نابلس - نهاد الطويل - النجاح الإخباري - تتفاقم ظاهرة تراكم النفايات خلال شهر رمضان في المدن والبلدات والقرى وسط عجز الجهات المسؤولة في تطويق المشكلة الموجودة أصلا على مدار العام ما يضع الاستراتيجية الوطنية الجديدة أمام الاختبار.

وشكى عدد من المواطنين من استمرار ما وصفوه بـ"أزمة" تكدس النفايات في الأحياء والشوارع حيث تغرق بالنفايات وتنتشر الروائح الكريهة في الأرجاء في وقت تتواصل فيه "الصرخات" على مواقع التواصل الاجتماعي وذلك لإيصال الرسالة الى الجهات المعنية في مجالس الخدمات المشتركة ووزارة الحكم المحلي.

وقام أحد المواطنين بنشر صور توضح حجم المشكلة في منطقته من دون حل.

وتفتح أزمة نفايات قرى جورة عمرة وتتكون من : (حجة ، وكفر لاقف، وجينصافوط، والفندق،وباقة الحطب،و اماتين، وفرعتا، وكفر قدوم ، وجيت) بمحافظة قلقيلية تفتح ملف النفايات وإدارتها في المحافظة حيث تعتمد حاليا على مكب زهرة الفنجان في جنين.

 واتهم مواطنون المجالس المحلية بـ"التقصير" في إدرة جمع النفايات خلال الشهر الفضيل وسط سوء توزيع برنامج جمع النفايات من قبل مجلس النفايات الصلبة وعدم عدالته.

ونشرت الصفحة الخاصة بالتجمع السكاني (حوالي21 الف نسمة) على "فيس بوك" فيديو يظهر قيام مجهولين بحرق نفايات صلبة والتخلص منها وسط حالة من الاستنكار بعد ان تكررت المشكلة دون أن يحرك المجلس المحلي او مجلس النفايات الصلبة او حتى سلطة البيئة ساكنا.

وتنتج محافظة قلقيلية نحو 2790 طنًا من النفايات شهريًا، منها 1500 طن تنتج من مدينة قلقيلية لوحدها بحسب تقرير  اعدته سلطة جودة البيئة عن واقع النفايات الصلبة في فلسطين.

وبحسب المعطيات الرسمية المنشورة يتم الترحيل يوميا من محطة الترحيل إلى مكب زهرة الفنجان بواسطة سيارتين، بواقع نقلتين لكل سيارة؛ وهذا ما عليه الوضع منذ بداية شهر آذار 2017 حيث تم ترحيل 2791.43 طن نفايات في شهر آذار و2765.99 طن نفايات في شهر نيسان، علما بأنه لا يوجد أي مكب عشوائي داخل المحافظة.

ويتحمل المواطنون دفع رسوم يقولون إنها كبيرة بالمقارنة بجودة الخدمة،حيث تجبي المجالس المحلية والقروية ما بين 30 شيقلًا من الأسرة شهرياً؛ فيما تقدر تكلفة إدارة النفايات للفرد الواحد ب3.7 شيقلًا في المحافظة.

نابلس ليس بأفضل حال

والمشكلة لا تنحصر في قلقيلية،ففي نابلس التي شكا فيها مواطنون أيضا من تكدس النفايات خارج الحاويات.

ونشر قسم الصحة والبيئة معلومات تؤكد أن كمية النفايات التي تجمع في أيام رمضان تصل الى 300 طن يوميًا.. بينما في الأيام العادية كان الكمية تصل إلى 200-250 طن يوميًا!

ويعتبر مجلس الخدمات المشترك لإدارة النفايات الصلبة في محافظة نابلس المسؤول الأول عن تأمين هذه الخدمة للمحافظة، رغم الصعوبات الكبيرة التي تواجه هذا القطاع في المحافظة، خاصة فيما يتعلق بعملية جمع النفايات من التجمعات السكنية، فترحيلها لنقاط التجميع، ثم شحنها لمكب زهرة الفنجان (المكب الرسمي لمنطقة الشمال)؛ بالإضافة إلى العدد الكبير للمجالس المحلية داخل محافظة نابلس؛ حيث يبلغ عدد هذه المجالس 58 مجلسًا بتعداد 392,427 نسمة؛ وينتج ما يقارب 383.9 طن يوميًا من النفايات البلدية.

الصحة في مهب الريح

وبحسب دراسة فإن النفايات المنزلية تنبعث منها الروائح الكريهة الناتجة عن تعفنها بسبب الجراثيم والبكتيريا والطفيليات، إلى جانب انتشار الأبخرة المهيجة المشبعة بالغازات السامة في ظل ارتفاع درجات الحرارة.

وذكرت دراسة أجرتها سلطة جودة البيئة مؤخرا أن تراكم النفايات يؤدي إلى انتشار الحشرات الناقلة للميكروبات والأوساخ فضلا عن تجمع الحيوانات الناقلة للأوبئة والأمراض حولها، ما يؤدي لانتشار الأمراض المختلفة لا سيما المتعلقة بالجهاز التنفسي، من أبرزها أمراض الحساسية، و الربو، والشري (الارتيكاريا)، وسيلان الأنف، والتهاب العينين، وأمراض أخرى.

وفي ضوء تداعيات الأزمة المتفاقمة، غالبا ما يلجأ البعض إلى إشعال النار في الحاويات تفاديا للروائح الكريهة المنبعثة منها، وانتشار القوارض والبعوض الذي يتكاثر في أماكن تجميعها داخل الحاويات المخصصة لها أو الملقاة في الطرقات والأزقة،وذلك رفضا لتقصير الجهات المسؤولة.

الاستراتيجية تحت الاختبار

وكانت وزارة الحكم المحلي أطلقت في العام 2017 استراتيجية جديدة لإدارة النفايات الصلبة للأعوام 2017-2022 وذلك بهدف تشجيع الاستثمار في قطاع النفايات للحفاظ على البيئة وتحويلها من تحدٍ إلى فرص استثمارية.

و تنص الاستراتيجية على تقليل النفايات المطمورة في المكبات، وطمر ما أقصاه من 10 -20 %، وأشار إلى وجود تهافت من القطاع الخاص وشركات أجنبية من أجل الاستثمار في مجال النفايات.

 ويرى الخبير في الشؤون البيئية جورج كرزم أن إعادة تدوير النفايات في فلسطين عملية مجدية اقتصاديا، ستزيد إنتاجية موارد الطبيعة، وبالتالي تساهم في رفع إجمالي الناتج المحلي.

موضحا في دراسة أجراها أن من 60-70% من النفايات في فلسطين هي مواد عضوية يمكن تحويلها إلى كمبوست (سماد عضوي) ذي الجودة العالية بتكاليف قليلة وتقنية بسيطة وبمردود كبير.  و16% من الكرتون والورق والبلاستك كذلك يمكن تدويرها من دون تكاليف عالية.

وتخسر فلسطين سنويا ملايين الشواقل بسبب عدم استغلال النفايات الصلبة بشكل جدي، إذ لا يتم تدوير إلا نحو 1% من مجمل النفايات الصلبة في الضفة الغربية وغزة، التي تبلغ كميتها سنويا نحو 850 ألف طن حسب بعض التقديرات. ويتم التدوير عبر مبادرات فردية أو مشاريع صغيرة.