موفق مطر - النجاح الإخباري - سيدة فلسطينية أم لستة أبطال خمسة منهم أسرى هم: جهاد، ونصر، وشريف، وناصر، ومحمد في معتقلات الاحتلال الاستعماري العنصري الإسرائيلي وسادسهم عبد المنعم شهيد. لقبت بخنساء فلسطين، وسنديانة فلسطين، صارت رمزا وطنيا فلسطينيا، وبكل احترام وتقدير طبع قائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية ورئيس الشعب الفلسطيني أبو مازن قبلة على رأس أيقونة الصبر والصمود والتضحية لطيفة محمد ناجي أبو حميد المعروفة بأم ناصر أبو حميد، ونعتقد أن كل فلسطيني من الأربعة عشر مليونا  وأكثر في الوطن وخارجه يرجون لحظة نيل شرف استشراق العزيمة والإرادة، والقوة  والأمل بالنصر من محياها.. رغم أن كاهلها مثقل باثنين وسبعين عاما من مآسي وظلم وقهر النكبة واللجوء، وأكثر من ثلثي هذه السنوات عبء الانتماء والالتزام بالثورة والكفاح والنضال.. فنحن أمام إنسان فلسطيني يبكي كبده دما على أبنائه، لكنها لم تمنح القاتل الإرهابي والسجان المجرم لحظة للتشفي بها، فتراها تحبس دموعها بكبرياء قل نظيره بين سيدات الأرض قاطبة.

لا أبلغ، ولا أفصح  من درس ورسالة أم ناصر أبو حميد، رسالة لو فهم مقصدها وجوهرها الغزاة الإرهابيون وأسيادهم المستعمرون الكبار الذين أرسلوهم كأدوات  لفكروا ألف مرة بأن ديمومة وجودهم كمحتلين ومستعمرين على أرض الشعب الفلسطيني لا تساوي أكثر من عمر الفقاعة الصابونية، قياسا مع عمر زمن وجود الشعب الفلسطيني، وإلا فإنهم لا يملكون من صيغة الآدمي إلا شكله، فمن يمتلك جملة واحدة من سمات ومقومات الإنسانية، ويرى بتأمل العاقل  وتفكيره، وإحساس ومشاعر الإنسان، لأدرك استحالة مرور مشروعه الاستعماري على أرض وطن الشعب الفلسطيني، فالفلسطينية الأم (أم ناصر) لم تندب، ولم تلطم، ولم تطلب مساعدة من أي جهة دولية، فكيف لها أن تفعل، ولها في سجل البطولة والنضال: جهاد، وشريف ناصر ونصر ومحمد وعبد المنعم في سجل الخالدين.

يحرق المحتلون الصهاينة  العنصريون كبد أم ناصر في هذه الأيام  مرة ثانية على نار هادئة، بعد اغتيالهم ابنها عبد المنعم، فيتركون بكرها الأسير ( الناصر ) فريسة لسرطان قاتل يشبههم في كل تفاصيله وكيانه، فهم كالسرطان بطبيعته وطبائعه ككائن، يخترق ليقتل ما استطاع  من الأحياء ليتمدد، وينشر الموت..لكنهم لم يسألوا أنفسهم عما إذا كانت الفلسطينية أم ناصر قد منحت أولادها هذه الأسماء عبثا أم عن قصد ؟!..وقد يدركون الجواب بعد معرفتهم أسماء أحفادها: عائد، يمان، ورائد، من ابنها الأسير نصر، وأن هذه السيدة الفلسطينية تملك من الأمل ما يطفح على محيطات الأمهات في العالم، عندما  زوجت ابنها محمد المعتقل مدى الحياة مرتين ! ولا يزال حتى  اللحظة في زنازين المحتل الكاره للحياة والحاقد على الإنسانية ومن يعتنقها عقيدة، ويمارس طقوسها طوعا وهو بكامل حريته.

ثبت لكتاب التاريخ أن الأسير الفلسطيني يمتلك قوة سحرية خارقة تمكنه من إنضاج الوعي الوطني الفردي  والجمعي،  فور تطبيقه لقرار مصيري  اتخذه عن سابق تصميم وإرادة، ذلك أنه يحطم  ليس ضغط القيود والقضبان الفولاذية وظلمة الزنزانة وحسب، بل مصطلح الأسير ذاته، عندما يبرهن على فشل الإرهابي الإسرائيلي الظالم في تقييد إرادته، ومنع  روحه من السمو والتطلع للحرية، حتى لو كان مقيدا بسلاسل  كما يفعلون الآن مع الأسير ناصر أبو حميد المقيد بالسلاسل رغم غيبوبته القسرية بفعل سرطانين، أحدهما كائن بشري ( صهيوني إسرائيلي احتلالي عنصري )  يستهدف الفلسطيني والعربي والإنسان الحر المناصر للحق، والآخر كائن طبيعي، تقصد الأول زرعه بطريقة أو أخرى في أجساد أسرى، اتخذوا النضال  سبيلا لانتزاع حرية شعبهم وتحرير أرض وطنهم.

فخرنا هنا في فلسطين، على سبيل المثال في هذا المقام لا الحصر، أننا نمتلك مدرسة لتعليم الصبر، هي سيدة فاضلة ( أم ناصر ابو حميد )، ومدرسة لتعليم الإرادة والثبات، فرغم أربعة عقود من إرهاب السجان الإسرائيلي ما زال  المناضل القائد كريم يونس عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح قوي الإرادة، لا ينكسر ولا يساوم.