ساري جرادات - النجاح الإخباري - موقع فلسطين الجغرافي المتوسط بين قارات العالم، وتنوعها المناخي جعلها محطة للطيور المهاجرة أثناء رحلتها الموسمية بحثاً عن الكلأ والماء، حيث يعد طائر الحجل "الشنار" من معالم الحياة الفلسطينية البسيطة التي سبقت الاحتلال، فتغنى به شعراء الثورة الفلسطينية بوصفه أحد أركان الحياة التي يحن الفلسطينيون لها في غربتهم.

ويروي الحاج حسين الزبيدي (70 عاماً) من سكان بلدة سعير شمال الخليل، عن ذكرياته الجميلة مع طائر الشنار بألوانه الزاهية فيقول بعد أن أخذ نفساً عميقاً عله يساعده في الحديث عن طفولته البسيطة: "كنا نستمع لصوته الشجي في موسم الحصيدة، وفي ساعات المساء نبحث عن بيوته "الأعشاش".

واستطرد الحاج الزبيدي حديثه بالقول: "كنا نعثر على بيض "دحو" الشنار في الأعشاش التي يبنيها بين الحشائش وتحت الصخور والنتش، وفي أحد المرات عثرت على 23 بيضة، وعملت جهدي للحفاظ عليها حتى تفقس وتنتج الفراخ لأنقلها لمنزلي، وبعد أقل من أسبوعين وجدتها طيوراً تحلق في سماء برية سعير".

طائر الشنار يرقد على بيضه

ويعتبر طائر الحجل والمعروف باسم الشنار بجمال مظهره, ومن أهم معالم الحياة البرية في فلسطين، وأنه حادّ البصر والسمع وذكي، يعدو بسرعة لا مثيل لها بين الصخور والأعشاب، ومراتعه المفضلة هي الهضاب، والأودية والبراري والغابات والجبال، ولذلك كان صيده من أصعب الصيد لشدة سرعته بالهروب للجبال والأماكن الوعرة.

وأشار مربي الطيور، علي البص، من بلدة السموع جنوب الخليل لـ"النجاح الإخباري" إلى وجود حوالي 500 نوع من الطيور المهاجرة تعبر فلسطين سنوياً، وأوضح وجود عدة أنواع من الطيور قد انقرضت جراء قيام الاحتلال بتشييد المستوطنات وشق الطرق الالتفافية وبناء جدار الفصل العنصري في مدينة الخليل.

وتابع البص "رغم التوسع العمراني الكبير وتغير أنماط الزراعة في محافظة الخليل، ما زالت مساحات مقطعة الأوصال من طبيعتها الخضراء ماثلة لليوم، كما أدى الإفراط في استخدام الأسمدة الكيماوية والمبيدات، إلى التأثير على الحيوانات البرية كالأرانب والغزلان وطيور الشنار، فغابت عن الأرض، وبقيت في ذاكرة أطفال الأمس ورجال اليوم.

رئيس بلدية يطا راتب هديب قال لـ "النجاح الإخباري": "كنا نمضي طفولتنا في البحث عن طائر الشنار في مسافر يطا، وأكاد أجزم أن تلك المظاهر المتنوعة للحياة البرية تكاد تنعدم اليوم، وهذا يعود بلا شك إلى استيلاء الاحتلال على مئات آلاف الدونمات من مساحات أراضي مسافر يطا البرية".

وأكد مدير مديرية سلطة جودة البيئة في الخليل بهجت جبارين لـ "النجاح الإخباري" أن مقالع الحجر الموجودة في بلدات سعير والشيوخ وتفوح شمال الخليل أدت إلى هجرة الكثير من طيور الشنار في تلك المناطق، بالإضافة لسرقة سلطات الاحتلال لطيور الشنار، واستهدافها للحياة البرية الفلسطينية.

وأدت ممارسات الاحتلال لإعاقة التواصل الطبيعي بين طيور الشنار التي تتنقل من مكان لآخر بحثاَ عن الكلأ والماء والطبيعة الواسعة، وساهم الجدار والمستوطنات التي تبنى فوق مناطق مرتفعة وإحاطتها بسياج حديدي في حرمانها من التزاوج والتواصل فيما بينها، واختفاء العديد من النباتات التي تتغذى عليها.