آلاء البرعي - النجاح الإخباري - في حادثة شبه سنوية تتكرر مع قدوم فصل الصيف، بالتزامن مع ازدياد أعداد المصطافين على شاطئ بحر قطاع غزة من شماله حتى جنوبه، وما يرافقه من اكتظاظ أعداد المصطافين مع ارتفاع موجات الحرارة، وغالباً ما تحصل حوادث غرق للمواطنين، حيث حصد البحر أرواح ثلاثة مواطنين منذ بدء الصيف كان آخرها المواطن محمد الهجين (42 عامًا) وإصابة اثنين من أبنائه بحالة خطيرة، مساء أمس الأربعاء، جراء غرقه قبالة سواحل منطقة السودانية شمال غرب قطاع غزة، خلال رحلة عائلية.

ونقل الهجين إلى المستشفى متوفيًا، فيما قُدم العلاج لطفلتيه بعد أن تم انقاذهما من قبل طواقم الإنقاذ على البحر.

وفي أبريل الماضي، سجلت صحة غزة أولى حالات الغرق على الشاطئ، لشاب يبلغ من العمر (17عاماً) شمال القطاع، وفي حالة ثانية في مدينة رفح جنوب القطاع انتشلت طواقم الدفاع المدني في ذات الشهر جثمان الشاب يوسف الغفاري في العشرينيات من العمر بعد أن فقده لمدة يوم كامل.

ويقول المنقذ، عماد عابد لـ " النجاح الإخباري" إن البحر بصورة عامة يكون أكثر خطورة في شهر تموز عنه في باقي الأشهر، نظراً لكثرة التيارات البحريّة والتقلبات الجويّة، التي تزيد من ارتفاع وقوة الأمواج.

وأكد أن أكبر مشكلة تواجه المواطنين خاصة الفتية والشبان، هي التهور والاندفاع للمياه والدخول لمناطق خطرة، دون أن يكون لديهم علم ودراية بفنون السباحة، فيومياً يحدث تدخلات من قبل منقذين لإخراج فتية وشبان يكونوا على حافة الغرق والموت، ويتم إنقاذ حياتهم.

وأوضح أن المياه خطرة من ناحيتين، الأولى فهي ملوثة بمياه الصرف الصحي، ومن الناحية الأخرى بها تيارات بحرية خطرة، تفتك بمن لا يجيد السباحة، والدليل تزايد حالات الغرق بشكل كبير مؤخراً.

التلوث وما يصحبه من خطورة

وفي وقتٍ سابق من العام نشرت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، خريطة لمراقبة جودة مياه شاطئ محافظات قطاع غزة لشهر نيسان/ أبريل لعام 2019.

وتبين الخريطة أن شاطئ البحر في معظم محافظات قطاع غزة سيء للغاية، ويحذر على المصطافين السباحة فيه، بسبب شدة تلوثه.

جدير بالذكر أن نتائج مراقبة جودة مياه شاطئ محافظات غزة لشهر أبريل من العام الماضي أظهرت تلوث نحو 75% من طول الشاطئ الكلي البالغ 40 كم.

في السياق ذاته، قالت سلطة جودة البيئة في بيان صحافي لشهر نيسان الماضي أن نتائج الفحص الجديد أظهرت وجود 3 مناطق آمنة للسباحة على طول شاطئ قطاع غزة، داعية في ذات الوقت لإنقاذ موسم اصطياف 2019.

وقالت سلطة جودة البيئة، إن المناطق الآمنة للسباحة هي شمال نفوذ بلدية بيت لاهيا وجنوب بلدية دير البلح مروراً بكامل بلدية القرارة ووصولاً إلى شمال نفوذ بلدية خانيونس، إضافة إلى المنطقة الوسطى من نفوذ بلدية خانيونس.

شاطئ نظيف أخيراً ولكن..!

وبعد أن تخطت نسبة تلوث مياه بحر قطاع غزة حاجز الـ73% بحسب تقرير رسمي صدر عن مركز الميزان لحقوق الإنسان، فإنها ستزول تمامًا هذا الصيف، وستنجح مشاريع عاجلة تشرف عليها دول عربية على تنقية وتنظيف مياه البحر من كل أشكال التلوث والمياه العادمة التي تصب فيه.

وسجلت طواقم الإنقاذ مؤخرًا حالات وفاة وما يزيد على 78 حالة إصابة بين المواطنين بالتقيؤ والإسهال جراء تعرضهم للمياه الملوثة في أثناء السباحة وتم نقل الحالات للمستشفيات، وغالبية الحالات من الأطفال دون 16 عامًا، فيما تعرض 7 منقذين بحريين لحالات تسمم جراء استمرارهم بدخول المياه لإنقاذ الغارقين في عرض البحر.

مشروع "تنقية شاطئ بحر غزة

هذه المخاطر ستزول أخيرًا، والمشروع الذي يجري تجهيزه سينقذ السكان والبحر معًا وسيكون الأول من نوعه في قطاع غزة، كشف تفاصيله مدير عام المياه والصرف الصحي في بلدية غزة، المهندس رمزي أهل، الذي أكد أن البلدية وشركة توزيع الكهرباء، بدأتا فعليًا بتنفيذ مشروع "تنقية شاطئ بحر غزة على امتداد 40 كيلومترًا" على أرض الواقع بتغذية محطات الصرف الصحي بالطاقة الكهربائية للحد من مشكلة التلوث.

ويقول أهل: "البلدية تحاول القضاء على مشكلة تلوث مياه البحر خاصة أنه المتنفس الوحيد للمواطنين"، مشيرًا إلى أن البلدية تسعى بكامل طاقاتها لتشغيل كل محطات معالجة المياه، لافتًا أن التحدي الكبير هو انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة.

يذكر أن المشروع سيقام على مساحة خمسة دونمات لخدمة المناطق الغربية لمدينة غزة عموماً، وسيبلغ عدد المستفيدين نحو 200 ألف نسمة بقدرة إنتاجية تصل خلال المرحلة الأولى إلى 10 آلاف متر مكعب يومياً، وستزيد القدرة الإنتاجيّة لاحقاً لتصبح 15 ألف متر مكعب يومياً.

ورغم أن حلقات الحصار تشدد يوميًا على سكان قطاع غزة، فإن تمسكهم بالأمل والتحدي يفتح طاقة نور جديدة لهم، اليوم البحر وغدًا قد يكون البر والجو معًا، رغم كل التحديّات.