نابلس - هيا قيسية - النجاح الإخباري - ماذا لو لديك ببغاء؟ ماذا لو كنت حبة دونتس؟

لعلها أسئلة غريبة والأغرب أنها تطرح على إنسان.. ولكن ماذا تحمل هذه الأسئلة من أجوبة أغرب خاصة إذا كانت موجهة للأطفال..

اتخذت سوزان جرار وابنتها نوّار دينيز من هذه الأسئلة عنوان لمنصة على الفيسبوك على شكل مدونات موجهة للأطفال، تحمل هذه المدونات رسومات وتصميمات من الطفلة نوّار لأقرانها..

وعن هذه التجربة وكيف جاءت.. كان للنجاح هذا الحوار مع الأم سوزان، التي عرّفت لنا بداية ماهي المدونة؟

حيث قالت جرار: "إن المدونة هي عبارة عن مفكرة يكتب فيها الشخص أفكاره، وآماله ومخططاته وما يرغب بتحقيقه، أو تعلمه ،أو يسجل فيها الأفكار التي تلمس دواخله، أثناء تعامله مع مختلف أنواع الشخصيات، ومروره بالعديد من التجارب المتنوعة خلال حياته، ويمكن لنا باختصار أن نقول أن المدونة هي كتاب عنوانه (أنت) و تكتبه بخط يدك!".

وتابعت جرار عن فكرة هذه المدونات وكيف جاءت، حيث أشارت إلى أن فترة الحجر الصحي في العام الفائت 2020، كانت السبب وراء هذه الفكرة، وقالت: " كنت و ابنتي نبحث عن نشاطات لملىء الوقت الذي نتج عن محاصرتنا داخل البيوت بصورة ايجابية، فكنا نقضي ساعات طويلة في الرسم و التلوين، و خوض محادثات مطولة حول كل شيء خلال هذا الوقت ، و من ثم خطرت على بالنا فكرة مشاركة هذه التجربة مع الأطفال الآخرين من خلال اصدار مدونات للأطفال  لكي يقضوا وقتهم بصورة ايجابية" .

ولعل خير هدية تقدم للأم هي استثمارها بأولادها.. وهو مافعلته جرار مع ابنتها التي أشركتها في انتاج وتصميم هذه المدونات.

وعن أهمية هذه المدونات للأطفال تؤكد جرار أن توجيه الأسئلة للطفل، ووجود مدونة خاصة به، هي طريقة رائعة للتعرف عليه، وتعزيز شعوره بذاته، وتقوية ثقته بنفسه من حيث شعوره بأهمية رأيه، وتميز شخصيته.

كما تعتبر الأم جرار أن التدوين أداة رائعة للتطوير الذاتي للأطفال، خاصة في هذه الأيام التي تسير فيها حياتنا بوتيرة سريعة وضاغطة، ويطغى استخدام التكنولوجيا على جوانب كثيرة من حياتنا بصورة سلبتنا الكثير من الأشياء والعادات الجميلة.. كأن تلتقي مجموعة من الأطفال وهم يخوضون معا حوارات ممتعة، بدلا من حمل كل منهم لجهاز لوحي والجلوس على المقاعد بصمت.

وتشير جرار في حديثها أن التدوين يعتبر أداة رائعة لمساعدة الأطفال على التعامل مع المشاكل والقضايا التي يتعرضون لها.  وتقول: " إذا استطعنا تشبيه إجراء محادثة مع الأطفال بإعداد طبق مميز من الطعام، فإننا في هذه المدونات قدمنا لكم اقتراحات، حول المكونات التي يمكن استخدامها لإعداد طبق الطعام، لكنه في النهاية سيكون بطريقتكم الخاصة ونكهاتكم الخاصة".

 مدونة ماذا لو كنت حبة دونتس :

تقول جرار " انطلقنا في تسمية هذا الكتاب “ماذا لو كنت حبة دونتس " الذي أعددته بمشاركة ابنتي ذات الثماني سنوات، من مبدأ أن كل حبة "دونتس" لها طعم منفرد وخاص ومميز، لكن جميع قطع "الدونتس" مصنوعة من نفس العجين، ونحن أيضا كأشخاص مختلفون جدا في تفاصيلنا لكن قالبنا واحد، الفكرة التي تساعد الطفل على فهم الاختلافات وقبولها، وتعلم قيمة التنوع ، حيث أن كل منا هو مكون فريد جدا من مكونات الحياة، كما أن لكل منا صبغة خاصة، ومساهمة مميزة في هذه الحياة.

