وكالات - النجاح الإخباري - تتكشف تباعاً التفاصيل المتعلقة باللقاء الذي جمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، على هامش افتتاح كأس العالم في قطر، بوساطة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.

 وفي الوقت الذي أكد فيه أردوغان إمكانية حصول لقاءات قريبة على مستوى الوزراء، توقّع وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو إمكانية تبادل السفراء في الأشهر المقبلة.

وفي مؤتمر صحافي مع نظيره التركمانستاني في أنقرة، الإثنين، أشار وزير الخارجية التركي إلى إمكانية تنظيم مشاورات سياسية مجددًا مع مصر على مستوى نواب الوزراء قريباً، وإلى إمكانية تعيين سفراء في الأشهر القادمة، مؤكداً أن تركيا تهدف إلى “إنهاء الحرب الداخلية في سوريا”.

ومساء الأحد، كشف أردوغان، لأول مرة، عن أنه أجرى محادثات امتدت ما بين 30 إلى 45 دقيقة مع السيسي في قطر، مؤكداً التكهنات بأن اللقاء جرى بوساطة ورعاية أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، وذلك عقب أيام من الاعتقاد بأن ما جرى “مجرد مصافحة” سريعة على هامش افتتاح كأس العالم.

وقال أردوغان: “يمكن أن تعود الأمور إلى نصابها مع سوريا في المرحلة القادمة مثلما جرى مع مصر، فليست هناك خصومة دائمة في السياسة”، مشيراً إلى أنه علم من الأخبار التي وردته أن نظيره المصري عبد الفتاح السيسي “سعيد للغاية” إثر لقائهما في قطر، مشدداً على أن “مسار التطبيع بين تركيا ومصر سيتواصل في الفترة المقبلة على المستوى الوزاري”.

وأوضح أنه أبلغ الرئيس المصري أن ما تريده أنقرة هو “إنهاء الخلاف القائم، وأنه يجب ألا تكون هناك مشكلة بين البلدين في البحر الأبيض المتوسط”، مضيفاً: “لقد بدأ المسار الآن (لتطبيع العلاقات)، وسيستمر مع وزرائنا”، كما شدد على “أهمية الروابط بين تركيا والشعب المصري في المتوسط”، وأهمية “عدم إفساح المجال في هذا الصدد لجهات أخرى، مثل اليونان”.

وبحسب ما نقلت وكالة رويترز، الإثنين، عن مصادر مختلفة فإن مصافحة أردوغان والسيسي “فتحت الباب أمام موجة من اللقاءات الدبلوماسية غير المعلنة بين مسؤولي المخابرات في البلدين” بعد توتر شاب علاقات البلدين لسنوات، موضحة أن وفدين استخباريّين من البلدين التقيا في مصر، مطلع الأسبوع. وقال مصدر في المخابرات المصرية إن الوفدين في القاهرة ناقشا كيفية تقريب وجهات النظر بشأن الملفات الأمنية المشتركة. وأضاف أن تلك الملفات شملت وسائل إعلام مقرها تركيا مرتبطة بالإخوان المسلمين تعارض الحكومة المصرية.

فيما نقلت الوكالة عمن وصفته بأنه “مسؤول تركي كبير” قوله إن “مناقشات مهمة” بدأت بين القاهرة وأنقرة، وأن من المقرر أن تبدأ تركيا ومصر محادثات حول القضايا العسكرية والسياسية والتجارية بما في ذلك مشاريع الطاقة. وهي تسريبات لم تؤكدها مصادر رسمية من الجانبين.

وأشار المسؤول التركي إلى أن “الدولتين قد تدخلان في تعاون جدي بشأن قضايا إقليمية خاصة في أفريقيا”، مضيفاً: “الوفود ستبدأ في مناقشة قضايا تجارية وعسكرية وسياسية “خلال فترة قصيرة”، مشيراً إلى ملفات، منها اتفاق تركيا لترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، ومشروعات الطاقة، واستكشاف الموارد الهيدروكربونية، وخطوط الأنابيب في البحر المتوسط. متوقعاً أن تعيين السفيرين والتواصل لترتيب لقاء آخر بين أردوغان والسيسي سيتم في “المستقبل القريب”.

