وأسرته، أين ذهبت؟ ومن يتحكم في إدارتها حاليًّا؟ خاصة بعد قرارات تجميد أمواله الذي أصدره مجلس الأمن الدولي.

في (26/ فبراير/2001)، أصدر مجلس الأمن الدولي في جلسة خاصة عقدها في مقرّ الأمم المتحدة بنيويورك قرارًا بتجميد أرصدة العقيد الراحل معمر القذافي مع خمسة من أفراد أسرته، بما فيها تلك التابعة للمؤسسة الليبية للاستثمار البالغة (67) مليار دولار. وفي شهر أكتوبر من سنة (2011)، اتّفقت دول الاتحاد الأوروبي على أنَّ العقوبات تشمل أصول القذافي المجمدة دون سواها، غير أنَّ الفوائد المترتبة على هذه الأصول استثنيت من العقوبات، بعد شهر سبتمبر سنة (2011).

ولم تقدّم السلطات الليبية أيَّ تقارير رسميَّة عن نشاطاتها المالية، ولكن بحسب "سي ان ان" فإنَّ المؤسسات المالية التي تتابع النشاطات الاستثمارية للدول تؤكّد أنَّ ثروات ليبيا موزعة على الأقل في (35) دولة تنتشر في أربع قارات، وتشمل عقارات فخمة ودور نشر في بريطانيا، وصولاً إلى منتجعات وفنادق بالشرق الأوسط وحتى حصص في نادي يوفنتوس الإيطالي لكرة القدم، وشركة "فيات" للسيارات، فضلًا عن البنك الملكي الاسكتلندي وشركة بيرسون.

ومن جهتها قالت صحيفة "إندبندنت الجنوب أفريقي"، في تقرير لها عام (2014)، إنَّها اطلعت على وثائق رسميَّة من حكومة جنوب أفريقيا تؤكّد وجود (179) مليار دولار —على أقل تقدير- محتفظ بها بشكل غير قانوني، في مرافق للتخزين في محافظة غوتنغ في جنوب أفريقيا، بالإضافة إلى مئات الأطنان من الذهب، وكمية كبيرة من الألماس.

أصدر المجلس الوطني الانتقالي، ومن بعده المؤتمر الوطني العام السابق، ومجلس النواب الحالي قرارات بشأن تشكيل لجان فنية للبحث عن الأموال المهربة، يصل عددها إلى حوالي (50) جهة.

وفي مارس (2016)، تقدَّم إبراهيم الدباشي مبعوث ليبيا للأمم المتحدة برسالة إلى مجلس الأمن الدولي، يطلب فيها بالموافقة على استثناء صندوق الثروة السيادية الخاص بها من العقوبات لوقف خسائر تقدر بمليار دولار سببها سوء إدارة الأصول المجمدة.

وأكَّد الدباشي وقتها على أنَّ حكومته "لا تريد استخدام الأصول بل تريد ضمان وقف التراجع المستمر في قيمتها بسبب سوء الإدارة، في ظلّ حظر نظام العقوبات الحالي التعامل بهذه الأصول".

ونقل موقع أصوات المغاربة عن أبو بكر بعيرة، عضو مجلس النواب، أنَّ "غياب حكومة رشيدة قادرة على توحيد الجهود هو السبب في الصعوبات الاقتصادية التي تشهدها البلاد".