أحمد الشنباري - النجاح الإخباري - لم تترد نسوة شمال قطاع غزّة في التوجّه إلى سوق الأحد الشعبي، المقام في مدينة الشيخ زايد شمال القطاع، فالتسوق والتبضع في سوقٍ شعبي يوفّر لهن كلَّ احتياجاتهن، في ظلِّ ما يمرُّ به القطاع من أزمات اقتصادية خانقة، على مدار عقد من الزمن.

ويوم الأحد هو موعد إغلاق الشارع الرئيس في مدينة الشيخ زايد، ليقام سوقاً شعبياً، يضم بين أروقته كلَّ ما تحتاجه الأسرة "من الإبرة إلى الخيط"، حتى أصبح مزارًا لفئات مختلفة من ربة المنزل إلى طالبات الجامعات وحتى كبار السن.

بين جنباته سيدة تقرأ في وجهها حكاية أطفال ينتظرون عودتها، وقد جمعت في غلتها ما يُلبّي قوت يومهم الطويل، وعلى جانب آخر شاب جامعي نسي سنوات دراسته، لتراه على بسطةٍ يبيع اكسسورات صادحًا بصوت يجوب أرجاء السوق.

مراسل "النجاح الإخباري" التقى بعضاً من النسوة اللاتي ارتدن السوق وتجوّلن بين بسطاته وخيامه المتعدّدة، فالسيدة الخمسينية أم محمد المصري تقول "نأتي كلَّ يوم أحد إلى هذا السوق نتسوق ونشتري كلّ ما نحتاجه خلال الأسبوع من خضار وأدوات منزلية وما ينقص البيت".

وتضيف، "نبحث عن السلع الرخيصة فالوضع الاقتصادي صعب جداً، وليس باستطاعتنا الشراء من محال أخرى".

لكن سناء عبد العاطي ترى في مجيئها إلى سوق الأحد الشعبي تخفيفًا لكثير من الأعباء قائلة "مجرد أن نأتي إلى سوق شعبي قد يخفّف عنّا عبئ التفكير في حجم الإنفاق مقارنة بغيره من الأماكن، ملابس الأطفال أقل سعراً، وكذلك الخضار ومتطلبات المنزل".

أما المواطن أحمد الزعانين والذي أصبح يؤجّل شراء احتياجاته إلى يوم الأحد، حيث يذهب من ساعات الصباح الباكر، ليجد ما يحتاجه بأسعار مغرية تناسب دخله المحدود، مضيفاً:

"أوفّر قرابة ثلثي المبلغ الذي أتسوق فيه وهو ما يمثّل خمس الراتب، وهذا يعني توفير متطلبات الحياة على سلّم أولوياته".

ولا تختلف بضائع الأسواق عن تلك الموجودة في المحال التجارية الأخرى، بل تنافسها في السعر والجودة، وهذا ما أكَّدته السيّدة رجاء حين قالت: "اشترت ابنتي حقيبة بـ(35) شيكلًا، في حين اشترت أختها حقيبة من هذا السوق بنصف المبلغ"، مضيفة منذ ذلك اليوم وأنا ارتاد سوق الأحد لشراء احتياجاتي.

ولم تعد تقتصر زيارة السوق على ربات المنازل وأزوجهن، فالشابة سها الكحلوت(21)عاماً تجد مبتغاها في شراء ما تحتاجه من أحذية وحقائب بأسعار وصفتها بأنّها خارقة في مقابل تلك الموجودة في المحال الأخرى.

البائعون والتجار أنفسهم يرون في مثل هذه الأسواق فرصة جيّدة لأصحاب الدخل المحدود في توفير احتياجاتهم، فالتاجر حسن زعرب الذي يتنقل طيلة أيّام الأسبوع في كلّ المحافظات يقول لمرسلنا: "الأسعار المنخفضة التي نطلبها مقابل السلع عائدة إلى أمرين، الأوَّل أنَّنا نبيع بسعر الجملة، وهذا يعني بيع كميات ضخمة بيع كثير مقابل أرباح معقولة، مما يضمن لنا عدم تكدس بضائعنا".

وفي نفس السياق يجد الشاب خليل عبيد مصدر رزقه في سوق الأحد عبر بسطةٍ صغيرة يبيع عليها اكسسوارات وأغراض نسائية، قائلاً: "اشتري بسعر الجملة وأبيعها للزبائن فعلى سبيل المثال أبيع دستة الشيل والحجاب بمبلغ (60) شيكلًا، في حين تبيع المحلات الأخرى الشالة الواحدة بـ(20)  شيكلًا"، لافتاً إلى أنَّه يربح في ذلك اليوم (50) شيكلًا.

ويتّخذ كثير من التّجار يوم الأحد يومًا للتنزيلات ترغيبًا للناس وتسويقًا لبضائعهم.

ومن وجهة نظر اقتصادية يرى الخبير في الشأن الاقتصادي أمين أبو عيشة، أنَّ الأسواق الشعبية تعمل على عرض السلع والأغراض بمختلف أنواعها وهو ما يحبّذه الزوار، وغالباً ما تكون أسعارها في متناول اليد، مضيفاً أنَّ أغلب الباعة من فئة الشباب الذين يحاولون التغلّب على الفقر والبطالة من خلال عرض السلع، بحثًا عن فرصتهم في هذه الأسواق.

ويضيف أبوعيشة لمراسنا: "إقبال الناس على الأسواق الشعبية، يأتي نتيجة دورات التصفية والتنزيلات التي يتبعها التجار في عملية عرضهم، وقد يرى المواطن هذه البضائع ذات جودة عالية كتلك الموجودة في المحال التجارية الأخرى، مفسّرًا ذلك إلى عدم وجود نفقات كأجار المحلات ومصاريف تشغيلية أخرى يتحملها أصحاب المحلات التجاريّة.