النجاح الإخباري - حاولنا قدر الإمكان أن نجعل الكلمات توصل مقدار الألم حين سمعناه من عائلة الأسيرة المقدسية إسراء جعابيص، إما ذاك الذي تشعر به في جسدها المحترق أو الذي يلتهم داخلها أو ما تعيشه العائلة بعد فراقها ويلتهب بخوفها وقلقها على ابنتها.

وتحاول العائلة التي تقطن منطقة جبل المكبر شرق القدس المحتلة أن تتناسى لو لحظة هذا الوجع، ولكنها من جديد وفي كل دقيقة تستذكر المأساة التي حلت بها في شهر تشرين الأول عام 2015.

أما معتصم الطفل الذي تتناسى مأساته كل مؤسسات العالم الدولية التي تهتم بالأطفال وتوفر لهم العناية اللازمة، لا تجد مكانا بين ثناياها لطفل فقد أمه وما عادت تغني له قبل نومه ولا تحتضن براءته، الآن يعيش في عالم اللا حياة بعيدا عن هذا الحضن الدافئ.

تقول منى شقيقة إسراء لـ مكتب إعلام الأسرى إن الطفل معتصم يتساءل دائما عن والدته وعما حلّ بها، لأنه لم يزرها إلا مرة واحدة ورأى وجهها محترقاً ولكنه لم يكترث بذلك، وبعد عودته إلى منزله بقي يفقد كلماته التي يريد أن يصف من خلالها شعور اشتياقه لوالدته، يجلس وحيدا صامتاً وبه ألف جرح.

"الوضع المأساوي لإسراء لا يمكن شرحه بالكلمات" هكذا اختصرت منى كل حكاية شقيقتها، وحين سألناها عن وضعها الصحي قالت إنها في كل يوم تعيد ذلك مرات ومرات ولكنها في كل مرة تتحدث عنه كأنها المرة الأولى.

وتقول:" إسراء تعاني من حروق من درجات متباينة في أكثر من نصف جسدها، لا تسمع جيدا لأن أذنيها منصهرتان برأسها، لا تأكل جيدا، لا تنام تقريبا، لديها تشنجات في أطرافها وتشققات في جلدها المحترق النازف، حالتها النفسية سيئة للغاية وهي تقريبا بلا حياة".

أما الجزء الآخر لأوجاع العائلة هو كيف تناسى العالم هذه السيدة، كيف صمت على ظلم بدأ بحقها منذ أكثر من عامين، عانت الأمرّين وتعرضت للتحقيق بينما هي محترقة بالكامل وملتفّة بالقماش الأبيض في إحدى المستشفيات الاسرائيلية، تم تحويلها إلى سجن الشارون مع بقية الأسيرات وحاولت الاندماج معهن مع كل ما يحمل الأمر من ألم، إلا أنها وجدت حاجزاً عاليا بينها وبين كل الناس بسبب الألم الذي يحرق قلبها قبل جسدها.

وتحاول منى أن تبعث برسائل عدة؛ الأولى إلى الضمير الذي من الممكن أن يكون حياً بأن يساهم بكل شكل في إنقاذ إسراء، والثانية إلى العالم الصامت الذي لم يدر عن مأساة شقيقتها إلا مؤخرا بينما هل تلوك وجعها منذ أكثر من عامين دون أن يكترث أحد لما تقاسيه.. ينتهي حديثنا مع منى ولكن القصة لم تنته أبداً، وما زالت إسراء في سجون الظلم تعتلي جدار الحزن وتغنّي لطفلها المبعد عنها.

المصدر: اعلام الاسرى