عبد الناصر النجار - النجاح الإخباري - قبل أسبوعين تناولنا القضية المتمثلة بتسريب عقارات مملوكة للكنيسة الأرثوذكسية إلى شركات ومستثمرين إسرائيليين بأثمان بخسة، ما يؤكد عمق فساد المتنفذين في هذه الكنيسة، ممن يقومون ببيع أملاك كنيسة عربية لمن لا يستحقها وبأسعار بخسة، بحيث إن العقار الذي يساوي مليوناً بيع بألف.
تسريب العقارات وخاصة الأراضي لم يتوقف منذ عشرات السنين، وفي كل مرة نبدأ كفلسطينيين وعرب بالصراخ واللطم.. ولكن بعد أيام عن كشف صفقات العار يتم تجاوزها وكأن شيئاً لم يكن.
قبل انتخاب البطريرك ثيوفيلوس تم انتزاع الاعتراف من اثنين من البطاركة كانا غارقين في الفساد وعمليات البيع.
أراضي البطريركية في منطقة القدس تكاد تكون انتهت ولم يبق إلاّ القليل منها، علماً أن البطريركية كانت حتى العام 1948 تحتل المرتبة الثالثة من حيث حيازتها الأراضي والعقارات في فلسطين التاريخية.
خلال الأسابيع الماضية كان هناك حراك فلسطيني وعربي أرثوذكسي شمل عقد مؤتمرات في بيت لحم من أجل تكثيف الضغط على البطريركية لوقف مسلسل التسريب. وعلى الرغم من مطالبة المؤتمرين- وهم الذين يمثلون مختلف شرائح الكنيسة الأرثوذكسية العربية- بإلغاء الاعتراف بالبطريرك وعزله لعلّ وعسى أن يتم من خلال هذا الضغط وقف عمليات البيع والتسريب، فإن هذه الاجتماعات واللقاءات والحراك الفلسطيني والعربي لم يؤثر كثيراً في الرئاسة الروحية للكنيسة الأرثوذكسية، وهي التي تتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية والدينية عن هذا الفساد.  
وعلى الرغم من لقاءات البطريرك مع مسؤولين فلسطينيين وأردنيين أكدوا له أن تسريب الأراضي والعقارات خط أحمر.. فإن هذه الاجتماعات، أيضاً، لم تكن ذات تأثير.
أول من أمس، كشف عن ثلاث صفقات جديدة لبيع أملاك للكنيسة الأرثوذكسية وبأسعار، أيضاً، متدنية، والصفقات الثلاث هي بناء يتألف من 3 طوابق في شارع الملك داود بالقدس الغربية بيع فقط مقابل 85 ألف دولار، علماً أن محامياً إسرائيلية يقيم في المبنى أكد أن سعر المتر الواحد في المنطقة يزيد على 60 ألف دولار، بمعنى أن المبلغ لا يساوي ثمن غرفة واحدة؟!
كما تم في الصفقة الثانية بيع مبنى في شارع «هس» القريب من شارع الملك داود، وهو عبارة عن مبنى يتألف من 6 طوابق ويضم محالاً تجارية وشققاً فاخرة مقابل 2,5 مليون دولار.. ربما هو سعر شقة واحدة فيه!
أما الصفقة الثالثة فكانت عبارة عن بيع 2,3 دونم في حي البقعة مقابل 350 ألف دولار، أي بمبلغ لا يتعدى 30% من ثمن الأراضي في تلك المنطقة!
ولكن ماذا بعد استمرار مسلسل التسريب والبيع.. ما العمل لوقف مجزرة القضاء على العقارات الأرثوذكسية التي تعني بالأساس الوجود المسيحي في أرض فلسطين المقدسة.
المطران الفلسطيني عطا الله حنا ما زال بموقفه المشرف في هذا الموضوع يؤكد أن الكنيسة الأرثوذكسية في الأرض المقدسة تمر بخطر شديد وأن هناك تحديات وجودية تتعرض لها، وأن المتآمرين كثر، وأن المتواطئين يضعون رؤوسهم في الرمال ويتجاهلون الواقع المأساوي والنكبة الحقيقية، مطالباً بعدم الصمت أمام هذه المجزرة بحق أملاك الكنيسة على الرغم من التهديدات الكثيرة التي يتعرض لها مع المخلصين معه من أبناء الكنيسة.
مرة أخرى يجب أن يدق جدران الخزّان بعد أن قارب على الانفجار منذراً بضياع نهائي لممتلكات الكنيسة. دق ناقوس الخطر يعني التحرك الحقيقي وبشكل فاعل من القيادات الفلسطينية والأردنية لوضع حد لهذه الجريمة، أما الصمت أو البكاء على ضياع الأندلس فلن ينفع!