حنا عيسى - النجاح الإخباري - أصدر قضاة المحكمة الجنائية الدولية قرارا اليوم الجمعة، يقضي بأن المحكمة ومقرها لاهاي لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية ما يمهد الطريق للتحقيق في جرائم حرب فيها. وأصدرت الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية قرارها بشأن طلب المدعية العامة فاتي بنسودا بشأن الولاية القضائية الإقليمية على فلسطين، حيث قررت بالأغلبية أنّ الاختصاص الإقليمي للمحكمة في فلسطين تشمل الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وهي غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، على اعتبار أنّ فلسطين هي طرف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية).

وكما هو معلوم، الأراضي الفلسطينية المحتلة في الرابع من حزيران سنة 1967 ما زالت حسب القانون الدولي خاضعة للاحتلال الإسرائيلي، هذا ما أكدت عليه المدعية العامة بنسودا "أن للمحكمة الجنائية الدولية صلاحية على الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تشمل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة".

وقالت بنسودا في تقرير من (60) صفحة، إنها تطلب باحترام من الدائرة التمهيدية الأولى التأكيد على أن الأراضي التي يجوز للمحكمة ممارسة اختصاصها فيها بموجب المادة 12 "2" (أ) تشمل الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة.

وأشارت مجدداً الى انه بموجب المادة 53(1) من نظام روما الأساسي، فان نطاق اختصاص المحكمة الإقليمي يشمل الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة.

وعلى ضوء ما ذكر أعلاه، فان الأراضي الواقعة بين الخط والحدود الشرقية السابقة لفلسطين الانتدابية، التي تم احتلالها عام 1967 هي أراضي محتلة تعتبر إسرائيل فيها سلطة الاحتلال. حيث عرفت المادة 42 من لائحة لاهاي لسنة 1907 "الاحتلال الحربي بكونه اجتياز قوات أمنية أجنبية معادية إقليم دولة أخرى والسيطرة عليه سيطرة فعلية من خلال نجاحها في إنشاء وإقامة إدارة عسكرية تمارس من خلالها أعمال إدارة وتسيير شؤون الإقليم المختلفة في ظل احتفاظها بقدرة فرض الأمن والنظام عليه بشكل فعلي ومتواصل. وبموجب هذه المادة فان الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة) تخضع لحالة احتلال حربي، يترتب عليه انطباق اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب. وعلى الرغم أن إعادة انتشار قوات الاحتلال الإسرائيلي في بعض المناطق الفلسطينية المحتلة ضمن مرحلة انتقالية بموجب اتفاقية إعلان المبادئ الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في واشنطن بتاريخ 13/9/1993 من جانب أول، وإعادة انتشار قوات الاحتلال الإسرائيلي أحادي الجانب في قطاع غزة بتاريخ 15/8/2005 من جانب ثان، فإن المناطق الفلسطينية برمتها ما زالت حسب القانون الدولي خاضعة للاحتلال الإسرائيلي.

وما يؤكد على أن إسرائيل دولة احتلال وان احتلالها ما زال مستمرا للأراضي الفلسطينية هو موقف مجلس الأمن الدولي، وذلك في القرار 242 عام 1967 والذي يدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وتم تأكيد هذا القرار في القرار 338 لعام 1973 الذي دعا إلى تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 242 القاضي بانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما دعا مجلس الأمن في قراره رقم 237 لعام 1967 إسرائيل إلى تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة دون قيد أو استثناءات أو شروط.

لذا وبغض النظر عن التصنيفات المختلفة للأراضي الفلسطينية (أ- ب- ج) وما يقترن بها من صلاحيات متفاوتة، فإن المناطق الفلسطينية برمتها ما زالت حسب القانون الدولي خاضعة للاحتلال العسكري الإسرائيلي. وبالتالي فان المحكمة الجنائية الدولية لها الصلاحيات الكاملة بمباشرة التحقيق في الجرائم التي ارتكبها الاشخاص الطبيعيين الاسرائيليين (عسكريين أو مدنيين) بحق الفلسطينيين بعد تاريخ 17/7/2002 وهو تاريخ بدء المحكمة بممارسة صلاحياتها على كل الجرائم المنصوص عليها في المادة (5) من نظام روما،وهي، على النحو التالي: (جرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية وجرائم الابادة الجماعية و جرائم العدوان).و لا بد من الاشارة أخيراً بان الجرائم لا تسقط مع مرور الزمن كما هو منصوص عليه، في المادة(29) من نظام روما لسنة 1998.

د. حنا عيسى - أستاذ القانون الدولي