وفي حفل افتتاح كأس العالم، الأحد قبل الماضي، تصافح أردوغان والسيسي للمرة الأولى، وهو ما أعاد إلى الواجهة مجدداً ملف إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين، وفتح الباب واسعاً أمام الأسئلة حول ما إن كان ما جرى هو “مجرد مصافحة” أم “اختراق حقيقي” في مسار تحسين العلاقات الذي شهد تعثراً لافتاً في الأسابيع الأخيرة، بسبب عودة الخلافات حول الملف الليبي وشرق المتوسط، قبل أن يؤكد الجانبان وجود مسار حقيقي وجاد لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.

وقالت الرئاسة المصرية إنه تم التوافق بين السيسي ونظيره التركي، على أن يكون لقاؤهما في الدوحة “بداية لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين”، وفق بيان نشره المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، على صفحته الرسمية عبر “فيسبوك”.

وأفاد البيان أن “الرئيس السيسي تصافح مع الرئيس أردوغان بالدوحة، حيث تم التأكيد المتبادل على عمق الروابط التاريخية التي تربط البلدين والشعبين المصري والتركي”، مضيفاً: “كما تم التوافق على أن تكون تلك بداية لتطوير العلاقات الثنائية بين الجانبين”.

ويعتبر هذا التصريح المصري أبرز تصريح إيجابي يصدر من القاهرة حول العلاقات مع تركيا منذ تدهورها قبل أكثر من 10 سنوات، وهو ما يعطي مؤشراً رسمياً على أن ما جرى في الدوحة أكبر من مجرد مصافحة، وأن هناك اختراقاً حقيقياً قد جرى في العلاقات قد يمهد، خلال الأسابيع المقبلة، إلى لقاءات سياسية رفيعة، وصولاً لعقد قمة رسمية بين أردوغان والسيسي في القاهرة أو أنقرة.

من جهته، وفي أول تعليق له على ما جرى، وصف أردوغان اللقاء بأنه “خطوة أولى تمّ اتخاذها من أجل إطلاق مسار جديد بين البلدين”، وقال: “أنا أنظر للأمر بهذا الشكل، لم يكن لقاء بين زعيمي مصر وتركيا. الروابط القائمة في الماضي بين الشعبين التركي والمصري هامة جداً بالنسبة لنا، فما الذي يمنع من أن تكون كذلك مجدداً، وقدمنا مؤشرات بهذا الاتجاه”.

وأضاف أردوغان: “آمل أن نمضي بالمرحلة التي بدأت بين وزرائنا إلى نقطة جيدة لاحقًا عبر محادثات رفيعة المستوى”، معتبراً أن مطلب بلاده الوحيد من المصريين بالتوازي مع اللقاءات بين البلدين، أنّ “يقولوا لمن يتخذ مواقف معادية ضد تركيا في منطقة المتوسط نريد إرساء السلام في المنطقة”، وختم بالقول: “إن لم يحدث شيء طارئ سنتخذ هذه الخطوة بخير إن شاء الله”.

ومنذ أشهر طويلة، جرت مساع واسعة لإعادة تطبيع العلاقات بين تركيا ومصر، حيث جرت أكثر من جولة من المباحثات الاستكشافية وخطوات بناء الثقة والإجراءات المتبادلة، وهو ما كان متوقعاً أن ينتج عنه اتفاق على إعادة تبادل السفراء قد يمهد للقاءات سياسية على أعلى المستويات من البلدين، إلا أن التطورات الأخيرة المتعلقة بالملف الليبي يبدو أنها نسفت ما جرى التوصل إليه قبل أن يتم احتواء التراجع وإعطاء زخم غير مسبوق لمسار تحسين العلاقات بفضل الوساطة القطرية التي جمعت أردوغان والسيسي في الدوحة والتي تمهد للقاء رسمي بين الزعيمين، يمكن أن يحصل عقب سلسلة من اللقاءات التي بدأت بالفعل على مستوى المخابرات ونواب وزراء الخارجية وصولاً للقاءات وزارية تمهد للقمة المنتظرة التي سيعقبها، على الأغلب، الإعلان عن تبادل السفراء بين أنقرة والقاهرة.