ايناس أحمد - النجاح الإخباري - خاص: على الطريق السريع ما بين القدس وأريحا تتبعثر بيوت الشعر والصفيح على كلا الجانبين معلنة تجمعات بدوية تتحدى واقع الاحتلال المفروض عليها، هي تجمعات متميزة بأصالتها، فلن تغيرها نكبة ولم تبدلها نكسة، بقيت محافظة على بيوت الشعر وعلى تربية المواشي والاعتياش منها، تحاول جاهدة ان تواكب تطورات عصرها لكن سرعان ما تجد نفسها امام مطرقة الاحتلال.

نكبات مستمرة
الخان الاحمر، عبارة عن تجمعات بدوية متفرقة على طول الطريق الواصل مابين القدس واريحا يقطنها 257 عائلة أي ما يقارب الألف وستمئة نسمة، تم تهجير ساكنيها بالمرة الاولى من صحراء النقب في نكبة فلسطين فختاروها منزلا ليحطو رحالهم، وهجرتهم اسرائيل مرة ثانية عندما قامت بترحيلهم عن الجبل الذي أقامت عليه مستوطنة معالي ادوميم لاحقاً، ثم يتبعها فيما بعد تقسيم الاراضي الفلسطينية لأراضي (أ،ب،ج) لتبدأ سلسلة جديدة من التهجير القسري التي تتبعها اسرائيل اتجاه التجمعات البدوية في الخان الاحمر والتي تضع الاراضي المقامة عليها التجمعات ضمن التقسيم (ج)، فأصبحوا يتبعون ادارياً وخدماتياً للسلطة الفلسطينية و أمنياً وميدانياً لسلطات الاحتلال الاسرائيلي. 

الكهرباء والمياه
وفرت شركة المياه الاسرائيلية المياه لتجمعات البدو في الخان الاحمر بشرط عدم الاقتراب من مياه المستوطنات، جاء ذلك بعد حرمانهم من الحصول على المياه من وادي القلط و من بئر دير القديس واحكام السلطات الاسرائيلية على موارد المياه في المنطقة فلجأ البدو لثقب عَبارات المياه الواصلة لمستوطنة معالي ادوميم .
أما الكهرباء في التجمعات البدوية في الخان فانها تنتج من الطاقة الشمسية من خلال الألواح التي تقوم بتحويل الطاقة الشمسية لطاقة كهربائية، وهي الألواح التي  قامت السلطات الاسرائيلية بمصادرتها و دفع البدو من جيابهم ثمن اعادتها للتجمعات.

مدرسة الخان الاحمر الاساسية المختلطة
توجد بالتجمعات البدوية مدرسة واحدة تأسست في العام 2009 بجهود مبذولة من سكان التجمعات والنشطاء الاجانب، جاءت المدرسة بفكرة من عيد جهالين الذي درس وضع التجمعات السياسي والاجتماعي والاقتصادي، فقام ببناء المدرسة من اطارات السيارات والخيزران بعد ان منعته قوات الاحتلال من استخدام الاسمنت والباطون وسلمته امر هدم للمدرسة، المدرسة الآن تدرس 170 طالباً وطالبة وتضم 15 معلمة و 9 صفوف من الاول الابتدائي وحتى التاسع، ما بعد التاسع يتوقف التعليم في التجمعات البدوية لسوء الوضع الاقتصادي .

الاسعاف تصل بعد ثالث يوم العزاء
يقول عيد جهالين" ابو خميس" المتحدث باسم التجمعات البدوية في الخان الاحمر ان قطاع الصحة معدوم لديهم، فلا مركز صحي متوفر ولا سيارات اسعاف، و في حال تم طلب الاسعاف فانها ستصل بعد وفاة المريض بثلاث ايام أو اكثر كون المنطقة تخضع ميدانياً لما يُسمى "الادارة المدنية الاسرائيلية"، هذا ما يمنع الاسعاف الاسرائيلي من الوصول اليهم و اعاقة وصول الاسعاف الفلسطيني، وفي حال أراد الذهاب لمركز صحي فأن خياره سيكون اما الذهاب لبلدة العيزرية أو عناتا أو أريحا الامر الذي يزيد المرض مرضين!

الحياة الاقتصادية 
بعد ان كانت حياتهم تعتمد على تربية الابل والماشية و التي تعتبر رأس مالهم الوحيد أصبح بدو الخان الاحمر يعانون من تردي الاوضاع الاقتصادية والفقر خاصة بعد انتشار المصانع واعتماد اهل المدن عليها وابتعادهم عن منتجات البادية، عدا عن سرقة المستوطنين لأغنامهم ليلاً.
 لجأ البعض منهم لبيع ماشيته والعمل في المستوطنات القريبة التي فيما بعد صار ممنوعٌ عليهم دخولها، و بما انهم يحملون هوية الضفة الغربية ويخضعون للادارة المدنية فهذا قَيّد من حرية تنقلهم و فصلهم عن مناطق القدس القريبة منهم والتي كان الرجال يعملون فيها أو يبيع النساء منتجات حلالهم فيها.
انعكست الحالة الاقتصادية المتردية على الوضع الاجتماعي كون الرجل لا يعمل و المرأة لا تبيع منتجات اغنامها في السوق أدى ذلك الى ضعف النسيج الاجتماعي و تفككه في بعض العائلات كذلك خلق نوعاً من الملل و الفراغ، تقول أمل داهوك " كنا نقوم بالصباح نحلب الاغنام و نصنع الجبن واللبن و نبيعها في القدس والعيزرية و نصل لكل مكان مشياً اما الآن بالكاد تكفينا ما تنتجه اغنامنا" 

هل خيمتي تزعجكم
تلقى في الاونة الاخيرة اهالي التجمعات البدوية في الخان الاحمر اوامر هدم ادارية بحجة البناء دون ترخيص وعدم اثبات ملكيتهم للأرض، الامر الذي أغرقهم بالتفكير من أن تكون نكبة جديدة تنتظرهم، وتقول ام خميس داهوك لـ"النجاح الإخباري": " معقول! يريدون ترحيلنا من ارضنا التي ولدنا فيها وتربينا فيها، انا ولدت بهذه الارض ورعيت الماشية في جبالها، حتى سألتهم عندما سلمونا امر الهدم، هل خيمتي تزعجكم؟ هل بالفعل ستهدمونها؟" 
عدا عن اعتداءات المستوطنين المتكررة على الاغنام وعلى البدو في التجمعات و ازعاجهم، ففي ساعات الليل يأتي المستوطنون ويسرقون ما شاءوا من الماشية و يقيمون الحفلات بين الخيام ويتراقصون على صخب الموسيقى والخمور.
بعد ان كان الخان الاحمر محط ترحال التجار والمسافرين في العهد العثماني، صار بيت الشعر يشكو مر الفقر و ألم الترحال و تضييقات المستوطنين ليعشوا نكبة متجددة وتهجير قسرياً مستمراً.