نابلس - هاني حبيب - النجاح الإخباري - يحيي الشعب الفلسطيني، ومعه كل أحرار العالم في التاسع والعشرين من تشرين الثاني من كل عام، اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة متوافقاً مع قرار التقسيم التي أقرته العام 1947، لتذكير العالم بمسؤوليته القانونية والأخلاقية عن تطبيق العدالة الدولية وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
هذا العام، كان يتوجّب أن يكون إحياء هذا اليوم وهذه المناسبة أكثر تميزاً وتأثيراً، بعد هذا الزخم غير المسبوق من قبل المجتمع الدولي بتضامن واسع مع الشعب الفلسطيني أثناء الحرب الإسرائيلية الرابعة على قطاع غزة أواخر ربيع هذا العام، وما شهدته الساحة الدولية على اتساعها من حراكٍ وتظاهرات حاشدة منددة بالعدوان الصهيوني ودعم لنضال الشعب الفلسطيني، وبحيث بات المشهد العالمي مشاركاً فعالاً في النضال الوطني ضد الحرب ومشاركاً للمطالبة بالعدالة والحماية الدولية، وأداة من أدوات نزع الشرعية عن الاحتلال الإسرائيلي في وقت فشلت فيه المنظمة الدولية في القيام بهذه المهمة.
وكان من المتوقّع أن يتم توظيف هذا الزخم الشعبي على المستوى الدولي في إحياء غير مسبوق وغير نمطي وتجاوز الإحياء التقليدي المتعارف عليه وذلك استثماراً لهذا الزخم الذي أشرنا إليه، إلاّ أنّ ذلك لم يحدث ولم تشهد الساحات الفلسطينية لا في مناطق السلطة ولا في الشتات الفلسطيني، مثل هذا الاستثمار وغاب عن هذا اليوم حراك جدي وحقيقي كنّا نعتقد أنه كان يجب أن يكون متميزاً، كذلك غاب هذا الحراك عن العواصم العربية والأجنبية ومرّ كما يمر في كل عام دون أن تكون هناك حالة استنهاض لما تم أثناء الحرب الأخيرة على قطاع غزة. والحصيلة أننا كفلسطينيين لم ننجح في تعزيز هذا الزخم الشعبي الدولي الذي شهدناه في أواخر ربيع هذا العام ومرت الذكرى كما في كل عام، مجرّد بيانات وبعض الأنشطة النمطية التي لا تليق ولا تنسجم مع الإنجاز الذي تحقق من خلال مشهد الدعم الشعبي الدولي لقضيتنا، وأقول، إننا أهدرنا بكفاءة عالية توظيف هذا المنجز وغابت عنا القدرة على تعزيزه وفشلنا في إدارة الدبلوماسية الشعبية لجلب الدعم الشعبي الدولي لقضيتنا.
هناك أكثر من نمط يتحكم بطبيعة وتوجهات الرأي العام، واحد أهم هذه الأنماط هو ما يسمّى "الرأي العام الكامن"، والذي اطلق عليه الأشقاء في مصر "حزب الكنبة" أي المجاميع الشعبية الصامتة، وعلى المستوى الدولي هناك العديد من الأفراد والتجمعات والنقابات التي تتضامن وتؤيد نضالنا الوطني ضد الاحتلال إلاّ أنّها تكتفي بإعلان موقفها في الظل، ولكي يتم كسر الصمت والغياب من قبل هذه المجموعات يجب أن تتوفر محفّزات لاستنهاضها والخروج عن كمونها بحيث يتشكّل رأي عام معلن ومتحرّك ونافذ وفعّال. إلا أن ذلك يتطلب أدوات وبرامج وخططا، وهذا ما افتقدناه مع أننا نملك أفراداً وطاقات مؤهلة، ولا يغيب عن البال في هذا المقام الدور الفعّال وغير المسبوق للسفير الفلسطيني لدى بريطانيا حسام زملط الذي حقق نجاحاً كبيراً في ربط العمل الدبلوماسي الرسمي مع الحراك الشعبي في سياق دبلوماسية حققت تحوّلات في الرأي العام الكامن في كل من أميركا وبريطانيا تحديداً أثناء الحرب الرابعة على قطاع غزة، وكنا نتوقع أن يستمر هذا الجهد ويتعزّز من قبله ومن قبل كافة السفراء الفلسطينيين إلا أن ذلك لن يحدث.
وقد تابعنا منذ سنوات الدور الفعّال والمؤثر الذي حققه أمين عام المبادرة الوطنية الدكتور مصطفى البرغوثي الذي زاوج بين الدبلوماسية الرسمية من موقعه والدبلوماسية الشعبية وذلك من خلال حراك فاعل ومتميّز على المستويات الدولية، وخاصة في سياق الاتصال مع المجموعات البرلمانية المؤثرة في أوروبا ما أسهم بشكلٍ فعّال في اتخاذ هذه البرلمانات قرارات ومواقف داعمة لنضال الشعب الفلسطيني من أجل إنهاء الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال.