هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - سيناريو إقامة كونفدرالية بين الأردن والضفة الغربية عاد يطفو على السطح مجدَّدًا، بعد أن كشف الرئيس محمود عباس عن المقترح أمس، الأحد، أنَّ فكرة الكونفدرالية موجودة على جدول أعمال القيادة الفلسطينية منذ العام (1984)، وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة: "إنَّ موقف القيادة منذ ذلك الحين وإلى الآن يؤكّد أنَّ حلَّ الدولتين هو المدخل للعلاقة الخاصة مع الأردن، مضيفًا أنَّ قرار الكونفدرالية يقرّره الشعبان.

وكان الرئيس قال، إنَّ الإدارة الأمريكية عرضت عليه برنامجًا سياسيًّا يقوم على أساس كونفدرالية مع الأردن، لكن الرئيس ردَّ بأنَّه سيوافق على هذه الخطة في حال كانت إسرائيل أيضًا جزءًا من هذه الكونفدرالية.

جاءت أقوال الرئيس عباس، خلال استقباله، اليوم الأحد، بمقرّ الرئاسة في مدينة رام الله، وفدًا من حركة "السلام الآن" الإسرائيلية، ضم سكرتير عام الحركة شاكيد موراغ، وعضوي الكنيست موسى راز عن حزب ميريتس، وعن المعسكر الصهيوني كسينيا سفيتلوفا، ونشطاء سلام من حزب الليكود، بحسب ما نقلته صحيفة يديعوت العبرية.

وكانت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام الناطق باسم الحكومة الأردنية جمانة غنيمات، قالت: "إنَّ فكرة الكنفدرالية بين الأردن وفلسطين غير قابلة للبحث والنقاش".

وقالت في تصريح لـ "عمون" الأخبارية الأردنية: "إنَّ الموقف الأردني ثابت وواضح تجاه القضية الفلسطينية، ويقوم على حلّ الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود (1967) وعاصمتها القدس الشرقية.

وأشارت إلى أنَّ الملك طالما أكَّد على أنَّه لا بديل عن حلّ الدولتين، وَقّاد الجهود الدبلوماسية لتكريس الموقف الأردني، مبيّنة أنَّ مقترح الكونفدرالية ليس مطروحًا للحديث والنقاش".

رسالة الرئيس من المقترح

وحول هذا أوضح الكاتب والمحلل السياسي  طلال عوكل أنَّ القضية يجب أن لا تؤخذ على هذا القدر من الجدية والتداول الواسع، خاصة وأنَّ المقترح مطروح منذ أكثر من (40) عامًا.

وأكَّد عوكل في تحليل خاص لـ"النجاح الاخباري" أنّ أصل الكونفدرالية هو إقامة دولة، ولا يمكن أن تقوم السلطة بإقامة علاقات كونفدرالية مع أيّ طرف دون إقامة دولة فلسطينية والاعتراف بالسلطة.

وتساءل عوكل قائلًا حتى يكون المقترح جديًّا، هل هناك إمكانية لدولة فلسطينية بمواصفات الأمم المتحدة ومقبولة فلسطينيا؟.

وأشار إلى أنَّ المقترح الأمريكي أراد نسف القضية بإزالة ملف القدس واللاجئين وفصل الضفة عن غزة لتطبيق صفقة القرن، على أن تتم الكونفدرالية بما تبقى من الضفة بعد مصادرة اسرائيل (60%) منها.

وفي المقابل رأى عوكل أنَّ الرئيس أراد توصيل رسالة برؤية سياسية واضحة عندما ذكر موضوع الكونفدرالية، ومغزى هذه الرسالة، "أنَّنا حاولنا وأبدينا مرونة شديدة، ولدينا استعداد لكونفدرالية بين فلسطين وإسرائيل والأردن، تقوم على أساس قرارات الأمم المتحدة، ولكن إسرائيل نسفت كلَّ شيء ولا تريد ذلك".

وأضاف أنَّ الرئيس يريد سلامًا يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية على أساس المشروع الوطني.