 مدونة ماذا لو لديك ببغاء؟

وتتابع في حديثها عن فكرة المدونة اثانية التي تحمل اسم (ماذا لو كنت ببغاء؟ )، " أن الفكرة انطلقت من تعزيز التفكير غير المقولب في أشياء قد تبدو اعتيادية، ومساعد الأطفال  على رسم ملامح شخصية متفردة لكل منهم، وليس مجرد نسخ صغيرة مكررة من الأشخاص، فاختلاف شخصياتنا، وتجاربنا هو أجمل ما فينا ،حيث تساعد هذه الفكرة أيضا على التصدي لظاهرة التنمر المتفشية بين الأطفال ، بالسخرية من كل ما يبدو مختلفا.

و تحتوي المدونتين على مساحات  متنوعة لتعزيز التفكير الإيجابي، الأمر الذي يدفع الأطفال دون أن يشعروا للتفكير  بشكل ايجابي و مع مرور الوقت يصبح السلوك الإيجابي  و التفكير الإيجابي أمرا اعتياديا.

ونعرض في مدوناتنا مجتمعة اكثر من 96 فكرة للتدوين، ولقد اطلعنا أثناء اعدادنا للمدونات على الدراسات التي تتحدث عن المدة التي يحتاجها الدماغ  لإكساب الانسان عادة جديدة بحيث تصبح طبعا لديه ووجدنا أنها 66 يوما من الممارسة اليومية ، وقررنا أن نكون أكثر سخاءً بعرض 96 موضوعا من خلال الكتابين بواقع 48 لكل منها.

 

كيف اشتركت مع ابنتي في اعداد المدونات :

لقد أوليت لنوّار مهمة اختيار ملامح الشخصيات – و ملابسها – كما قامت بانتقاء الأسئلة التي تطرحها المدونات من بين مجموعة كبيرة قمت بعرضها عليها كونها طفلة في المقام الأول.

وعلى قدر ما كان العمل معها ممتعا الا أنه تطلب مزيدا من الصبر والأناة، الا أنني الاحظ أن ثمار هذا التعاون قد بدأت بالظهور، حيث أشعر انها تتمتع بالمزيد من الثقة في نفسها، والأهم من ذلك أنها تعلمت درسا بأنه يمكن للشخص تحقيق ما يطمح به اذا بذل جهدا كافيا بالاتجاه الصحيح، وأن تفكر في دماغها على أنه عضلة يمكن تمرينها على ما نريد، وأنه من الأفضل لنا أن ندرب أنفسنا على التفكير الايجابي الذي له فوائد جمة على حياتنا مهما بلغنا من العمر.

 

منصة على الفيس بوك باسم ماذا لو

هذا ولقد اطلقنا صفحة على  الفيس بوك باسم "ماذا لو " ونأمل لتحويلها لمنصة للفائدة للأطفال والأهالي من خلال اصدارتنا المختلفة، و من خلال عرض العديد من المواضيع ذات العلاقة بالطفولة و الأطفال مثل فوائد التفكير الايجابي، التدوين، الذكاء العاطفي ، التنمر وغيرها من العناوين المهمة.

وفي ختام حديثها قالت جرار إن المحادثات التي قد تبدو عشوائية مع الأطفال لها أثر كبير على تنمية شخصياتهم، بحيث يتعلم الأطفال عن الحياة كل يوم ويخضون تجاربا جديدة، ويعتبر كيفية بدء علاقات إنسانية صحية والحفاظ عليها، أحد أهم التجارب التي على الأطفال  تعلمها. فسواء كان الشخص البالغ والدًا أو فردًا من العائلة، أو مدرسًا أو صديقًا للطفل، فإن علاقته بالطفل ، تمثل نموذجًا للعلاقات المستقبلية التي سينيها الطفل لاحقا، ولذا فان الانخراط في مناقشات ممتعة وصحية، يعلمه كيف يكون مشاركًا نشطًا وفعالا في الحياة كما يعلمه التفاعل مع الأشخاص المختلفين وأن هنالك أنواعًا مختلفة من الناس، لديهم أنماط حياة، وآراء مختلفة.