وفاء ناهل - النجاح الإخباري - صفعة مفاجئة على الصعيد السياسي،  تلقاها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، يوم أمس عندما طلب منه مستشار الرئيس الامريكي جاريد كوشنر،التريث بتنفيذ قرار "الضم"، خلال مكالمة هاتفية، حيث أبلغ نتنياهو، قادة المستوطنات في الضفة، أن الوضع مع الإدارة الأميركية لم يعد كما كان قبل 5 أشهر، فهل اختلفت اولويات الرئيس الامريكي دونالد ترامب؟ وهل اصبح اهتمامه  في الفترة الحالية منصباً على السياسة الداخلية؟.

مختصون أكدوا أن الازمات التي تعيشها الولايات المتحدة في الوقت الحالي، من كورونا الى الاحتجاجات الحالية،  ستكون سبباً في تحول أوليات الإدارة الامريكية خاصة وانها ستترك ندبة واضحة على مستقبل الرئيس الامريكي السياسي، كما ان "اسرائيل"، لا يمكن ان تتخذ اي قرار وتمضي بتنفيذه دون أخذ الضوء الأخضر الأمريكي؟

المسألة تتعلق "بالتوقيت"

الخبير بالشأن السياسي الدولي د.مخيمر أبو سعدة، يرى بأن أكبر أزمتين تعرضت لهما الولايات المتحدة الأمريكية منذ الحرب العالمة الثانية، هما كورونا وتبعاتها، والاحتجاجات الحالية، التي تجتاح المدن الامريكية، لليوم التاسع على التوالي، وهي الاوسع منذ حركة الحقوق المدنية قبل حوالي 60 عاماً.

وتابع في حديث لـ"النجاح الاخباري": استطلاعات الراي العام تشير لتراجع شعبية الرئيس الامريكي دونالد ترامب وازدياد شعبية منافسه بالانتخابات القادمة جو بايدن ولذلك الادارة الامريكية، لم تلغي صفقة القرن او قرار الضم، بل طلبت من نتنياهو التباطئ والتريث لانهم مشغولون بمشاكلهم الداخلية حالياً، اضافة لتقديرات امنية في"اسرائيل" تشير الى ان قرار الضم من الممكن ان يؤدي لانتفاضة ثالثة، بجانب قرار القيادة الفلسطينية بوقف التنسيق الامني وما يترتب عليه، فكل هذه الاسباب تثير مخاوف الجانبين الامريكي والاسرائيلي".

وفيما يتعلق بتداعيات الاحتجاجات في الولايات المتحدة الامريكية، قال أبو سعدة:" الاحتجاجات في الولايات المتحدة،  وحتى لو انتهت قريبا ستترك ندبات ليست بسيطة على مستقبل ترامب السياسي لانه جزء من المشكلة التي تعيشها امريكا، لانه عزز من الخطاب العنصري بتصريحاته، كما ان الاغلبية في الولايات المتحدة ترى لأنه لم يعالج الازمة بشكل صحيح، لذلك  لو انتهت الاحتجاجات،  سيخرج ترامب من الازمة ضعيف شعبيا، وهذا ما سنرى نتائجه بموعد الانتخابات الامريكية، في الثالث من نوفمبر".

وحول اولويات الادارة الامريكية يضيف:" اولويات ترامب اختلفت، فهو عندما اعلن عن "صفقة القرن"، في الثامن والعشرين من يناير كان وضعه افضل من الان، وبنفس الوقت الامريكييون معنييون بمشروع الضم، لان هذا القرار يحظى بدعم من ما يسمى"الانجليين"، في امريكا وهم من اتباع الكنيسة الانجيلية، ويشكلون ما نسبته 60%، لذلك ترامب حريص على تطبيق القرار لكي يعزز من شعبيته، لذلك فهو يريد التريث بالتطبيق ولا يفكر بالضغط على نتنياهو لإلغاء القرار".

وأشار ابو سعدة الى ان ترامب لا يريد فتح جبهة جديدة، فمع بدء خطة الضم وتفاقم الوضع، والرفض الكبير لقرار الضم، سيدخل نفسه بدوامة كبيرة اضافة لمشاكله الداخلية، لذلك المسألة فقط تتعلق بالتوقيت على المستوى الدولي والشرق الاوسط، فهو ليس مناسباً الان.

