وكالات - صادق الشافعي - النجاح الإخباري - لم يكن هناك اتفاق لوقف إطلاق النار بالمعنى والمحتوى المعروف، ولا شيء مكتوبا بمبادئ وقواعد والتزامات وشروط كما في الاتفاقات من هذا النوع.
الاتفاق رعته ونجحت في التوصل إليه كما هو جمهورية مصر العربية، بدعم غير مباشر وإسناد من الولايات المتحدة.
جوهر الاتفاق ومحتواه هو التوافق والالتزام بعودة الأمور الى ما كنت عليه قبل بدء القتال.
بما يعنيه ويفهم منه: وقف القتال وفتح حدود قطاع غزة وحرية وصول البضائع إليه على تنوعها كما كانت تصل قبل القتال، ويضاف لها معدات وتجهيزات واحتياجات ولوازم إعادة إعمار ما دمره عدوان وقصف دولة الاحتلال في قطاع غزة.
الاتفاق بمحتواه المذكور مهدد، الآن، بالسقوط والعودة للقتال.
وحسب قول كوخافي رئيس أركان جيش الاحتلال، ان «هناك احتمالا معقولا باندلاع مواجهة عسكرية مع قطاع غزة قريبا».
والمسؤولية في ذلك تقع بالكامل على دولة الاحتلال.
فهي التي تتنصل من الاتفاق رافضة القيام بكل مسؤولياتها كما هو مشار إليها في الاتفاق، وتضع أمام ذلك شروطا تعجيزية لا يمكن القبول بها. بل هي تضيف الى ذلك شرطا تساوم فيه على تنفيذ الاتفاق بتلبية طلباتها في موضوع أسراها لدى المقاومة الفلسطينية.
وهو شرط مرفوض تماما من المقاومة.
في أساس تفسير مواقف دولة الاحتلال تكمن أولا طبيعتها العنصرية العدوانية الاحتلالية، ويضاف إليها في الأيام الأخيرة حرص الحكومة الجديدة وتمسكها بإظهار وتأكيد صلابة وعدوانية وتوسعية سياساتها ومواقفها في مواجهة أصحاب الحق والأرض.
يصب في مجرى التصلب والعدوانية واحتمالات تجدد القتال، خصوصا وان كل مفجرات المعركة الأخيرة على قطاع غزة لا تزال قائمة ومشتعلة ومتصاعدة: القدس والشيخ جراح وأحياء من سلوان، والمقدسات وفي أولها المسجد الأقصى، والاستيطان وشهية التوسع فيه المفتوحة بلا حدود او ضوابط.
ثم هناك حكومة دولة الاحتلال الائتلافية المركبة من كل المتناقضات وإصرارها على إثبات وجودها وحفظ تماسكها وتأكيد عدوانيتها «ومرجلتها».
في الجهة المقابلة، فإن الموقف الشعبي الوطني الفلسطيني، في كل أماكن تواجده في الوطن وخارجه، ما زال على نفس حاله من التوحد والتماسك والقدرة النضالية والاستعداد للمجابهة. لكن قواه التنظيمية الوطنية ليست على نفس الحال. ولا تزال بعيدة عن الحال الذي يجب ان تكون فيه لتكون قادرة على مواجهة العدو عندما يفعل عدوانه العسكري، او في التغلب على استمرار رفضه القيام بكل ما يلزمه به وقف القتال من الالتزامات التي تقدم ذكرها. ويصل عدم الاتفاق والتشاحن بين القوى التنظيمية الوطنية الفلسطينية الى عناوين تفصيلية مثل من يكون المسؤول المباشر عن إعادة إعمار غزة وعن طريقه تمر المساعدات المالية والفنية.
وتحل التصريحات والإعلانات الخلافية على الأساسيات، وحتى على التفاصيل، محل الدعوات الجادة للحوار والمواقف والاقتراحات الإيجابية - والواقعية في نفس الوقت - التي يمكن ان تقود الى حال التوحد المتجاوب مع الحال الشعبي وأمانيه وتطلعاته ومع مواقفه أيضا.
ويصبح الهدف الحقيقي من إطلاق هذه التصريحات والإعلانات مجرد إعلان موقف.
يؤكد ذلك خلوها من أي دعوة محددة لعمل او تصور معين واقتراحات ودعوات ولو مبدئية لكيفية متابعته وتنفيذه. فبعد تأجيل الدعوة المصرية للحوار بين الكل الفلسطيني لم يحصل ان صدر عن أي جهة فلسطينية دعوة محددة بديلة او محركة بآلية محددة وتوقيت مقترح، ولا حتى تم الطلب من قبل البعض التنظيمي للإخوة المصريين لإحياء دعوتهم وتفعيلها.
وفي مثل هذا الوضع تزداد وتتسع وتتعمق الخلافات، وقد تصل الى مستويات لا داعي لها.
وفي هذا الوضع أيضا، تطل برأسها وتعلن عن نفسها بشكل أوضح الطموحات الذاتية الخاصة بهذا التنظيم او ذاك، ورغبته في تعزيز مواقعه ودرجة تأثيره - وحتى تحكمه - في مراكز وهيئات العمل الموحد وصناعة القرار ودرجة تأثيره فيها.
وهو ما يزيد من الخلافات ومن ردود الأفعال المقاومة، ويفتح الباب أمام مضاعفات ومخاطر قد تصل الى درجة يصعب السيطرة عليها.
في مثل هذا الوضع، لماذا لا تتقدم قوى المجتمع المدني الفلسطيني بكامل اتساعها وتمثيلها الى المبادرة بلعب دور وطني طليعي ومطلوب في التعامل مع الحالة القائمة؟