نبيل عمرو - النجاح الإخباري - لسنا بحاجة الى انتظار البيان ‏الختامي الذي يصدر عن ‏المجلس المركزي لتقويم ‏خلاصاته السياسية، ولا حتى ‏للتعرف على قراراته ‏التنظيمية .‏
في مقالة سابقة استنتجت ان ‏اجتماع المركزي لن يأتي ‏بجديد، وهذا الاستخلاص ‏المسبق جاء وفق مبدأ ‏المقدمات التي تدل على ‏الخلاصات، وكذلك وفق ‏ميزان المقارنة بين فضاء ‏الاقوال التي لا حدود له ‏ومعوقات الأفعال على ‏الأرض التي تحدد الخطى ‏وترسم الجدوى. ‏
الاجتماع الأخير للمجلس ‏المركزي المفترض انه ‏الاطار الأكثر شرعية في ‏مجال منظمة التحرير، وقع ‏تحت تأثير تجاذبات مبالغ ‏فيها بين ترويجات “المع” ‏الساذجة كالقول انه الأخطر ‏في حياة الفلسطينيين وانه ‏سيتخذ قرارات حاسمة تغير ‏العلاقات والمعادلات، وانه ‏سيوفر قوة دفع هائلة للحالة ‏الفلسطينية المتردية، حتى ‏ذهب البعض حد اعتباره ‏خطوة هامة نحو استعادة ‏الوحدة وتطوير المكانة ‏والزخم. كان هذا هو منطق ‏المروجين لاي قرار يتخذ ‏بما في ذلك قرار عقد ‏المجلس.‏
ويقابل هؤلاء معسكر ‏‏”الضد” الذي لم يترك شاردة ‏او واردة في ما قاله مالك في ‏الخمر الا وقالها في المجلس، ‏وكانت النتيجة ان ارهق ‏الاجتماع الاشكالي قبل ان ‏ينعقد، ما رتب نتيجة فادحة ‏وهي تراجع ما تبقى من ‏صدقية ولو دعائية لدى ‏الطبقة السياسية عند الناس ‏الذين راعهم ما رأوا وما ‏سمعوا عن المساومات ‏والصفقات التي أظهرت خفة ‏وهزال العلاقات الداخلية ‏لدى طبقة سياسية اظهرت ‏انها لا تجيد فن الموالاة ولا ‏المعارضة، وكلما اقدم أي ‏فريق على فعالية معينة ‏تتكاثر الأخطاء وتتراجع ‏ليس الرهانات الشعبية وانما ‏الاهتمام ولو حتى من قبيل ‏الفضول.‏
ملء المركزي الشواغر التي ‏حدثت بفعل الاستقالة او ‏الوفاة او الاستنكاف، وفق ‏الطريقة الدارجة وهي تقاسم ‏المواقع بين المشاركين وهم ‏يعرفون حق المعرفة بأن ‏المنظمة القديمة التي كانت ‏من الثقل والفاعلية بحجم ‏يستحق الاقتتال الديموقراطي ‏على مواقعها لم تعد هي ‏المنظمة الان، وبالتالي كانت ‏المساومات اقرب الى العبثية ‏والتباهي بالحصص.‏
قرأت كلمة الرئيس عباس ‏التي نشرت في اليوم التالي ‏لالقائها ، لم اكن بحاجة الى ‏الاستعانة بمجهر لاكتشاف ‏الجديد فيها، ووفق خبرتي ‏بخطابات الرئيس وكنت في ‏زمن ما واحدا ممن كتبوا ‏الكثير منها، فالرجل له ‏طريقة خاصة في المواءمة ‏قدر الإمكان بين فضاء اللغة ‏اللامتناهي الذي يحلق فيه ‏اهل الشعارات المتوارثة مع ‏انها مستحيلة، ومعيقات ‏الواقع التي تقيد قراراته ‏وتضعطها في حيز الممكن ‏الضيق، ذلك ان الرئيس ‏عباس لم ولن يغادر مربع ‏التسوية وادبياتها حتى لو ‏انتهت كل مقوماتها، ولن ‏يغادر العلاقة مع أمريكا ‏حتى لو نكثت بوعودها، ولن ‏يغادر العلاقة مع إسرائيل ‏التي يفسرها بمحاولة ‏الحصول على حقوقنا التي ‏ما تزال بحوزتها مكررا ‏القول بأن المزايا التسهيلية ‏اقتصادية كانت ام مالية ‏وحتى لم الشمل، لن تكون ‏بديلا عن الحل السياسي، مع ‏يقينه وهو صاحب التجربة ‏بأن إسرائيل تراه البديل ‏الوحيد عن الحل السياسي ‏ولها في واشنطن وفي العالم ‏من يتواطأ على ذلك حتى ‏بعض العرب.‏
‏”لا جديد المركزي” ربما ‏يكون اقل ضررا على كثرة ‏ضرره من الجديد الشعبوي، ‏الذي ذهب اليه المرجون ‏السذج حين حملوه اكثر ‏بكثير مما يحتمل، الا انه ‏بالتأكيد انتج ضررا فادحا ‏بحق المؤسسة المفترض ان ‏تقود العمل الفلسطيني ‏برصانة اكثر وحسابات اسلم ‏وخيارات افضل.‏
النتيجة الملموسة للا جديد ‏هو تراجع مكانة الطبقة ‏السياسية الفلسطينية بشقيها ‏الموالي والمعارض، والاهم ‏حتى من هذا تراجع الرهان ‏الشعبي الذي كان يفترض ان ‏هذه الطبقة مؤهلة للقيام ‏بالمهمات الكبيرة المطلوب ‏القيام بها تجاه الشعب ‏والقضية، فإذا بها غارقة في ‏حالها ومساجلاتها وصفقاتها.‏