ماجد هديب - النجاح الإخباري - وحدهم الفلسطينيون لا غيرهم من يتحمل مسؤولية تحرير ذاتهم وارضهم من الاحتلال ،ووحدهم ايضا من يتحملوا مسؤولية ما آلت إليه أوضاعهم  بفعل الاقتتال والانقسام ،ووحدها القيادة السياسية للشعب الفلسطيني من تتحمل مسؤولية هذا الانقسام وضياع ما سبقه من إنجازات تثبيت الدولة سياسيا وجغرافيا ، سواء تلك القيادة  التي وليناها علينا اختيارا ،وحتى تلك التي ولت نفسها ومن خلال ميليشياتها علينا عنوة  ،حيث أبت هذه القيادات  الا ان تكون رهينة لسياسات واحلاف  ما كان لها ان تكون  ، وما كان لها ان تستمر في المنطقة ايضا دون نيل رضا الاحتلال الإسرائيلي وبطلب منه، كما أبت هذه القيادات نفسها الا ان تدخل طواعية في دوائر لا خروج منها، سواء دائرة المطالبة بالسلام دون قوة مساندة لفرض هذا السلام، وحتى دائرة المطالبة بالهدنة الطويلة مع الاحتلال من اجل إبقاء الحكم واستمرار السيطرة في الوقت الذي تناسى فيه هؤلاء بشقيهم بان الشعب الفلسطيني كان وما زال صاحب قدرات إبداعية في حماية إنجازاته والدفاع عن حقوقه بديلا عنهم حينا، ومساندا لهم وان اختلف معهم حينا اخر،  ولعل مطالبة قطاع واسع من الشعب الفلسطيني بالآونة الأخيرة من حيث ضرورة انسحاب كافة الفلسطينيين من صفحة المنسق هو أحد صور ابداعات هذا الشعب في حماية إنجازاته والدفاع عن حقوقه ،وهو احد صور اسناد القيادة أيضا لما جاء في قرارها بوقف كافة الاتصالات مع الاسرائيليين الى حين الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب  الفلسطيني.

باعتقادي ان ازدياد عدد المتابعين لصفحة المنسق ، مع تصاعد نسبة المعجبين بها  والمعلقين فيها اما استجداء او تملقا كرها بالسلطة الوطنية هي أخطر من قضية التخابر مع الاحتلال نفسه ،وذلك لان التخابر لا يتأتى الا نتيجة علاقة لأفراد مع الاحتلال من الذين لا اخلاق لهم ،ولا وطنية فيهم ،ولا حتى انتماء ، بينما علاقة قطاع واسع من شعبنا الفلسطيني مع الصفحات الاستخبارية من خلال متابعتها والاعجاب بها ،بل والتواصل مع القائمين عليها ، ومن بينها صفحة المنسق بذرائع شتى ،هي بمثابة التفاف هذا القطاع الواسع بوعي منهم او دون وعي على حقوق الشعب الفلسطيني، وتقوية أيضا لدولة العدو ،مع المساهمة أيضا بتصليب قرارات الاحتلال لتنفيذ صفقة القرن وفي مقدمتها الضم والالحاق.

صحيح بان صفحة المنسق ليست بجديدة ،وصحيح أيضا بانها ظهرت عام 2015 كهيئة مكلفة  بتطبيق سياسة الاحتلال في مناطق السلطة الفلسطينية ،ولكن ما يجب ان ندركه هنا ،وما يجب ان يلتفت اليه هؤلاء الذين يستخفون في خطوة  مطالبة الانسحاب من صفحة المنسق هو ان نشاط هذه الصفحة قد ازداد في الآونة الأخيرة ،وذلك بعد ان اعلن اليمين المتطرف في إسرائيل عدم إمكانية القبول بدولة فلسطينية، وبعد ان أوقفت السلطة الوطنية الفلسطينية أيضا اتصالاتها مع الجانب الإسرائيلي ،ولذلك فان جميع منشورات هذه الصفحة جاءت وكانه لا وجود لسلطة فلسطينية ،ولا حتى حقوق سياسية للشعب الفلسطيني ، وان العلاقة مع الشعب الفلسطيني وفقا لما جاء في استقرائنا لما جاء فيها من منشورات وبيانات هي مجرد علاقة تنظيمية بين دولة وعمال في مستوطناتها لا جنسية لهؤلاء العمال ولا حقوق سياسية لهم، وهذه  السياسة الاستخبارية هي مقدمة لإنهاء دور السلطة  الفلسطينية كتجربة  ثانية من الكيانية السياسية الفلسطينية وصولا لإيجاد بديل عنها كوجود هيئة للتنسيق معها   لمتابعة المشاكل اليومية للفلسطينيين من تصاريح وحواجز وغيرها بذريعة تحسين المستوى المعيشي للفلسطينيين والانتقال بهم الى حياة افضل ،وهذا وللأسف ما يتوافق  مع رؤية حركة حماس في ظل   هدنة طويلة تسعى اليها.

على الفلسطينيين جميعا الادراك اذا وقبل فوات الأوان بان صفحة المنسق  لا تسعى لنيل رضا الفلسطينيين ،ولا تسعى لتحقيق امانيهم ايضا ،ولا حتى لتامين مقومات حياتهم المعيشية، وانما هي تسعى كغيرها من باقي الصفحات الإسرائيلية  الاستخبارية إلى تحسين صورة الاحتلال أمام العالم ،مع دفع الفلسطينيين الى التعايش مع هذا الاحتلال من خلال ما يقوم به من التظاهر بالإنسانية والاهتمام بتحسين المستوى المعيشي ، وهي خطة إسرائيلية متدحرجة لتنفيذ  صفقة القرن وما جاء في هذه الصفقة من بنود وفي مقدمتها التطبيع الاقتصادي ، ولذلك فان الاحتلال  لا يتوانى هنا ،ومن اجل إنجاح ذلك عن  إيقاع قطاع  واسع من الفلسطينيين في الفخ واستدراجهم عبر استغلال حاجاتهم وحل مشكلاتهم  كمقدمة لتأليب هؤلاء علي السلطة عندما تقتضي الحاجة وتتطلب الخطة وذلك لإعادة السيطرة الأمنية على المناطق دون إعادة احتلالها عسكريا لتنفيذ هذه الصفقة ، وهذا ما يستوجب منا القول هنا بان مطالبة  الانسحاب من الصفحات الاسرائيلية وفي مقدمتها صفحة المنسق لما تحتوي متابعتها من اخطار ،حتى لمجرد المتابعة دون تعليق ،او طلب في حاجة ،هو مطلب وطني  وعلى الجميع ضرورة التقيد والالتزام به، ليس حفاظا على تجربة الكيانية السياسية وتحقيق اماني الشعب الفلسطيني وتطلعاته  بالتحرر والاستقلال فقط  ولا حتى للالتفاف حول قرار السلطة الوطنية الفلسطينية ،وانما حماية أيضا للدول العربية ،حيث يسعى الاحتلال أيضا ومن خلال هذه الصفحات على الاتصال المباشر مع الجماهير العربية لتجنيد  أكبر عدد من العملاء لدولة الاحتلال في تلك الدول ،مع الحاق قطاعات واسعة من هذه الجماهير في خطة التطبيع  الكامل معهم.