منال الزعبي - النجاح الإخباري -  تغيب الحياة في غياب الأم، تهاني عابودي شهيدة الولادة التي أودعت روحها في مولودتها ورحلت. وكشف برنامج في البلد الذي يقدمه الزميل بشار دراغمة تفاصيل القصة كاملة

بعد ولادتها بخمسة أيام تعود الأم إلى بيتها لكن جثة هامدة، لتتسارع علامات الاستفهام والصدمة والتعجب لاستقبالها، كيف ماتت ولماذا؟ وما الذي حصل؟

زوجها شادي ثلثين قال: "سبب الوفاة  حسب التقرير الصحي من وزارة الصحي نزيف رئوي حاد تسبب فيه ضخ كمية من الدم في جسد المرحومة حيث تم ادخال (54) وحدة دم  مع صفائح خلال (48) ساعة

وأضاف بوجع مدغم بالأمل:"اسميت الطفلة تهاني ليبقى هذا الاسم موجودًا في البيت".

أهل المرحومة تهاني والذين احتجوا على المستشفى ورفعوا الشكوى بوجود إهمال وخطأ طبي تسبب بوفاتها، ما دعا  لتشكيل ثلاث لجان تحقيق من قبل وزارة الصحة الفلسطينية لمتابعة مجريات الحادثة.

أنهت اللجان أعمالها وخرجت بنتائج، وحمّلت بعض الجهات المسؤولية عن الخلل، وأقرَّت بوجود أخطاء طبية كان بالإمان تفاديها لو توفَّرت التجهيزات وتعاملت الطواقم البشرية بشكل جيد.

تهاني التي تنقلت بين ثلاث مستشفيات قبل رحيلها الأبدي، هي مستشفى طولكرم الحكومي "ثابت ثابت"، ومستشفى الزكاة وأخيرًا مستشفى النجاح، وعملت اللجان الثلاث حثيثًا للتوصل إلى سبب الوفاة ومن يتحمل المسؤولية.

بعد شهرين من وفاة المواطنة تهاني إطَّلع "النجاح الإخباري" على نتائج التحقيق.

 أمين عابودي شقيق تهاني قال: "نحن كعائلة الفقيدة لدينا ملاحظات على لجنة التحقيق التي حملت المسؤولية للإحدى المستشفيات فتعاملت مع طرف وغفلت عن المسبب لحالة الوفاة، مستشفى الزكاة قصّر في التعامل مع المريضة لكن مستشفى طولكرم الحكومي أطلق عليها الرصاصة القاتلة بإهماله المتعمد، ولا نقول خطأ طبي، بل أهمال متعمد"

القصة الكاملة

"ترددت تهاني خلال ثلاثة أيام متواصلة على مستشفى ثابت ثابت في طولكرم تحت آلام الولادة التي يتم تأجيلها في كل مرة لتصل المستشفى بتاريخ(11/1/2018) بحالة ولادة، أدخلها الطبيب المناوب وتمَّ وضع الطلق الصناعي لها مرتين، ومن ثمَّ توليدها وشفط الطفلة، لكن المريضة أُصيبت بنزيف حاد  بعد الولادة، فقرَّر الطبيب إجراء عملية استئصال للرحم بسبب وجود جرح في عنق الرحم يمتد لجزئه العلوي، ما تطلَّب وضعها في قسم العناية المكثقفة بعد العملية لكن وبسبب عدم وجود سرير شاغر، تمَّ تحويلها بعد ثلاث ساعات من النزف إلى مستشفى الزكاة، هناك حدثت تطورات على حالتها،من اضطرابات وضيق بالتنفس، فتقرر إجراء عملية جراحية أخرى لها، لخلل في الرئتين وصعوبة في تركيب جهاز التنفس،  فحوّلت بعد يومين لمستشفى النجاح لتتوفى هناك."

حسبما ما يوضح الدكتور بسام صبح رئيس وحدة الشكاوي في وزارة الصحة.

وعقّب د. صبح بقوله: "تمَّ رفع الكتب والوثائق إلى وزير الصحة والذي تعامل مع الموضوع فبعث مراسلة للإجازة والترخيص بأخذ وضع مستشفى الزكاة بعين الاعتبار، على أن لا يتم ترخيص المستشفى إذا لم يتم تحسين وتعديل وضع العناية المكثفة وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة."

وأضاف:"من حق أهل الفقيد رفع مثل هذه الشكاوي للقضاء لأخذ حقهم."

