باسم برهوم - النجاح الإخباري - أتساءل كيف يمكن للعرب الفلسطينيين أن يشاركوا في انتخابات دولة تعتبر نفسها دولة اليهود وحدهم؟ جدوى مشاركة الفلسطينيين في انتخابات الكنيست الاسرائيلي من عدمها كان مثار جدل منذ تأسيس اسرائيل كدولة فوق أرض ووطن الشعب الفلسطيني عام 1948، ما يعيد التساؤل القديم  إلى الواجهة هو قانون يهودية الدولة العنصري، والذي ينص على أن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي حصرا، وبالتالي أسقط حق المواطنة عن أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني هم أصحاب البلاد الأصليون.

تاريخيا كان المؤيدون للمشاركة في الانتخابات يقولون إن الهدف منها تكريسها جزءا من نضال فلسطينيي الداخل، من أجل تحقيق المساواة، وتعزيز مواطنة الفلسطيني ووجوده ودوره في الدولة، وإعطائه نوعا من الحماية، أما المعارضون فكانت حجتهم عدم إعطاء الشرعية للكيان الصهيوني المغتصب.

الحزب الشيوعي الاسرائيلي واعضاؤه العرب كانوا من أبرز المدافعين عن فكرة المشاركة لأن جوهر نضالهم هو حقوقي، حقوق الطبقة العاملة والفقراء والمسحوقين، وهي مطالب لها علاقة بتحقيق العدالة الاجتماعية، الأعضاء الفلسطينيون بالحزب كان همهم الى جانب الحقوق الاجتماعية، الحقوق الأخرى ذات العلاقة بالهوية والثقافة الوطنية، وتأكيد وجودهم كمواطنين على قدم المساواة.

اتسعت دائرة مؤيدي المشاركة

باسم برهوم

في السبعينيات من القرن العشرين، كما أن الحزب الشيوعي ذاته، والذي بات بعد انشقاق عام 1965 يعمل اعضاؤه العرب مع أقلية يهودية تحت اسم "راكاح" هذا الحزب بات منذ منتصف السبعينيات يخوض الانتخابات ضمن جبهة أوسع هي الجبهة الديمقراطية للمساواة. حسمت قضية مشاركة فلسطينيي الداخل في انتخابات الكنيست وأخذت شرعية وطنية بعد تشجيع منظمة التحرير الفلسطينية لها بالفترة ذاتها.

اليوم قد يطرح السؤال مجددا هل هناك جدوى من المشاركة في ظل قانون يهودية الدولة، حيث اصبحت مسألة تحقيق المساواة أصعب منالا؟

الجواب، الواقع في الجوهر لم يختلف الأمر قبل وبعد قانون يهودية الدولة، ما تم إعلانه بخصوص هذا القانون كان يطبق عمليا، وهو التهميش المتواصل للمواطنين العرب، وتهميش وجودهم كمجموعة لها هويتها الخاصة وحقوقها الوطنية ذات الجذور العميقة  في التاريخ والجغرافيا.

إن مسألة المشاركة تبقى مهمة نضالية مهما بلغ طغيان المشروع الصهيوني العنصري. فالصراع بين الشعب الفلسطيني وهذا المشروع، هو صراع مرير ومتشعب ويشمل كل تفاصيل الحياة،  كونه صراعا وجوديا "ان اكون أو لا اكون"، فعلينا أن نكون موجودين في قلب هذا الصراع وفي كل تفاصيله المتعبة والمعقدة جدا، لأن البديل هو الانسحاب من المواجهة وهو ما تريده الصهيونية وداعموها في العالم.

نحن شعب يعيش إما تحت سقف اسرائيل العنصري القاسي بعنصريته، أو تحت احتلالها، أو في المنافي مشردين في العالم، لذلك لا مجال للانسحاب بأي شكل من المواجهة والصمود ولابد من خوضها بشكل شامل.

إن المشاركة في انتخابات في دولة عنصرية إلى هذا الحد هو التحدي الأصعب فنحن كما قال الشاعر توفيق زياد أحد أبطال يوم الأرض هنا باقون على صدورهم كالجدار.

الحياة الجديدة