غيداء نجار - النجاح الإخباري - عند الساعة السادسة والنصف صباحاً يقطعون حوالي ثلاثة كيلومترات بين الرمال والصخور، فيمرون من "عبارات" فارغة، وخلال سيرهم يتركز تفكيرهم في الخوف من خيبة أملهم في الوصول دون إيجاد مرادهم.. نحن لا نتحدث عن أحد أفلام الأكشن بل نحن في صحراء الخان الأحمر شرقي القدس المحتلة.

أطفال بهندامهم المدرسي المعتاد بالمريول المخطط للفتيات، وبلوزة زرقاء للفتيان، يقطعون طريقهم المليئة بالمخاطر ليصلوا لمدرستهم الواقعة في قرية الخان الأحمر؛ وهي منطقة بدوية في الضفة الغربية، تقع في المنطقة التي أقامت بها سلطات الاحتلال مستوطنتي "معاليه أدوميم" و"كفار أدوميم"، في محاولة لتنفيذ المخطط الاستيطاني الكبير المعروف باسم E1 لربط مستوطنة "معاليه أدوميم" بمدينة القدس المحتلة وتوسيع حدود المدينة على حساب الفلسطينيين، وأصدر الاحتلال أوامره بهدم تلك القرية وبالتالي هدم أحلام الطلبة.

مدرسة الخان، أو "مدرسة الإطارات" كما يطلق عليها والتي تأسست عام 2009، من اطارات المركبات "الكوشوك" والطين، وبعضها من القش، وتحوي طلبة الصف الأول حتى التاسع، بالإضافة لغرفة التكنولوجيا ومختبر العلوم، وغرفة للمدرسات وعددهن 15 معلمة، وغرفة خاصة بالمديرة.

وبحسب رئيس مجلس قروي الخان الأحمر عيد أبو داهوك، فالاحتلال لا يدمر الخان فقط، بل مستقبل 170 طالب وطالبة هم الآن على مقاعد الدراسة.

وقال في حديث مع "النجاح الإخباري": "إنه وقبل تأسيس مدرسة الخان كان على الأطفال أن يسافروا حتى بلدة العيزرية والتي تبعد 14 كم عن القرية، أو إلى أريحا وتبعد 22 كم، ولكن كانت هذه الرحلة خطيرة وأدت إلى عدة حوادث طرق، على إثرها لقي خمسة أطفال مصرعهم عن طريق الدهس على الشارع الرئيسي، بالإضافة لتهجم المستوطنين على الأطفال وقطع الطريق والاعتداء عليهم بالضرب وسرقة أداوتهم المدرسية من كتب ودفاتر، كما ان هناك بعض الأهالي لم يسمحوا للفتيات بالالتحاق للمدرسة بسبب هذه الأوضاع".

وتابع أبو داهوك: "كانت السلطات الإسرائيلية أخطرت المدرسة المشيدة من الطين والإطارات بالهدم منذ تأسيسها، بحجة البناء في منطقة مصنفة "ج" الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، حسب اتفاق أوسلو الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993".

وأشار إلى أن المدرسة تخدم أربعة تجمعات سكانية وهي: تجمع أبو داهوك، وأبو عراره، والتبنه، أبو الحلو.

وأردف: "إذا طبق الاحتلال تهديده بهدم الخان سيتم الاغلاق على القدس وتقسيم الضفة الغربية وهو مخطط إسرائيلي لترحيلنا لقرية باب الشمس في منطقة العيزرية وبناء المستوطنات على أراضينا".

أربع وأربعون مدرسة في الضفة الغربية تواجه حالياً خطر الهدم، حيث تطالب منظمة إنقاذ الطفل بالالتزام الفوري لحماية المدارس والحق في التعليم لآلاف الأطفال بالضفة الغربية.

ولمواجهة مخططات الاحتلال بهدم مدرسة الخان، افتتحت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، ونشطاء هيئة مقاومة الجدار والاستيطان العام الدراسي مبكراً في القرية قبل شهر من موعده.

وقالت الطالبة في الصف السابع بمدرسة الخان سجود الجهالين: "قطعنا اجازتنا الصيفية وعدنا لافتتاح مدرستنا مبكراً لحمايتها والدفاع عنها، فالاحتلال ينوي هدمها وهدم مستقبلنا معها، فهي آملنا الوحيد بالتعلم".

وأضافت "نخرج من بيوتنا عند الساعة السادسة والنصف صباحاً، لنقطع مسافات مختلفة، فهناك طلبة من التجمعات المجاورة مضطرون للمشي 3 كيلو متر، ليصلوا للمدرسة، بالإضافة للمرور من داخل عبارات".

وأوضحت، أن الحياة والظروف التي يمرون بها قاسية وصعبة، ولكن حقهم في التعلم بمدرتهم يدفعهم للصمود والصبر.

وتابعت الجهالين بكلمات من الأسى: "لا نريد لمدرستنا أن تهدم بل أن تبقى للأبد، وفي حال هدمت لن نجلس بالبيت بل سنجلس على حجارتها ونكتب على التراب، بأي طريقة كانت".

وعبرت الطالبة عن فرحتها بعدد المتضامنين مع قضيتها وحماية مدرستها، مشيرةً "أن ما يقوي الاحتلال هو سلاحه وفي حال لم يكن لاستطعنا هزيمته".

وبحسب مديرة المدرسة حليمة زحايقة، فان للأطفال إرادة وعزيمة في الحصول على حقهم بالتعلم في مدرستهم، فبالرغم من كل تهديدات واعتداءات الاحتلال، وبالإضافة للحرارة المرتفعة في الصفوف كونها مصنوعة من الصفيح وضيقة إذ لا تحوي سوى 6 مقاعد أي 12 طالب ، إلا أنهم يضطرون لتحمل كل ذلك.

وتابعت: "ما جري يؤثر بشكل كبير على نفسية الطلبة، فهم دوماً يخشون الليل خوفاً أنه عند عودتهم في الصباح ألا يجدون مدرستهم".

زحايقة تقطن ببلدة السواحرة والتي تقع في الجنوب الشرقي لمدينة القدس، وتبعد عن الخان الأحمر حوالي 8 كم، وحول ما يدفعها للمجيء والوقوف بجانب طلبة الخان، قالت: "كلنا فداء هذه الأرض، وان تكون مدرستنا ثابتة بجذورها".