واستبعد المحلل السياسي نجاح هذا المقترح، مرجّحًا صعوبة تطبيقه في ظلّ رفض مفاوضات السلام من قبل إسرائيل.

للرفض أسباب

بدوره عزا الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله سبب فشل هذا المقترح إلى رفض الأردن لذلك نتيجة خشيتها من إلقاء عبء الفلسطينيين عليها، كدولة بديلة، إضافة إلى خشيتها من تحويل الأردن كحارس للأمن الاسرائيلي، وحراسة القوات الأردنية على الحدود مع الإسرائيليين.

وأوضح عطا الله في تحليل خاص لـ"النجاح الاخباري" أنَّ الحديث عن الكونفدرالية وفقًا للمقترح الأمريكي استثنى قطاع غزة، وهذا ما لن يقبل به الفلسطينيون، قائلًا: "في ظلّ الرفض الفلسطيني الأردني للمقترح سيصبح هذا مشروعًا إسرائيليًّا أمريكيًّا حالم خارج عن المنطق".

ونوَّه إلى أنَّ إسرائيل تهدف إلى زيادة أشكال التطبيع، بفصل غزَّة عن الضفة، وتحويل الأردن كحارس، وتحقيق حلم الوطن البديل وإنهاء وجود الدولة الأردنية.

وكانت قد كشفت صحيفة "هآرتس" أنَّ المقترح الأمريكي الذي عرض على الرئيس محمود عباس مؤخَّرًا بإعلان كونفدرالية بين الضفة الغربية والأردن، هو مقترح إسرائيلي بالأساس.

وحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإنَّ المقترح ينصُّ على أن تكون الضفة الغربية المحتلة باستثناء القدس تحت الرعاية الأمنية الأردنية، لتحمي حدود الكونفدرالية  مع إسرائيل، على أن تعلن إسرائيل ضمّ القدس والمستوطنات إليها دون معرفة مصير غور الأردن، إن كان سيبقى تحت الاحتلال الإسرائيلي أو سيكون خاضعا للكونفدراليّة المقترحة.

المخرج الوحيد

المحلل السياسي د. عماد بشتاوي أكَّد أنَّ مقترح الكونفدرالية من وجهة نظر الرئيس، عبارة عن مخرج، في ظلِّ استحالة قيام دولة فلسطينية ودولة قابلة للحياة، إلا بالارتباط بشكل أو بآخر مع الأردن وإسرائيل أو كلاهما.

وأوضح بشتاوي في تحليل خاص لـ"النجاح الاخباري" أنَّ الرئيس أضاف إسرائيل تحديدًا نظرًا إلى أنَّ هناك قضايا لا تحل إلا بوجودها من ضمنها اللاجئين والاقتصاد وغيرها.

ورجَّح بشتاوي أن يكون هذا المقترح أكثر قابلية للتنفيذ، في ظلِّ رفض إسرائيل أن يكون الفلسطينيين ضمن دولتها، وفي الوقت ذاته لا تستطيع منحهم دولة ضمن الرؤية الفلسطينية، فكان مقترح الكونفدرالية مخرجًا للطرفين.

ويذكر أنَّ وحدة الكونفدراليّة، مردُّها إلى العام (1949) حين تمَّ عقد مؤتمر أريحا، بين زعامات فلسطينيّة طالبت بوحدة الضفة الغربية مع المملكة الأردنية الهاشمية، وتمّت الوحدة فعلا عام (1950) وأجريت انتخابات مناصفة بين ضفّتي نهر الأردن، الغربية والشرقية.

وأصبح، بموجب الاتفاق، مواطنو الضفة الغربية مواطنين أردنيين واندمجوا في مؤسسات الدولة، دون أي اعتراف عربيّ ودولي، إلى أن احتلت إسرائيل الضفة الغربية عام (1967)، قبل أن يعلن الأردن فكّ الارتباط، في أعقاب إعلان رئيس منظمة التحرير، ياسر عرفات قيام دولة فلسطين من الجزائر حينها.