وكالات - صادق الشافعي - النجاح الإخباري - الحرب الروسية الأوكرانية كما هو عنوان بدايتها استطالت أكثر مما كان متوقعا لها، والاهم أنها مرشحة لاستطالة أكثر. فهي حتى الآن لا تتوفر لها أي مؤشرات محددة أو على درجة مقبولة من المصداقية على قرب نهايتها بصرف النظر عن طبيعة هذه النهاية وتفاصيلها.
يصعب القول أو التصديق أن ذلك جاء نتيجة خطأ في التقدير الروسي لتوازن القوى (العسكري بالذات) بينها وبين أوكرانيا حين بدأت حربها عليها.
وإذا كان هناك فعلا من خطأ في التقدير فإنه في اغلب الظن كان في رؤية حجم ومدى ومستوى وطبيعة واستمرارية وثبات الدعم الأوروبي الغربي لأوكرانيا في حربها مع روسيا. هو ذلك الدعم القادم بالدرجة الأولى من رأس الحربة الأوروبي، حلف شمال الأطلسي ودوله، والمتمثل أيضا بالدور الأميركي في قيادة وتوجيه معركة أوكرانيا في حربها مع روسيا.
لقد جاء هذا الدور الداعم أعلى وأشمل وأكثر استمرارية من أي توقع أو قراءة مسبقة، وجاء في كل المجالات وعلى كل المستويات وفي مقدمها المجال العسكري بكل قضه وقضيضه، بكامل ترسانته العسكرية وبكامل اتساعها وتطورها ومعها خبراؤها ومدربوها ومشغلو بعض أجهزتها المتقدمة، حتى وصل به الأمر إلى الاقتراب من المشاركة الفعلية. ومتمثلا أيضا وأساسا في  تدريب للقوات الأوكرانية بالذات على استعمال وتشغيل الأجهزة والمعدات الحديثة والأكثر تطورا وتأثيرا في مجريات القتال.
ولم يكتف الغرب بهذا الدور في المجال العسكري بالأساس، وإنما وسعه ليشمل إلى جانبه المجالات الأخرى بالذات الاقتصادية، ثم السياسية.
ما تقدم شكل القاعدة والأساس التي تدفع البعض إلى رؤية الحرب القائمة كما هي حتى الآن وكأنها حرب عالمية ثالثة، أو على الأقل ربما كمقدمة يمكن أن تتطور لتصل إلى الدرجة العالمية حتى ولو لم تكن بشمول وانتشار الحروب العالمية السابقة.
يعزز هذه الرؤية تطور هذه الحرب والاتساع في مسارها وفي انخراط قوى أخرى في هذا المسار حتى لو كان الانخراط المباشر في أغلبه حتى الآن ثانويا، وغير مرئي.
حتى الآن، فإن دول الغرب، الأوروبية إضافة إلى دورها في دعم وإسناد أوكرانيا في حربها مع روسيا بأقصى درجة ممكنة، وان دورها يقترب كثيرا من المشاركة الفعلية المباشرة بالقتال ضد القوات الروسية، فإنها تستفيد من مجريات الحرب في تعزيز وتقوية دورها كحلف وفي توسعته بأعضاء جدد من الدول الأوروبية الغربية مثل فنلندا والسويد وغيرهما، أي أن ما يحصل في أوكرانيا يعزز ويجدد حلف "الناتو" وهو ما يعزز ويجذر الحقيقة القائمة وهي أن الولايات المتحدة تعتبر المعركة في أوكرانيا دفاعا عن تفردها في قيادتها لعالم القطب الواحد.
وتدرك الولايات المتحدة ما يجري من محاولات جادة لخلق عالم متعدد الأقطاب.
إذ إن أميركا دائما تضع روسيا في كفة مقابلة لها وتخشى من دورها ونفوذها كقطب منافس لها. يضاف لذلك حقيقة صعود الصين ودورها وتحالفاتها وتأثيرها على المستوى الدولي إلى درجة ومستوى المنافسة الجادة الوازنة والإيجابية والمقبولة على حقيقة كونها قطبا عالميا لا يقل بحال عن القطبين الأميركي والروسي، بل يمكن أن يتخطاهما لجهة الإيجابية والمقبولية من أغلبية دول العالم وشعوبها.
من هنا، فإن ما يحصل في أوكرانيا هي عملية عسكرية اقتصادية وسياسية لإعادة صياغة العالم.