النجاح الإخباري - أدان أعضاء بارزون في الحزب الجمهوري الأمريكي الرئيس دونالد ترامب لفتحه الطريق أمام التوغل التركي وتخليه عن أكراد سوريا الذين كانوا حلفاء أوفياء للولايات المتحدة في قتال تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.

وقد أكدت تركيا إن قواتها سيطرت على أهداف كانت قد حددتها في سوريا، وذلك في اليوم الثاني من هجوم على المقاتلين الأكراد بعد أن فتح انسحاب القوات الأمريكية الباب أمام مرحلة جديدة وخطيرة في الحرب الدائرة منذ ثماني سنوات.

وقالت تركيا "العضو في حلف شمال الأطلسي": "إنها تعتزم إقامة منطقة آمنة من أجل إعادة ملايين اللاجئين السوريين، لكن القوى العالمية تخشى أن يفاقم الهجوم الصراع ويزيد من مخاطر هروب سجناء تنظيم الدولة الإسلامية من معسكرات يحتجزون بها في المنطقة وسط الفوضى".

وقالت الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد في شمال سوريا: "إن سجناً يضم أخطر المجرمين من أكثر من 60 دولة تعرض لقصف تركي، وإن هجوم تركيا على سجونها يهدد بحدوث كارثة"، فالقوات السورية الديمقراطية التي يقودها الأكراد تحوي الآلاف من مقاتلي الدولة الإسلامية وعشرات الآلاف من أقاربهم.

ولفتت تركيا أن الهجوم يحقق مكاسب، وكتبت وزارة الدفاع التركية على تويترر"أبطالنا من القوات الخاصة الذين يشاركون في عملية نبع السلام يواصلون التقدم شرقي الفرات"، مشيرةً في بيان لها أنه تمت السيطرة على الأهداف المحددة.

وأظهر مقطع مسجل بثته قناة (سي.إن.إن ترك) رافعة تزيح جزءا خرسانيا من الجدار الحدودي أثناء الليل والقوات الخاصة تتحرك في صف بمحاذاة الحاجز.

وقال صحفي من رويترز في بلدة أقجة قلعة التركية الحدودية: "إن حوالي 30 عربة تحمل مقاتلين من المعارضة السورية والعديد من الشاحنات الصغيرة المزودة بأسلحة مضادة للطائرات كانت تتحرك على الجانب التركي من الحدود مع بلدة تل أبيض السورية، ترافقهم أيضاً نحو عشر عربات عسكرية تركية مدرعة. ولم تتضح وجهتهم بعد".

وأكد شاهد من بلدة أقجة قلعة في وقت سابق اليوم، أن زخات من الصواريخ أطلقت عبر الحدود.

في حين أوضح شاهد آخر أن القوات التركية قصفت أهدافا قرب رأس العين صباح اليوم الخميس وردت قوات سوريا الديمقراطية.

وصرحت الوزارة: "إن الجيش التركي أصاب 181 هدفا للمقاتلين الأكراد في ضربات جوية وقصف بالمدفعية منذ بداية العملية في شمال شرق سوريا".

بالمقابل، كتبت قوات سوريا الديمقراطية على تويتر تقول "إن أحد السجون التي تضم سجناء من تنظيم الدولة الإسلامية تعرض للقصف في غارة جوية تركية".

في حين قال مسؤول أمريكي: "إن الجيش الأمريكي نقل اثنين من كبار قادة تنظيم الدولة الإسلامية كانت قوات سوريا الديمقراطية تحتجزهما إلى مكان آمن خارج البلاد"، بينما قال مسؤول آخر "إنهما ينتميان لمجموعة مقاتلين بريطانيين يطلق عليها اسم ”ذا بيتلز“ ارتبطت بقتل رهائن غربيين".

وقال مدير الاتصالات بمكتب الرئيس التركي فخر الدين في مقال نشر قبل ساعات من بدء الهجوم "إن ترامب وافق على نقل قيادة الحملة الدولية ضد تنظيم الدولة الإسلامية إلى تركيا، وأن تركيا ساعدت مقاتلي المعارضة السورية في احتجاز أسرى من الدولة الإسلامية في وقت سابق من الحرب السورية"، مشيراً إلى أنه من مصلحة بلاده "الحفاظ على ما حققته الولايات المتحدة".

وقال صحفيون من رويترز: "إن الهدوء ساد أقجة قلعة أغلب أوقات الصباح بعد إطلاق نار متقطع وسماع أصوات تحركات الدبابات في الصباح الباكر، وإن انفجارات هزت تل أبيض أثناء ليل الأربعاء".

وكتب نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي على تويتر "عملية نبع السلام مستمرة عبر الحدود كما هو مخطط"، وتعتبر تركيا المقاتلين الأكراد جماعة إرهابية بسبب صلاتهم بمقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين يخوضون تمردا منذ عقود في جنوب شرق تركيا.

وذكرت تقارير إعلامية تركية، أن القوات دخلت سوريا من أربع نقاط، اثنتان منهما قريبتان من تل أبيض والأخريان قرب رأس العين التي تقع أبعد نحو الشرق.

وقالت قوات سوريا الديمقراطية: "إن الضربات الجوية قتلت ما لا يقل عن خمسة مدنيين وثلاثة من مقاتليها كما أصيب عشرات المدنيين، وفر آلاف السكان من رأس العين باتجاه محافظة الحسكة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية".

ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الهجوم التركي بأنه "فكرة سيئة" وقال إنه لا يؤيده.

وأضاف أنه يتوقع من تركيا حماية المدنيين والأقليات الدينية ومنع حدوث أزمة إنسانية، كما وعدت.

وسيجتمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اليوم الخميس لبحث الوضع في سوريا بناء على طلب الدول الأوروبية الخمس الأعضاء: بريطانيا فرنسا ألمانيا بلجيكا وبولندا.

وأبلغت أنقرة مجلس الأمن المؤلف من 15 دولة في رسالة بأن العملية العسكرية ستكون "متناسبة ومحسوبة ومسؤولة".

كما وقالت جامعة الدول العربية التي تضم 22 دولة إنها ستعقد اجتماعا طارئا يوم السبت.

ودافع ترامب في مؤتمر صحفي أمس الأربعاء عن السياسة الأمريكية فيما يتعلق بالأكراد، قائلا "إن واشنطن أنفقت أموالا طائلة لتسليحهم وتمويلهم".

وأضاف ”الأكراد يقاتلون من أجل أرضهم... كما كتب أحد في مقال قوي جدا اليوم، لم يساعدونا في الحرب العالمية الثانية، لم يساعدونا في نورماندي على سبيل المثال... لكنهم كانوا هناك لمساعدتنا عندما تعلق الأمر بأرضهم وهذا أمر مختلف“.

وتابع قائلا ”بعد قول كل هذا، نحب الأكراد“.

لكن أحد أقرب حلفاء ترامب من الجمهوريين، وهو السناتور لينزي جراهام، قال "إن التخلي عن دعم الأكراد سيكون أكبر خطأ في رئاسته" وكشف عن إطار عمل لفرض عقوبات على تركيا مع السناتور الديمقراطي كريس فان هولن.

وكانت الجماعة الكردية السورية على مدى سنوات حليف واشنطن الرئيسي، وقد يكون التوغل واحدا من أكبر المنعطفات منذ سنوات في الحرب السورية التي اجتذبت إليها قوى عالمية وإقليمية.

ولعب الأكراد دورا قياديا في انتزاع أراض من تنظيم الدولة الإسلامية، ويهيمنون حاليا على أكبر مساحة من الأراضي بسوريا خارج سيطرة الرئيس بشار الأسد.