مهند ذويب - النجاح الإخباري - لا غُرفة التّحقيق باقية ولا زردُ السّلاسل، بهذه المَقولة الخالِدة بنى درويشُ قصورَ الأمل في قلوبِ أسرى الحريّة، الذينَ علّموا الاحتلال كيفَ ينتصرُ الفلسطينيّ لحقّه المشروع، وكيفَ لا تستطيعُ آلافُ القضبانِ والسّلاسِلِ، والزّنازين الإنفراديّة حجب ضوءِ الشّمس، وكسرَ إرادَة شعبٍ رضعَ حريّة وانتصارًا.

يُحيي شَعبُنا الفلسطينيّ يومَ الأسير الفلسطينيّ، الذي أقرّه المجلس الوطنيّ خلال دورته العاديّة يوم السابِع عشر من نيسان/ إبريل عام 1974، ويرتبطُ هذا التاريخ بحسبِ السّياق التاريخيّ الوطنيّ باليوم الذي انطلقت فيه ثورة 1936، وإعلان الإضراب العامّ الذي استمر ستّة أشهر احتجاجًا على ممارسات الانتداب البريطاني وسماحِه بالهجرة اليهودية إلى فلسطين والاستيلاء على الأراضي الفلسطينيّة، والقيام بتسليح العصابات الصهيونيّة.

ويعتبر محمود بكر حجازي أوّل أسير اعتقلته قوّات الاحتلال الإسرائيلي عام 1965، حيثُ كانَ ضمن مجموعة فدائيّة قامت بتفجير جِسر استخدمته قوات الاحتلال الإسرائيلية في مدينة الخليل، وواجه حكمًا بالإعدام استنادًا إلى قرار محكمة عسكرية للاحتِلال، وارتَدى بدلة الإعدام بالفعل؛ إلا أنّ خلافًا جرى في أوساط دولة الاحتلال أسهم في إبقاءه حيًا لتتمّ مبادلته في العام 1971 مع جنديّ كان محتجزًا لدى فصائل الثّورة الفلسطينيّة، 

وقد جرت أوّل عمليّة تبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل بتاريخ 23 يوليو 1968، وذلك بعد نجاح مقاتلين فلسطينيين من الجبهة الشّعبية لتحرير فلسطين إحدى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة يوسف الرضيع وليلى خالد باختطاف طائرة إسرائيلية تابعة لشركة العال، والتي كانت متجهة من روما إلى تل أبيب وأجبرت على التّوجه إلى الجزائر وبداخلها أكثر من مئة راكب، وكانت أوّل طائرة إسرائيلية تختطف آنذاك، وتمّ إبرام الصّفقة مع دولة الاحتلال من خلال الصّليب الأحمر الدّولي وأفرج عن الركاب مقابل 37 أسيرًا فلسطينيًا من ذوي الأحكام العالية من ضِمنهم أسرى فلسطينيين كانوا قد أسروا قبل العام 1967م.

واعتادَ الفلسطينيونَ القيامَ بفعالياتٍ عديدة مساندة ومؤازَرة للأسرى الذينَ بلغ عددهم مع بداية العام الجاري نحو 6500 أسيرًا يقبعون بَينهم 350 طفلًا، وستّة نواب، و500 معتقلًا إداريًا، و1800 مريضًا، بينهم 700 بحاجة إلى تدخّل علاجيّ عاجل. ومن بين الأسرى 48 أسيرًا مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عامًا بشكلٍ متواصل، وهؤلاء يُطلق عليهم "عمداء الأسرى"، و 29 أسيرًا منهم معتقلون منذ ما قبل عام 1993، وهؤلاء ممن كان يُفترض إطلاق سراحهم ضمن الدّفعة الرابعة في آذار/مارس عام 2014، إلا أنّ دولة الاحتلال تنصلت من الاتفاقيات وأبقتهم رهنَ سجونها.

وفي السّياق ذاتِه أكّدت المصادِر الرّسميّة، والقوى الشّعبية والوطنيّة على مشاركتها في فعاليات يوم الأسير، وتأكيدها على الجهود الرّسميّة المتواصِلة لتحرير الأسرى الفلسطينيين.

