ساري جرادات - النجاح الإخباري - تقع كنيسة "بيت عينون" الواقعة في بلدة سعير شمال محافظة الخليل، على الطريق التاريخي الواصل بين مدينتي الخليل وبيت لحم، وأخذت دورها الخاص في الفترة البيزنطية، كونها الكنيسة المركزية التي تمثل مجمع كنسي في المنطقة تلك، الذي يشير إلى أنَّ عدد السكان في المنطقة كان كبيرًا.

تتكون كنيسة "بيت عينون" من ثلاث كنائس، يعود بداية بناء أوَّل كنيسة فيها إلى القرن الخامس الميلادي، والثانية في القرن السادس الميلادي، وتبيَّن من خلال الحفريات وجود طبقات من الأرضيات الفسيفسائية التي تحوي كتابات باللغة اليونانية ورسومات مختلفة في الفترة السابقة للعهد البيزنطي، بحسب معلومات وزارة السياحة والآثار الفلسطينية.

وعلى بعد نحو نصف كلم من الكنيسة الكبيرة، توجد كنيسة أصغر، في منطقة تُعرف باسم "أبو الريش"، ويوجد أسفلها قبر عليه نقوش للصليب المقدس، كان يضم على الأرجح رفات خُدام الكنيسة من رجال الدين، وهناك كنيسة ثالثة صغيرة، على بعد أمتار من الكنيسة المركزية. 

استُخدم موقع الكنيسة في العهد البيزنطي كبرج مراقبة، وبعد ذلك استخدم كنيسة في العهد الإسلامي المبكر كما تشير دلائل الحفريات والأبحاث التي أجريت عليها، وفي الفترة الصليبية استخدم كقلعة بعد تحصينها، وباتت اليوم آيلة للسقوط والخراب جراء خضوع المنطقة لسيطرة سلطات الاحتلال.

وقال مدير مديرية السياحة والآثار في محافظة الخليل الدكتور "أحمد الرجوب" لـ"النجاح الإخباري": "أنَّ سيطرة سلطات الاحتلال على المنطقة التي توجد فيها الكنيسة أدى إلى عدم مقدرة الوزارة على القيام بواجبها تجاه هذا المعلم الأثري الهام، كما أنَّ الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال تمنعنا من العمل في المناطق الأثرية الواقعة تحت سيطرته.   

وأضاف الرجوب: "عدم الاهتمام بالأماكن الأثرية والتنقيب عنها وعدم الصيانة الدورية لها جعلت منها مكانًا مهجورًا، تخلو من السيَّاح، وأدى غياب الرقابة إلى سيطرة الاحتلال عليها ونسب آثارها إلى تاريخه بحرف الحقائق والتزوير، الأمر الذي يؤدي إلى ضياع الإرث الأثري الفلسطيني الذي يعد الدليل على وجود الفلسطينيين على هذه الأرض.

وتعتبر منطقة الخليل من أكثر المناطق التي تحتوي على آثار ومعالم تاريخية إرث حضاري بيزنطي مسيحي في فلسطين، ففي الأعوام الأخيرة تمَّ اكتشاف عشرات الأماكن الأثرية بالتنقيب، وإعادة الاعتبار إلى مناطق أثرية تعرضت إلى الطمس والتخريب والسرقة خصوصًا من قبل الاحتلال، في سعيه لردم الإرث التاريخي لكل الحضارات التي عاشت في فلسطين.

وأشار الشاب الثلاثيني "محمود الفروخ" في حديثه لـ"النجاح الإخباري"، والذي يبعد منزله عن كنيسة بيت عينون أمتار قليلة أنَّه يشاهد وفود إسرائيلية يتم جلبها وإطلاعها على تاريخ الكنيسة من قبل الاحتلال لتزوير تاريخ الكنيسة وصبغ معالمها بصبغة إسرائيلية.

وأضاف الفروخ "طالبنا الجهات المختصة في أكثر من رسالة بأن يتم تنظيم زيارات لطلبة الجامعات الفلسطينية بهدف إطلاعهم على تاريخ الكنيسة والمكان وبلدة سعير، خاصة وأنَّ مجمع كنائس "بيت عينون" الثلاث تقع في ثالث أقدم بلد في التاريخ بحسب الأبحاث والدراسات التي أجريت على تاريخ البلدة.

وتعاني كنيسة "بيت عينون" من اعتداءات واضحة على تاريخها من قبل قراصنة الآثار وتزوير للحقائق من قبل سلطات الاحتلال الذي يسعى بشكل واضح إلى طمس الهوية التاريخية والأثرية للمدن والقرى الفلسطينية كافَّة، ولكن تسجيل مثل هذه الأماكن في منظمة اليونسكو من شأنه حمايتها من غطرسة وقرصنة الاحتلال لها.