ووضح د.صبح نتائج اللجنة بقوله:"بعد رفع الشكوى من عائلة المرحومة إلى وزير الصحة، تمَّ تشكيل ثلاث لجان تحقيق، لجنة في المستشفى الحكومي "ثابت ثابت"، ولجنة طبية في مستشفى الزكاة، ولجنة في مستشفى جامعة النجاح الوطنية، وارتأت لجنة التحقيق أنَّ السبب الرئيس في الوفاة هو إعطاء المريضة كمية كبيرة من الدم ومشتقاته في مستشفى الزكاة والذي لا يتوافق مع البروتوكول المتبع في مثل هذه الحالات."

وأضاف: "يجب أن يكون المشرف المسؤول عن قسم العناية المكثفة أخصائي تخدير وإنعاش بالإضافة إلى طبيب باطني في حين كان المشرف هناك باطني فقط، ولم يكن الكادر الطبي في قسم العناية المكثفة في مستشفى الزكاة على القدر الكافي من الخبرة اللازمة للتعامل مع الحالة، وكان قرار إعادة العملية الجراحية قرارًا متسرعًا، ويفترض أخذ رأي طبيب أخصائي نسائية وتوليد بالإضافة إلى الأخصائي المتواجد."

واعترض د. حاتم ملاك مدير مستشفى الزكاة بقوله: "لم تصلنا نتائج التحقيق، وقد وصلت المريضة بوضع مستقر ليصل الدم خلال ساعة إلى 5 وحدات، ما دعا الأطباء لتزويدها بالدم."

وأضاف: "أنَّ الإشراف الطبي كان متكاملًا حيث أشرف على الحالة أربعة أطباء طبيب تخدير، وطبيب جراحة عامة، وأخصائي نسائية وتوليد بالإضافة إلى طبيب باطني وكان لابد من تزويد المريضة بوحدات الدم ومشتقاته من بلازما وصفائح بسبب النزيف  الحاد الذي أصابها، وكانت قد تلقت 10 وحدات دم قبل وصولها إلينا."

في حين  ردَّ الدكتور بسام صبح بقوله: "إنَّ لجنة التحقيق توصلت إلى أنَّ الفحوصات بيَّنت وجود كتلة دموية في البطن تحت الجلد نتيجة العملية التي أجريت في مستشفى الزكاة."

وأشار صبح إلى أنَّ إعطاء المريض كميات كبيرة من الدم يتسبب في نزف في الرئتين ما أدى إلى توقف رئتي المريضة عن العمل.

ووضح الدكتور حمدي النابلسي مدير عام المستشفيات بقوله: "المستشفيات الحكومية عليها ضغط كبير، وعليه نقوم بشراء خدمة التحويل للمستشفيات الخاصة، ويجب الانتباه والتمييز بين خطأ طبي، وإهمال طبي، ومضاعفات طبية، لابد أنَّ كلَّ طبيب حريص على صحة المريض، لكن لا يضمن المضاعفات التي تحدث على الحالة، هناك اهتمام شديد بكل شكوى تصلنا عن المستشفيات، والتركيز حاليًّا على جودة الخدمات داخل المستشفيات الحكومية التي أثبتت تفوقها على مستوى الإقيلم من حيث انخفاض نسبة الأخطاء وأعلى نسبة جودة وهذا يعتمد على كفاءة الكادر الطبي بالإضافة إلى التجهيزات المناسبة ونسعى دائمًا لتطوير القطاع الصحي."

ويصِّر أهل المرحومة على إشراك مستشفى ثابت ثابت، وتحميله المسؤولية مع مستشفى الزكاة.

هذه الغيمة السوداء التي عمَّت على بيتٍ فقد الحنان والحضن والسكن، تهاني التي تركت خمسة أطفالٍ أكبرهم هدوب الطفلة الأم التي تولت رعاية أشقائها الأربعة معاهدة والدتها بالنجاح والتفوق الدراسي.

قالت هدوب: "لمّا كانت امي بالمستشفى، حلمت إنها رجعت ع البيت ومعها أختي وإني نمت جنب أختي، لما صحيت قالت خالتي"إمك ماتت"."

لم تبكِ هدوب فوقع الصدمة أكبر من دموعها والوجع في قرار مكين، تلك الدموع التي انفجرت عندما تلقت العائلة الجسد المسجى بلا روح. 

عندما يموت كائن اللفظة الأولى والصوت الأول والقطرة الأولى والحضن الأول والظل الأول، يموت الربيع.

 

تسمية