رئيس الوزراء الفلسطيني د. رامي الحَمد الله قال: " في يوم الأسير، أقدّم تحيّة اعتزاز وإكبار الى أسيراتنا وأسرانا البواسل القابعين خلف قضبان سجون الاحتلال، الذين ضحّوا بحريتهم من أجل حريّة أبناء شعبنا، وسطّروا النّموذج الأصلب لنضال شعبنا في سبيل نيل حريته وإقامة دولته المستقلة، وفي هذه المناسبة، التي تتوحّد فيها صرخات أسرانا الأبطال مع إصرار شعبنا على كسر قيود الاحتلال الإسرائيلي، وإنهاء ظلمه وعنجهيّته وإستبداده، نؤكد على أنّ قضيّة الأسرى هي واجبنا الإنساني والأخلاقي، وهي مسؤوليتنا السّياسية والقانونية، وتواصل القيادة والحكومة استثمار كلّ الجهود والإمكانيات لإسناد قضيّتهم العادلة، وإنهاء معاناتهم، والإفراج عنهم جميعًا بدون قيد أو شرط".

وأكّد الناطِق باسم الحكومة الفلسطينيّة يوسِف المحمود على أنّ حرية أسرانا الأبطال تشكل رأس الأولويات لدى القيادة والحكومة، مشددًا على أنّ أسرانا الأبطال يتقدّمون في حضورهم كلّ تحرك على كافّة المستويات الداخليّة والإقليميّة والدوليّة.

وقال المَحمود: "إنّ حضور أبطالنا الأسرى يهيمن على كلّ الأيام والأوقات، وما اختير يوم السابع عشر من نيسان إلا ليشكل رمزًا لكلّ أيام السّنة، تجدّد فيه القيادة وجماهير شعبنا البطل الإصرار على مواصلة ومتابعة الكفاح من أجل تحقيق الحرية بشكل شامل، ونيل أسرانا جميعًا ودون استثناء حريتهم، وتبديد الظّلم والظلام المتمثل بالاحتلال الإسرائيلي". 

وعلى هذا أكّد اللّواء توفيق الطيراوي مفوّض المنظمات الشّعبيّة فقال: " يومُ الأسير الفلسطينيّ في كلّ يوم؛ لأنّه سنوات أعمار بالآلاف لخيرة بناتنا وأبنائنا الذين كسروا حدود التاريخ بعد أن بلغ بالعشرات عدد من أمضوا منهم ثلاثين عامًا وأكثر في الأسر، وعميدُهم دخل عامَه السادس والثلاثين ولا زال على موعدٍ مع الحريّة، لكم يا أصحاب المعالي السادة الأسرى نبضُ قلوبنا، ويكونُ نَصر". 

فما أكّد د. جمال محيسن مفوّض التعبئة والتّنظيم في كلمته أمس نيابة عن رئيس دولة فلسطين على: " أنّ حُرية الأسرى جزء لا يتجزأ من حرية الشّعب والوطن، ولا يمكن لأيّ إنجاز أن يكتمل دون حريتهم، وأنّ قضية الأسرى هي مكون أساسي للثوابت الوطنيّة التي لا يمكن تجاوزها أو الانتقاص منها، وأنّ الفلسطينيين سيبقون موحدين خلف قضية الأسرى، أوفياء لتضحياتهم، ثابتين بفضل صمودهم".

فعاليات 17 نيسان

وأضاءت هيئة شُؤون الأسرى والمحررين في حرم جامعة فلسطين التقنية "خضوري" بمحافظة طولكرم، مساء أمس الإثنين، شعلة الحريّة للأسرى للعام 2018، بمناسبة انطلاق فعاليات يوم الأسير الفلسطيني، وتم إيقاد الشعلة، في فعاليّة حاشدة نظمتها هيئة الأسرى بالشّراكة مع اللّجنة الوطنيّة لإحياء يوم الأسير الفلسطيني ومهرجان الشّعلة (مؤسسات وفعاليات المحافظة)، بحضور عددٍ من الشّخصيات والمسؤولين والقيادات الوطنيّة، وبمشاركة عدد من أهالي الأسرى والمحرّرين والشّهداء ووفد من فلسطينيي عام 48. 

