نابلس - منال الزعبي - النجاح الإخباري - حكاية ممزوجة بالفرح والحزن في آن واحد، يروي تفاصيها لقاء طال انتظاره مدة 18 عاماً، في الوقت الذي يعيش فيه العالم حجرا صحيا فرضه وباء فيروس كورونا المفاجئ الذي اقتحم مفاصل الحياة حتى شلها، تظهر قيمة الحرية كأمر لا يعز إلا على فاقده.

في فلسطين يبدو الأمر مغايرا حيث فيروس من نوع آخر يحتل الحريات بقيد الأسر، ولأن لا بد للقيد أن ينكسر عانق الأسير إسماعيل أبو عيشة الحرية بعد 18 عاما قضاها في سجون الاحتلال منذ عام 2002.

وأخيرا وبعد طول انتظار كانت عينا اسماعيل أبو عيشة على موعد مع كل الفرح الذي حرم منه، فرح عاشه بنكهة الحزن والدموع حيث رأى نورا حجبه عنه المحتل الاسرائيلي الغاشم 18 عاما، ورأى شريكة أهداه إياها القدر رغم أنف السجن والقيد والاحتلال والظروف، ورأى أهلا وأحبة خطف الموت منهم والديه وأخاه ليكون انعتاقه للحرية مؤلما بلا سلام ولا عناق فبح صوته واختنقت عبرته خلف كمامة فرضها وباء كورونا الذي فرّق الأحبة وأجبر الناس التزام بيوتهم، في حين يقيم آخرون في مراكز الحجر الصحي وآخرون يصارعون الموت في شتى بقاع الأرض خلف أجهزة التنفس.

 

Image may contain: one or more people, eyeglasses, outdoor and closeup
الصحفية إكرام أبو عيشة خطيبة الأسير المحرر اسماعيل أبو عيشة

ويأتي الإفراج عن الأسير اسماعيل أبو عيشة ابن قرية بيت وزن غرب مدينة نابلس في ذات التاريخ الذي اعتقل فيه ليعيد له ذكرى ليلة امتد ظلامها  18 عاما، أما فجرها فأطل مبشرا بالفرج على أعتاب مناسبة يوم الأسير الفلسطيني، الذي يصادف 17 نيسان من كل عام.

ووسط الالتزام بإجراءات الوقاية والسلامة  استقبل الأسير أمام بيته، وصل بسيارة الإسعاف وملامح عصر كورونا الجديد تخيم على موقف استقباله، حيث وقف المستقبلون متفرقين وأطلت من بينهم خطيبته الصحفية إكرام أبو عيشة لتكلله بالزهور ويقلّدها وردًا أبيض.

محافظ محافظة نابلس إبراهيم رمضان قال: "إنما تبدأ الحرية بالقيد، فالسجن والسجان وقيدهما هم الحلقة الأساس في ذهابنا نحو الحرية، طريق لابد أن يسلكها كل فلسطيني وعلينا أن نتحد بكل أطيافنا السياسية فعدونا واحد هو محتل غاشم، وهدفنا واحد هو الحرية".

Image may contain: one or more people and flower

أما ملامح قصة الارتباط  فأوضحتها إكرام أبو عيشة لـ"النجاح الإخباري"، حيث قالت: "أنا واسماعيل جيران منذ الطفولة، اعتقل أمام عيني، حيث كنت طفلة، وكصحفية مهتمة بمتابعة قضايا الأسرى وأخبارهم، تواصلت مع اسماعيل واتفقنا على الارتباط وابديت له استعدادي للارتباط به حتى وهو داخل الأسر، بداية اقتنع اسماعيل برغبتي ولكنه أعاد السؤال مرة أخرى للتأكد من مدى وعيي وتحملي لمسؤولية الارتباط  بأسير فأجبته أنني أدرك حجم المسؤولية وسأتحمل نتائجها راضية مستبشرة".

وأضافت أنه قد تم عقد القران عن بعد من خلال توكيل اسماعيل لأخيه الأكبر قبل سنتين من الإفراج عنه، بمراسم مهيبة أقامها الأسرى في خيام سجن النقب.

وحول شعورها وهي تراه أخيرا أمام عينيها حرا طليقا، قالت: "أنا كفلسطينية أرى الارتباط بأسير نيشان فخر وعزة وكرامة أحمله على صدري وأباهي به الدنيا ولا أنكر أنه موقف مليء بالتحديات ولحظات الانتظار والصبر والتعب والقلق ولكن في نفس الوقت هم جزء من الجسد الفلسطيني لا يمكن بترهم، وعلينا أن نمنحهم الأمل بكل ما نملك من تضحيات".

وكان منزل الأسير المحرر أبو عيشة بانتظاره ليمضي فيه حجرا صحيا مدة 14 يوما بعد أن حلت طقوس الحجر والوباء مكان الفرح بسبب "كورونا".

في اللحظات القليلة التي استطاع الأسير أن يعبر عن نفسه فيها قال: "إن الحرية أثمن ما نملك، ويعز علينا أخوة لنا تركناهم في الأسر، هم أيضا أهلي الذين شاطروني سنوات عمري".

وأضاف: "الأسرى يواجهون قدرا صعبا وإهمالا طبيا متعمدا فلا عيادات ولا رعاية طبية، وهناك مخاوف كبيرة من تفشي الفيروس بين صفوفهم"،مناشدا كل الجهات المعنية بالتدخل العاجل لمساندتهم.

وأضاف أن دخول إكرام لحياته وهو في الأسر كان بمثابة النور الذي تسلل لقلبه واليوم عانق عينه.

ويُصادف الـ17 من نيسان/ أبريل من كل عام، اليوم الوطني والعالمي لنصرة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

وبهذه المناسبة، نشرت مؤسسات الأسرى: هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات" ورقة حقائق حول الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

وقالت في بيان صدر عنها، إن عدد الأسرى والأسيرات التي يقبعون في سجون الاحتلال بلغ 5000 بينهم 41 أسير يقبعن في سجن "الدامون"، و180 طفلاً وقاصراً، موزعين على سجون (عوفر ومجدو والدامون).

Image may contain: 4 people, people standing, wedding and outdoor

 

 

Image may contain: 1 person, standing and outdoor