غزة - مارلين أبوعون - النجاح الإخباري - ثمَّة مخدر مدمر للجهاز النفسي من نوع آخر يتعاطاه الكثيرون في مجتمعاتنا، بالرغم من  كلّ الشرائع والأعراف الأخلاقية التي تحرّمه، لما له من آثار سيئة على المجتمع والفرد تصل بالمدمن على النميمة إلى الاكتئاب وفقدان الثقة في نفسه.

الشارع الغزي حالة ...

ظاهرة "النميمة"و" القيل والقال" باتت تقلق الغزيين بحيث أصبح هم المواطن ماذا فعل هذا ؟ وماذا قال ذاك؟ في ظلِّ البطالة المتفشيّة بين أبناء القطاع الواقع تحت رحمة الأمل.

"النجاح الإخباري" استطلع آراء بعض المواطنين عن انتشار الشائعات وكثرة حلقات النميمة أمام المنازل أو في المقاهي والحدائق العامّة.

سمير صالح الذي ابتسم حينما سألناه عن "النميمة" أكَّد أنَّه في ظلِّ وقت الفراغ الكبير وانتشار البطالة فإنَّ هذه الظاهرة ستتمدّد.

"ما في شغل و لا في شيء منيح بهاي البلد، الناس وين بدها تروح وشو بدها تعمل، غير  تتسلى بالحكي والفضفضة عن نفسهم، ولولا هذه الحلقات والجلسات كان الناس فقعت". تابع صالح.

رامي البلبيسي طالب سنة أولى في جامعة الأزهر قال متذّمّرًا:" جلسات النميمة للأسف تدمر بيوت عمرانه، وبتموت أقوام وبتحيي أقوام".

وحذَّر البلبيسي من مغبة الإضرار بالناس.

لافتًا أنَّه لا ينخرط بمثل هذه الممارسات المدمّرة للمجتمع عدا عن كونها مضيعة للوقت وللدين.

وبالنسبة لأم خالد التي ضحكت عندما سألناها: مَن يتورط في "النميمة" النساء أم الرجال؟ أجابت أنَّ الرجال هم الأكثر تورّطًا هذه الأيام لتفشي البطالة بين صفوفهم.

وتابعت: "زمان كانوا يقولوا إنَّه الستات هما الي شاطرين بالحديث عن فلانة وعلانة وهادي راحت وهادي أجت، لكن اليوم إحنا شايفين إنَّه صاروا الرجال مع البطالة المتفشية هما أكثر منا بالحديث والنميمة للأسف."

وحول أكثر الإشاعات التي تلقي بظلالها على الشارع الغزيّ ترى سمر الطوباسي، أنَّ أكثر ما يقلقها هو الخوض في أعراض الناس والإشاعات المتعلقة بالرواتب والمصالحة والحرب.

"يعني لما يحكوا إنَّه في حرب قادمة على غزَّة باعتقادي في ناس بتخاف وبتصيبها حالة نفسية سيئة جداً، وبعرف ناس ما بياكلوا شيء خوف من الحرب بأي يوم." زادت الطوباسي.

أسباب واقعية

وفي الأسباب التي تؤسّس لحالة إدمان على "مخدر النميمة" رأى الأخصائي النفسي د.جواد مبروكي أنَّ  التربية سواء بالمنزل أو المدرسة، ما زالت تعتمد على المنافسة والمقارنة وهاتان الطريقتان تولدان الحسد والحقد الداخلي، وهما أكبر أعداء للراحة النفسية وللحد أو تخفيف آلام الحسد والحقد يلجأ الكثيرون إلى مخدر النميمة للشعور بالراحة.. وهكذا.

ولم يحيد د.مبروكي العنف والقمع عن قائمة الأسباب التي تقود الكثيرن للإنغماس في "النميمة.

لافتًا الى أسهل طريقة لتدمير الذات والغير هي النميمة والإدمان عليها.

ورأى مبروكي في مقال منشور له أنَّ الدّين بقيمه النبيلة ليس كافياً وحده للسيطرة على الإدمان على النميمة؛ فلا بد للعلم أن يرافق الدّين للقضاء على هذه الآفة التخريبية، لأن الدّين والعلم كجناحي طائر الإنسانية لا بد أن يكونا متوازنين ومتناغمين حتى يَطير هذا الطير طيراناً سليماً.