نابلس - عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - باب الرحمة، احد الأبواب الأساسية للمسجد الأقصى، وهو من اجملها، حتى ان الأجانب يسمونه الباب الذهبي لجماليته. وبني زمن الخلافة الأموية، ويبعد 200 متر عن باب الأسباط من الزاوية الجنوبية. ويقال ان الأمويين أغلقوه، خشية من عودة الفرنجة (الصليبيين)، والدخول منه للمسجد، ومن ثم للمدينة المقدسة. وهناك رأي يقول، ان العثمانيين، هم من أغلقه. 
في العام 2003 قامت قوات المستعمرين الصهاينة بإغلاقه مجددا، وفي الأيام الأخيرة حاولت أجهزة أمن الاحتلال الاسرائيلي بالتعاون مع قطعان السمتعمرين والجمعيات الاستيطانية فرض السيطرة على الباب ومحيطه لأغراض استعمارية، منها: أولا- فرض التقسيم الزماني والمكاني داخل المسجد الأقصى المبارك. ثانيا- تنفيذ مشاريع استيطانية استعمارية من خلال السيطرة على الأراضي المحيطة به. ثالثا- وضع أعمدة وركائز القطار الإسرائيلي في ذات المنطقة، كجزء من عملية الهيمنة على المسجد والأرض خطوة خطوة. رابعا- قياس ردة فعل الجماهير الفلسطينية. بتعبير آخر محاولة استشراف الكيفية، التي سيتعامل بها الفلسطينيون ضد الإجراءات الإسرائيلية. خامسا- حرف الأنظار عن طابع الصراع الأساسي، اي النضال الوطني والقومي، وتحويله لصراع ديني، لتشويه صورة الكفاح التحرري، ودفع الأمور نحو هاوية الحروب الدينية. سادسا- ضمن عملية الضم التدريجي للحوض المقدس، تقوم باللجوء لعملية قضم متدحرج لمسجد الصخرة، الذي يعتبر عنوانا اساسيا من عناوين المواجهة، فإن تمكنت أجهزة الأمن الصهيونية وملحقاتها الاستعمارية من الفوز بالخطوة الرئيسية، فإن باقي الخطوات التهودية تصبح تحصيلا حاصلا. 
لكن التقديرات الإسرائيلية في اختيار المكان والزمان لقياس نبض الشارع، كانت فاشلة 100%، وليس بنسبة أقل. حيث اكدت التجربة الفلسطينية ان هناك حساسية في الوعي واللاوعي الوطني تجاه المسجد الأقصى خصوصا، والحوض المقدس عموما. ولا يمكن تحت اي اعتبار من الاعتبارات التهاون، او التغاضي، او التراخي عن اية جريمة، أو انتهاك إسرائيلي استعماري ضد اي معلم من معالم المسجد الأقصى المبارك. الأمر الذي دفع الجماهير الفلسطينية ورجال الأوقاف الإسلامية ومناضلي فصائل العمل الوطني، وخاصة مناضلي حركة فتح، الذين نالهم النصيب الأكبر، لا بل النصيب الوحيد من عمليات الاعتقال، حيث تم فجر أمس الجمعة اعتقال أكثر من خمسين مناضلا منهم. فضلا عمن تم اعتقالهم قبيل وأثناء فتح بوابة الرحمة مع أذان صلاة الظهر بالمسجد الأقصى، ولا يقل عددهم عن الـ 40 مناضلا. 
مرة اخرى تؤكد الجماهير المقدسية وقوفها العنيد والصلب في مواجهة المخطط الإسرائيلي الأميركي لضم العاصمة الفلسطينية الأبدية، وتأبى ان تسمح لهم، مهما استخدموا من ادوات البطش والإرهاب المنظم الدولاني. لأن إيمانهم بحقوقهم التاريخية في زهرة المدائن، وفي مقدمتها الحوض المقدس والحائط الغربي، حائط البراق لا ينازعهم عليه أحد، وكل الافتراءات الإسرائيلية الكاذبة، وعمليات التزوير نفتها الوثائق والحقائق التاريخية وقرارات الشرعية الدولية. ولا يمكن لأي عاقل ان يتساوق معها. 
امس الجمعة (22/2/2019) تمكنت الجماهير الفلسطينية من هزيمة المستعمر الإسرائيلي، واستطاعت بإرادتها الفولاذية من فتح باب الرحمة للمرة الأولى منذ ثلاثة عشر عاما. واكدت للقاصي والداني، ان الإرادة الفلسطينية، المعززة بالحقوق والثوابت الوطنية، وقرارات الشرعية الدولية كفيلة بأن تقبر صفقة القرن، والمشروع الاستعماري الإسرائيلي. 
ورغم عظمة العطاء الفلسطيني، فإن المعركة ما زالت على المسجد الأقصى، والحوض المقدس في بداياتها لبلوغ الهدف الاستعماري الأشمل، وهو ضم المدينة المقدسة كلها لإسرائيل المارقة والخارجة على القانون، الأمر الذي يتطلب من الكل الفلسطيني تعزيز حراسة المسجد والأماكن المقدسة، وكل شبر في العاصمة الفلسطينية الأبدية. وايضا تستدعي من الأشقاء العرب، والدول الإسلامية، والأصدقاء الأمميين، والمنابر الدولية ذات الصلة، وخاصة الأمم المتحدة، والأقطاب المركزية في العالم من تحمل مسؤولياتها تجاه القرصنة الوحشية الإسرائيلية، التي تشاركها إياها الولايات المتحدة. لم يعد هناك مشروعية لصمت الأشقاء والأصدقاء، وهو ما يدعوهم جميعا لدعم الكفاح الوطني التحرري إزالة للاستعمار الإسرائيلي عن أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران 1967، وفتح أفق للسلام الممكن والعادل. 
[email protected] 

نقلا عن الحياة الجديدة