وتمّ أمس إطلاق هاشتاغ  BornaPrisoner# للحديث عن يَوم الأسير الفلسطيني، بالتّعاون بين وزارة الخارجية والمغتربين ودائرة شؤون المفاوضات، والهيئة المستقلّة لحقوق الإنسان، ومؤسسات المجتمع المدني، وشبكة المنظمات الأهليّة الفلسطينيّة، ومنصات الإعلام الاجتماعي والنشطاء. 

وقد رَصد النّجاح الإخباري فعاليات يوم الأسير الفلسطيني 17 نيسان 2018، التي تصادف اليوم الثلاثاء، ووفق ما رصده النّجاح الإخباري ستكون الفعاليات في محافظات الوطن لليوم الثلاثاء على النحو التالي: 

رام الله والبيرة:  التّجمع عند عمارة الوردة الحمراء باتجاه بيت ايل الساعة 12ظهرًا

الخليل: مسيرة الحرية من أمام استاد الحسين الدولي وحتى دوار ابن رشد الساعة 11.30 ظهرًا

جنين: اعتصام أمام الصّليب الأحمر في جنين ومن ثمّ الانطلاق بمسيرة الساعة 11 صباحًا 

طوباس: التّجمع أمام دوار الشهداء الساعة 11 صباحًا 

أريحا: مَسيرة من مكتب نادي الأسير لدوار المدينة 7.30 مساءً 

قلقيلية: مَسيرة من ميدان الشّهيد أبو علي إياد وسط مدينة قلقيلية الساعة 12 ظهرًا

نابلس: التّجمع أمام المجمع الشّرقي ثم الانطلاق بمسيرة باتجاه ميدان الشهداء وبعدها سيقام مهرجان وطني الساعة 11.30 صَباحًا 

بيت لحم: تنطلق مسيرة الحرية من دوار الأسرى باتجاه خيمة الاعتصام أمام مخيّم العزّة في شارع القدس الخليل الساعة 11 صباحًا

طولكرم: التجمع أمام اللّجنة الدولية للصليب الأحمر وستنطلق المسيرة باتجاه شارع ماهر يونس الذي سيتم افتتاحه في نفس اللحظة الساعة 10 صباحًا 

غزة: مهرجان مركزي في مخيم العودة شرق غزة الساعة 5 عصرًا

هذا وتقام يوميًا فعاليات في مختلف المحافظات تتمثل بوقفات تضامنيّة، وكذلك فعاليات ومعارض وأنشطة، وستقام في نابلس فعاليّة مهرجان أبناء الأسرى يوم الخَميس المُقبل، حيثُ يعدّ شهر نيسان بأكلمه شهر الفعاليات التّضامنيّة مع الأسرى.رمزيّة الأسير لها مَكانة عظيمة في الذاكرة الفلسطينية، فالأسير الذي يحارب بالجوعِ ويحارب بأمعائِه الخاوية يُحاول حمايتها من التعفّن بشيء من الملح يعني للفلسطيني: البُطولة في زمن موت البّطل، أو موت رمزيّة البطل، والأسير يعني بالنّسبة للفلسطينيّ التّحدي، وهو يقارِع بجسَده احتلالًا ترسانيًا بالسّلاح وبثقافة التّمييز والكراهية، والآن ما زالَ نحو 16 أسيرًا مضربينَ عن الطّعام احتجاجًا على سياسة الاعتِقال الإداري. 

ولا أجمَل مما قالَه الشاعِر الفلسطينيّ معين بسيسو في قَصيدته ثلاثيّة جدران لغرفة التّعذيب: 

" قَد أصبحت أسلاكُنا.. عروقنا
عروق هذه الجدران
دماؤنا تصبّ كلها
تصبّ في عروق هذه الجدران
برقيّة عبرَ الجدار:
قد أغلقوا زنزانَة جَديدة
قد قتلوا (سجين)
قد فتحوا زنزانة جَديدة
قد أحضروا (سجين) !  "