بيت لحم - مريم نواورة - النجاح الإخباري - تعدُّ مدينة بيت لحم الحاضنة الأولى والقبلة الأزلية للسياح في شتى أنحاء العالم، كونها تحتوي على العديد من المعالم السياحية والأثرية والدينية، التي تجمع بين قدسية المكان وأثاره العريقة النادرة .

حيث تعتبر هذه المدينة الشاهد على ولادة المسيح عليه السلام  في أكنافها المقدسة، إضافة إلى وجود العديد من المعالم  التي جعلت منها محط أنظار للملوك والأباطرة عبر تاريخها القديم،  ومعالمها الأثرية  مثل برك سليمان ودير مار سابا ودير الجنة المقفلة وغيرها الكثير من المعالم .

منذ القدم امتهن سكان المدينة حرفة صناعة خشب الزيتون كون هذه المهنة ترتبط ارتباطا جذريا بشجرة الزيتون  التي تنمو في هذه المناطق، حيث انتقلت هذه الحرفة  التقليدية وغيرها من جيل لأخر، ويعمل فيها العديد من الحرفيين كمصدر دخل لهم، إيمانا منهم بأهمية  الحفاظ على ديمومتها، إذ يعتبرها الناس هدايا تذكارية دينية تميَّزت وتربَّعت على عرش السياحة آنذاك.

ويشير جميل عبيد أحد أصحاب المحال المختصة بالحفر على الخشب و الذي بدأ هذه المهنة قبل(50) عامًا، إلى أنَّ هذه الحرفة حظيت بمكانة عالية في الفترات الماضية رغم حالات الإغلاق  والحصار التي فرضها الاحتلال .

وأعرب عبيد عن قلقه إزاء الغزو الاقتصادي، الذي يتعرَّض له السوق الفلسطيني من المنتجات المستوردة التي تنافس المنتجات المحلية من حيث التكلفة والجودة.

وبيَّن عبيد أن العديد من المشاغل اليدوية التي تقوم بصناعه هذه التحف  كانت  المدينة تزخر بها قديمًا،  إلا أنَّ حالة الركود الاقتصادي والأزمة السياسة كانت من العوامل التي ساهمت في عزوف التجار عن  الاستمرار في هذه المهنة نظر، لإقبال السياح على الأسعار زهيدة  الثمن، واللجوء لبيع  التحف الصينية المستوردة، والتي تعتبر منافسة؛ لقلَّة ثمنها رغم الفارق في الجودة.

من جهته أشار أسامة ستيتس مدير عام الإدارة العامة للخدمات السياحية في وزراة السياحة والاثار، بأنَّ وزارة السياحة تسعى جاهدة لتطوير قطاع الصناعات اليدوية الذي  يعدُّ المكمل الأساسي لثقافة المدينة واقتصادها خاصة، في ظلِّ تعرُّض الاسواق الفلسطينية لغزو اقتصادي من منتجات دخيلة أقل سعرًا وجودة، التي أصبحت  تشكِّل هاجس يؤرق أصحاب هذه المهن للمدى البعيد.

وتابع ستيتس في حديث خاص لـ "النجاح الإخباري" : أنَّ استنساخ التحف الخشبية ذات المدلولات الدينية والتاريخية ظاهرة لا يمكن الحدُّ منها، خاصة في ظلِّ توقيع اتفاقيات بشأن التجارة الحرَّة مع  العديد من الدول المجاورة.

 وأضاف أنَّ وزارة السياحة والآثار تصبُّ جلَّ جهودها في دعم المنتج الوطني وتثبيه في الأسواق الفلسطينية والعالمية، رغم المعيقات التي يواجهها من الاحتلال إضافة إلى إغراق الأسواق بمنتجات زهيدة الثمن.

وفي السياق ذاته أكَّد رئيس غرفة تجارة وصناعة محافظة بيت لحم سمير حزبون على أنَّ هذه الحرف الصناعية مهمَّة من ناحية سياحية واقتصادية كونها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالأراضي المقدسة و بثقافة الشعب الفلسطيني و تراثه.

وأشار  حزبون  إلى  المعيقات التي واجهتها تلك الحرف، وخصوصًا حرفة خشب الزيتون خلال فترة الانتفاضة الأولى  حيث أدَّت لإغلاق الكثير من المصانع و الوحدات الحرفية، مشيرًا إلى ازدياد هذه الظاهرة في الانتفاضة الثانية، مما أدّى إلى تقليص عددها إلى (40%).

  بالإضافة إلى عدم توفر أسواق محليَّة، وانعدام الدعم المالي والوضع السياسي القائم كانت عوامل من شأنها أن تحدَّ من تطوير هذه الحرفة .

حرفة كغيرها من الحرف مركونة على الهاوية يتهدَّدها مصير الاندثار، إذا لم تضع الجهات الرسمية يدها نحو تطوريها والمحافظة عليها كونها تمثّل ثقافة فلسطينية عريقة.