نابلس - عقل أبو قرع - النجاح الإخباري - تتوقع وزارة الصحة الفلسطينية موجة رابعة من انتشار فيروس كورونا قريبا، وتشهد دول عديدة في العالم إعادة انتشار كبيرة ومقلقة للفيروس، حيث شهدت بريطانيا خلال الأيام القليلة الماضية انتشارا تصاعديا كبيرا في تفشي جائحة كورونا، والأمر نفسه حدث ويحدث في دول أوروبية أخرى وفي روسيا وفي دول أميركا الجنوبية، وحتى في دول قريبة جدا منا مثل الأردن وإسرائيل.
وبالتالي فإننا لم ولن نكون بمعزل عما يحدث في العالم وفي المحيط من حولنا، حيث تعزو تصريحات مسؤولي وزارة الصحة عندنا عدم وضوح أو عدم الشعور بالموجة الجديدة من «كورونا» الى استنكاف الناس عن إجراء الفحوص، ويقابل ذلك في الشارع وبشكل واضح الاستهتار التام، أو عدم أخذ الأمور بمأخذ الجد بشكل مطلق، حيث لا يوجد تباعد أو ارتداء للكمامات أو حتى التذكير بأن هناك فيروس أو جائحة اسمها «كورونا» لم ينته العالم من خطرها ومن تداعياتها.
ومن المتوقع أن تتفشى الموجة الجديدة من «كورونا» عندنا، في ظل تسيد أو أجواء الانتشار الكبير للمتحور الأخير من الفيروس والذي يعرف بنسخة «دلتا»، وهي النسخة التي اكتسحت الهند ومن ثم انتشرت الى دول أخرى، وبالتالي باتت تعرف بالنسخة الهندية، والتي ورغم أن الدراسات لم تشر حتى الآن الى خطورتها المميتة أو فيما يتعلق بالوفيات، ألا أنه بات من المؤكد انتشارها السريع بنسبة تصل الى أكثر من الـ 70% مقارنة بالنسخة الأصلية من الفيروس، وفي نفس الوقت، هناك تضارب فيما يتعلق بنجاعة اللقاحات ضدها، رغم ان الاتجاه العام يتفق بأن هناك تناقصا في فعالية اللقاحات ضدها بغض النظر عن نوعية أو آلية عمل اللقاح.
وهذا ربما يفسر الهلع أو القلق في دول العالم من هذه النسخة المتحورة، رغم الشوط الكبير التي قطعته دول كثيرة في إعطاء اللقاحات، ولحد ما عندنا، وهذا يدل على ان هذا الفيروس يملك وسوف يملك القدرة على التحور ليصبح أقوى وربما مقاوما تماما لكافة اللقاحات في المستقبل، ولذا علينا أن نتوقع نسخا أخرى من متحورات الفيروس قريبا، وبالطبع بصورة أكثر خطورة وأوسع انتشارا وأصعب فيما يتعلق بفعالية اللقاحات.    
والتاريخ القريب للفيروس يثبت ذلك، حيث كان هناك تصاعد مطرد في الإصابات بفيروس كورونا وفي سرعة تحوره خلال فترات ليست متباعدة، وهذا يدل على أن الغموض ما زال يكتنف هذا الفيروس، وأنه ورغم الدراسات والأبحاث والأموال التي تم ويتم إنفاقها إلا أن العلماء والمختصين لم ينجحوا بعد في معرفة آلية وسرعة انتشار هذا الفيروس، وطبيعة عمله أو تأثيره على الأجسام المختلفة لبني البشر، وكيفية إحداثه الطفرات أو التغيرات التي يقوم بها.
ورغم بارقة الأمل التي انتجتها اللقاحات في العالم، بات هناك تخوف حقيقي في العالم وعندنا، من مدى انتشار وخطورة الطفرات المتواصلة من الفيروس، حيث أصبحت وبغض النظر عن منشأ أو مكان اكتشافها هي السائدة في العديد من بقاع العالم، وما زال هناك تخوف حقيقي بأن ينجح الفيروس في التحور الى طفرة لا تنفع معها اللقاحات الحالية، وبالأخص أننا نسمع هذه الأيام عن بعض الطفرات التي تصيب مجددا من أصيبوا بالفيروس أو ممن تم تطعيمهم، أي أن الأجسام المضادة التي تم إفرازها لا تقاوم الفيروس، وهذا من المؤشرات الخطيرة والمقلقة على ما يمكن أن يخبئه المستقبل.
ورغم ذلك ما زال هناك البعض يحجم أو يمتنع عن القيام بفحوص «كورونا»، أو لا يلتزم بالعزل والابتعاد في حالة الإصابة، وهذا يتطلب القيام بحملات توعوية وإجراءات عملية توفر الحماية الاقتصادية والاجتماعية للمصابين أو للمتوقع إصابتهم، لأن هذا الفيروس الذي أدى الى إغلاق دول كبرى في العالم، والى شل النظام الصحي في دول أخرى، قادر على إحداث أسوأ الأضرار في مجتمع مثل مجتمعنا، يملك القليل من الإمكانيات التي تملكها تلك الدول.
ودون مبالغة أو جدال، بعد مرور اكثر من عامين على أول إصابات «كورونا» في بلادنا، يبدو الوضع، الآن، أكثر قتامة، والأمور أكثر غموضا، ونعيش حالة من التخبط بين توقعات الموجة الرابعة أو غيرها من الإجراءات وبين تصريحات أو توقعات الحصول على اللقاحات، ورغم الجهود الكبيرة المقدرة التي تبذلها الطواقم الصحية المختلفة، من فحوص وعناية وعلاج، إلا أن الانتشار المجتمعي للفيروس من المتوقع أن يكون قريبا، ورغم المناشدات باتباع الإجراءات الوقائية كأحد المعايير الأساسية للحد من انتشار الفيروس، ما زالت الأفراح والتجمعات وبيوت العزاء يتم فتحها، ودون أخذ أي اعتبار لموجة رابعة أو خامسة للفيروس.