وكالات - صادق الشافعي - النجاح الإخباري - دار حديث جدي ومعلن عن نية القيادة المصرية توجيه دعوة لفصائل وقوى النضال الوطني الفلسطيني للاجتماع في مصر وبرعايتها في أواخر الشهر الجاري. العنوان العام والمعلن للدعوة هو تعميق انسجام ووحدة قوى النضال الوطني الفلسطيني في نضالها المشترك وباتجاه هذا النضال في جميع العناوين النضالية.
الدعوة لاقت قبولاً وترحيباً وتجاوباً من الكل الوطني الفلسطيني وتنظيماته وهيئاته. ومن أهل الوطن بالدرجة الأولى.
وكان من تعبيرات التجاوب إعلان الرئاسة الفلسطينية نيتها الدعوة الى اجتماع لكل الفصائل تحضيراً لتلبية الدعوة المصرية ودعوتها المذكورة في القاهرة.
وقد أعلنت كل التنظيمات تقريباً ترحيبها بالنية للدعوة المذكورة وتجاوبها معها وقبولها.
حصل كل ذلك في حال من وحدة وتوافق الموقف الوطني بجميع مكوناته وتنظيماته، وفي أجواء ومقدمات وأحداث العدوان العسكري الواسع والنوعي الذي شنته دولة الاحتلال وقواتها العسكرية ضد مدينة جنين ومخيمها والقوى المناضلة فيهما وأهلهما وسكانهما.
وبالتلازم أيضاً، مع أجواء الإصرار على التصدي البطولي المشترك والموحد الذي خاضته كل القوى والتنظيمات ضد ذلك العدوان.
وقد شكلت هذه الوحدة في الموقف وفي النضال عاملاً هاماً وحاسماً في مواجهة العدوان المذكور والتصدي له والتعامل مع نتائجه.
الغريب ان أجواء الوحدة والتوافق هذه لم تدم طويلا. فقد حلت مكانها وبعد انتهاء العدوان بفترة قصيرة، أجواء خلافات ومشاحنات بعناوين متعددة سياسية ومباشرة، اضافة الى عناوين أخرى أقل أهمية وأقل مباشرة، وإن بقيت ذات محتوى وجوهر سياسي. وغابت او ابتعدت أجواء الوفاق السياسي الوطني وابتعد الحديث عن لقاء القاهرة وموعد انعقاده، ناهيك عن الحديث في العناوين السياسية والتنظيمية الأكثر أهمية ومركزية التي يفترض في اجتماع القاهرة التعاطي معها والبناء على ما تحققه من تقدم، وبالذات على المستويين السياسي والتنظيمي الداخليين.
ولقد برزت في هذه الأجواء عناوين طغت على غيرها. واحتل موقع الصدارة في هذا الجدل الخلافي عنوان "الاعتقال السياسي" الذي تتهم السلطة بتنفيذه ضد المعارضة السياسية ورموزها ونشطائها، دونما مخالفات ومبررات أو مسوغات قانونية تعطيها الحق بذلك. وبغض النظر عن اي مبالغة في هذا الاتهام، وعن ردود السلطة ونفيها وتوضيحاتها القانونية ما تقوم به وانسجامه مع واجباتها وضرورته لحفظ الأمن في البلاد، فإنه يبقى أحد العناوين الرئيسية التي تديم - الى جانب عناوين أخرى- الأجواء السلبية والاتهامية وتعيق اللقاءات والتفاهمات الوطنية الضرورية، او حتى الدعوة لها.
واللافت أن أياً من القوى الوطنية الأخرى منفردة او بالاتفاق بين أكثر من تنظيم لم تأخذ المبادرة وتبلور دعوة تتقدم بها الى الكل الوطني لتحقيق نفس الأهداف ولو بتعديلات قليلة ومقبولة، ولا بادرت الى ذلك قوى وهيئات وطنية مجتمعية.
يحصل ما تقدم في توقيت تعيش فيه دولة الاحتلال حالة من العدوانية المتطرفة والمتحدية والمنفلتة من أي قيد او عقال او منطق، بقيادة حكومة يمينية نوعية وعلى أعلى درجة من التطرف والعدوانية تجاه كل تفاصيل الموضوع الوطني الفلسطيني.
وبما يتنكر لأي حق فلسطيني في أي مجال خاصة حقه في الحفاظ على أرضه والدفاع عنها، وليمنع او حتى يعيق سيطرة حكومة الاحتلال على كل الأرض الفلسطينية وإقامة أكبر عدد من المستوطنات عليها.
وذلك بهدف أن تسقط واقعياً أي فرصة او إمكانية لقيام أي كيان فلسطيني يقيمه الفلسطينيون على ارضهم ويمارسوا عليها أي شكل من الكيانية الوطنية مهما كانت ثانوية شكلية او حتى مقزّمة.
وحكومة الاحتلال المذكورة تبدو وتعلن وتنفذ إصرارها على اجتثاث فكرة حل الدولتين في تحد للمجتمع الدولي ومؤسساته ولدوله أيضا. وهذه الحكومة بسياساتها الداخلية وتعديلاتها المقترحة للقضاء في تحد لكل القوى السياسية الأخرى في دولة الاحتلال، وتصل بذلك الى الاستعداد للخلاف مع الولايات المتحدة الأميركية وحتى التصادم معها بالرغم من كل الروابط التاريخية والمصلحية التي تربطهما.
وعلى ضوء هذا الواقع وفي وجود هكذا حكومة، المنطق والعقل والضمير والمسؤولية الوطنية تفرض على الجميع الوطني بكل قواه وتشكيلاته الآن تحييد الخلافات الداخلية مهما كبرت لصالح التناقض الأساسي، والعمل على رص الصفوف في مواجهة فاشية وعنصرية هذا العدو المحتل.