دلال عريقات - النجاح الإخباري - منذ عقد اجتماع أمناء الفصائل الفلسطينية في بداية أيلول، كان هناك نسبة لا بأس بها من الشعب الفلسطيني غير متفائلة بمخرجات هذا الاجتماع، وهذا التشاؤم يعود لأسباب منطقية أهمها كثرة المبادرات لإنهاء الانقسام، التي لم تثمر، ففقد الشعب ثقته بنية المختلفين على التصالح والوحدة.

اعتقدنا في بداية الأمر ان ما يميز هذا الاجتماع هو عدم وجود طرف ثالث يتوسط في إنهاء الانقسام! الا أننا ما لبثنا الا أن شاهدنا الاجتماع الثاني يعقد في استانبول برعاية اردوغان، مما أثار خلافا في مواقف الدول العربية حيث رأت هذه الدول ان الفلسطينيين اختاروا تركيا بدلاً من عواصم دول عربية مثل القاهرة. وتأزم الموقف بعد اعتذار فلسطين عن رئاسة جامعة الدول العربية، فقد اعتذرت كل من قطر وجزر القمر والكويت ولبنان وليبيا عن استضافة دورة جامعة الدول العربية من دون موقف واضح لأجل فلسطين، ثم أثارت اتهامات بندر توتراً آخر على مستوى العلاقات الفلسطينية-العربية على المستويين الشعبي والرسمي.

دار حديث جدي في المجلس المركزي حول الانتخابات وتفاصيل إجرائها، وتعالت رؤية تعديل القانون الانتخابي لتبني النظام النسبي بشكل كامل. المتابع للشأن الفلسطيني يعي تماماً ان عقد الانتخابات حاجة مُلحة بعد تردي الوضع السياسي على مختلف الأصعدة، وآخرها التطبيع العربي العلني والمجاني دون التنسيق مع الفلسطينيين، وخطر صفقة القرن والحقائق على الأرض بما يخص القدس والاستيطان واللاجئين وخطط الضم ومصادرة الاراضي والسياسات العنصرية المتزايدة. منذ ١٤ عاماً، لم يشارك الفلسطينيون في الحياة السياسية من خلال عملية الانتخاب، وفي ظل تردي الوضع السياسي، أدركت القيادة الفلسطينية أن خياراتها باتت قليلة جداً! وهذا ما دعا الرئيس أبو مازن لاستضافة اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية.

اجتماعات الفصائل عكست إجماعاً وطنياً بأن الحل يبدأ من الداخل، والخطوة الأولى لإصلاح الحال هي إنهاء الانقسام ثم إجراء الانتخابات. لقد ذكر البيان الختامي لاجتماع الأمناء العامين أنه في الاسبوع الاول من تشرين أول سيتم عقد اجتماع للأمناء العامين لإقرار آليات التنفيذ والمتابعة لما تم الاتفاق عليه، ومن أهم البنود ان يخرج الرئيس ويصدر قراراً لدعوة لجنة الانتخابات المركزية للبدء بالتحضير للانتخابات. إلا اننا اليوم نلاحظ أن هناك مجموعة مؤشرات لعدم اعلان قرار عقد الانتخابات قريباً ومنها:

- انتظار نتيجة الانتخابات الأمريكية القادمة أوائل تشرين الثاني.

- عدم تعاون ومباركة الدول العربية لهذه الانتخابات خاصة في ظل توتر العلاقات الفلسطينية- العربية ودور وسائل التواصل الاجتماعي المُضلل.

- عدم قبول الاسرائيليين بعقد الانتخابات في القدس.

- عدم وجود ضغط او تدخل دولي لاقناع اسرائيل بتسهيل الانتخابات.

- عدم قبول الدول المانحة بنتائج الانتخابات أياً كانت، فهي سترفض نتائج الديمقراطية التي لا تجري على هواها كما فعلت سابقاً.

وأخيراً، قبل ان نتساءل اذا كان عقد الانتخابات سيحقق الديمقراطية التي نطمح بها او سنشهد ترشح فئة الشباب وتمثيلاً حقيقياً للمرأة الفلسطينية، او اذا كانت هذه الانتخابات مجرد عملية انتخابية ستفضي لتجديد شرعية النظام القائم من خلال عملية اقتراع. يبقى السؤال الْيَوْم حول جدية عقد الانتخابات الفلسطينية، ومع أنها شأن وحاجة داخلية، إلا أن قرار عقدها من عدمه ما زال يعتمد على نتيجة الانتخابات الأمريكية.

- د. دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.