إقرأ أيضا: هل تطيح الإحتجاجات في الولايات المتحدة الأمريكية بترامب ؟

نتنياهو يستند على الدعم الامريكي

من جهته أكد المختص بالشأن الاسرائيلي عصمت منصور، على وجود خلافات بين المستوطنين ورئيس حكومة الاحتلال بنيامن نتنياهو على مسألة الضم، فهم يعتبرون الضم فرصة جيدة، ولكن لديهم مشكلة مع "صفقة القرن"، ويريدون تطبيق القرار بمعزل عنها.

وتابع في حديث لـ"النجاح الاخباري": نتيناهو يعتمد ويستند بقرار الضم،  على الموقف والدعم الامريكي، وهذا الدعم بدأ يفتر،  كما ان هناك معارضة قوية من وزارء ومستويات امنية "باسرائيل"، على هذا القرار لما له من تداعيات سياسية واقليمية وميدانية، كما ان ما يحدث في الولايات المتحدة الامريكية قللت من حماسها لقرار الضم".

وتابع" كما ان هناك خلافات داخل حكومة الاحتلال ما بين نتنياهو ورئيس حزب ازرق ابيض بيني غانتس الذي يرى بأن الضم جزء من صفقة القرن والمفاوضات، فالاختلافات وغياب الاجماع يضعف موقف نتنياهو فهو يريد في نهاية حكمه، ان يحقق ما يرى بانه انتصار سياسي، وان يثبت ان هناك فرصة لتطبيق القرار.

واشار منصور الى ان  نتنياهو يمكن ان يبدأ بخطوات رمزية في حال لم يطبق قرار الضم، ولكنه سيبقيه على جدول اعماله، بالتوازي مع محاولاته المستمرة لخلق اجماع على هذا الامر، لكنه لن يتخلى عنه بسهولة، كما وانه يعلم بالوقت نفسه ان القرار لن يمر بسهولة، ولكن كل هذا مرهون بضوء اخضر امريكي واضح، وهذا ايضاً ليس متوفراً الان.

وأضاف:" الامريكيين ايضاً من البداية منقسمن حول قرار الضم، فهناك تيار يعتبر ان الضم جزء من "صفقة القرن"،  ويطبق رزمة واحدة، وهناك تيار كوشنر الذي حاول دعم نتنياهو بتطبيق قرار الضم، وهناك تيار ثالث يعتبر ان هذا ليس الوقت المناسب".

وحول ما يتم تداوله في الاعلام العبري، حول قرار الضم، اوضح منصور، ان الاعلام العبري،  يتناول قرار الضم بتوسع وبشكل يومي،  ولكنه ايضا يبرز الخلافات على هذا القرار، وان له تداعيات سلبية،  وان نتنياهو يريد فقط ترك  ما اسموه بالإنجاز السياسي،  قبل ان يذهب للمحكمة.

أوليات الإدارة الامريكية اختلفت

المحلل السياسي والخبير بالشأن الاوروبي د.  امجد ابو العز، اكد أن الوضع السياسي بالولايات المتحدة الامريكية،  من اهم العوامل التي ادت الى تغير اولويات الرئاسة الامريكية، فهناك ازمة داخلية واتساع نطاق الاحتجاجات، وظهور اصوات شبابية تنادي بالعدالة والمساواة والحرية.

وتابع في حديث لـ"النجاح": سياسات  دونالد ترامب نابعة من العنصرية والمناكفة السياسية والغاء اي قرارات وضعها باراك اوباما، بناءً على اللون، وعنصريته هي الخاصرة الضعيفة لامريكا الان، اضافةً للازمة الاقتصادية، والموقف العربي وخاصة الاردني، اضافةً لموقف الاتحاد الاوروبي، كل هذه العوامل مجتمعة جعلت الولايات المتحدة تتريث بإعطاء ضوء اخضر للبدء بقرار الضم الذي اتخذه نتنياهو".

وأكد ابو العز على ان اسرائيل لن تذهب بأي قرارات أو اجراءات تخالف ما تريده امريكا،  فالادارة الامريكية ما زالت المتحكمة واسرائيل تعلم هذا جيداً،  لذلك هي ادركت ان الوقت غير مناسب ولا تريد وضع علاقتها على المحك مع امريكا.

وشدد على انه وفي ظل الانقسام الفلسطيني والموقف العربي الضعيف، فإن قرار الضم مسألة وقت فقط.

يذكر انه من المقرر ان يطبق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قرار الضم، في الاول من تموز القادم، ووفقا "لصفقة القرن" الأمريكية، يتضمن القرار فرض السيادة الإسرائيلية على 30% من مناطق الضفة الغربية، وسط تخوفات من اندلاع انتفاضة ثالثة، وخلافات داخل حكومة الاحتلال حول تداعيات هذا القرار في حال تم تطبيقه.