غزة - مصطفى الدحدوح - النجاح الإخباري - عجَّت وسائل التواصل الاجتماعي بتداول صور الجندي المجهول في مدينة غزة، والذي أقدمت حركة حماس على تغيير معالمه بعد أن حطَّمته عقب سيطرتها على القطاع.

وعبّر رواد المواقع عن رفضهم لما أقدمت عليه حماس التي تسيطر على القطاع منذ (2007) مطالبينها بالاعتذار لفلسطين، والعمل على تصحيح فعلوه من تغيير لمعالم صرح النصب التذكاري للجندي المجهول.

وبين عشية وضحاها استيقظ سكان القطاع ليجدوا النصب التذكاري للجندي المجهول والذي يحمل تاريخًا وطنيًّا و معاني الثورة والنضال الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ووجد تكريمًا لجندي فلسطيني مجهول الهوية ضحّى من أجل القضية، ليقام نصب تذكاري على قبره في عام (1957).

تبدأ حكاية صمود هذا الصرح التاريخي بعد تعرّضه للتدمير من قبل قوات الاحتلال عام (1967)، وأعادت السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس الراحل ياسر عرفات بناءه من جديد، حيث أزاح الستار عنه بعد ترميمه في عام (2000)، ثمَّ تعرَّض لمحاولة تفجير عام (2005) بقصف صاروخي إسرائيلي، وفي تاريخ (2007) تمَّ تفجيره من قبل حركة حماس.

واليوم تمسح كافة معالم هذا الصرح بعد قيام حكومة غزَّة (حماس) بتغيير شكل وهيكلية هذا النصب التاريخي، ليجوب النفور والرفض  وسائل التواصل.

ورصد موقع "النجاح الإخباري" جملة من الانتقادات التي دوَّنها عدد من الكتاب والمثقفون الفلسطينيون معبرين عن رفضهم المطلق والمطالبة بإعادة تصحيح الأمور.

وقال د أحمد يوسف أحد الشخصيات البارزة في حركة حماس على صفحته الشخصية على موقع فيس بوك: "مجرد ملاحظة، مع تقديرنا لاجتهاد بلدية غزَّة في ترميم مقام "الجندي المجهول" إلا أنَّ الحفاظ على التراث ودلالاته الرمزية أفضل من التجديد وإسقاط صفحات من التاريخ. "الجندي المجهول" له قيمة تاريخية ووطنية يتوجب الحفاظ عليها".

وأما المحامي محمد أبو هاشم الذي عبَّر عن أسفه وندمه في غياب الوعي في الحفاظ على المعالم التاريخية التي تحمل جوهر مسيرة النضال الشعبي الفلسطيني على مرّ التاريخ، والذي دوَّن على حسابه الشخصي: "بقالي يومين مش عارف أعلّق على اللي انعمل في منصة الجندي المجهول، الآن أنا مش هناقش في رمزية "الصنم" الذي تمَّ تدميره يوم الانقلاب في غزة".

وتابع: "كنت بس أتمنى لما تعملوا مجسم لقبة الصخرة يكون يليق برمزية المكان، يعني اتعبوا فيه شوية، مش عاملين انتفاخ على قاعدة مربعة، وغارسين فيها علم، يعني لو واحد ما بعرف القبة وعقله شمال، كيف ممكن نقنعه أنه هاد مجسم لواحد من أهم وأقدس الأماكن في فلسطين؟".

وكتب منصور عبد الكريم باحث مختص في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية: "أنَّ الضَّجة المثارة حول تمثال الجندي المجهول في غزَّة بعد أن قامت حركة حماس بهدمه، بعد سيطرتها على القطاع بالقوة، ومن ثمَّ حاولت مؤخَّرًا تغير معالم المكان، تؤكِّد على أمرين: 

الأوَّل أنَّ حكم الحركة في غزَّة يجد معارضة كبيرة، بدليل رفض أيّ سلوك سياسي أو ثقافي أو أيّ خطوة تقوم بها الحركة سواء كان ذلك عن حسن أو سوء نية.

الأمر الآخر يؤكِّد محاولة الحركة محو أيَّة علاقة بغزة في الماضي، أي أنَّها تريد محو ذاكرة التاريخ من عقول أهل غزَّة وتثبيت حقائق جديدة، تمثل هذا في تغير كثير من أسماء الشوارع والمدارس والأماكن العامة، بهدف تضليل المجتمع وتغير معالم الهوية الوطنية العامة.

ما يحدث ليس مجرد تغير شكل تمثال الجندي المجهول، إنَّما هو محاولة لإقامة إمارة على نمط ثقافي وفكري محدَّد أصبحت ملامحها واضحة كأشعة الشمس.

ودون جودت أبو رمضان على صفحته لماذا وضعت حكومة غزَّة خارطة لفلسطين تحمل اعتراف بحدود عام (1967) على الرغم من الأحاديث المستمرة من الرفض المطلق بالاعتراف، والأخطر من ذلك لماذا وضعت لون قطاع غزة باللون الأخضر؟ إلى ماذا ترمز وماذا تطمح في خطوتها؟.

وتداول عدد من النشطاء الإعلاميين عبر موقع فيس بوك "هاشتاق" اعيدوا الجندي المجهول، في حين تداول آخرون أسقطوا الجندي المجهول لأنَّ يده تشير إلى فلسطين المحتلة (48) ولأن بيده سلاح، وأنَّ الذي دمر الجندي المجهول، أراد تدمير الرمزية التي يحملها بحق الكفاح والسلاح والعودة.

وأمام رفض الشارع الغزّي لسلوك تغيير ملامح الجندي المجهول، يبقى السؤال، هل ستستجيب حركة حماس لنبض الشارع وإعادة الجندي لما يحمله من رمزية تاريخية ونضالية للشعب الفلسطيني؟