أحمد عبد الغني - النجاح الإخباري - جاءت حكومة الدكتور رامي الحمدالله، بتوافق من الكل الفلسطيني وعلى رأسهم حركتي فتح وحماس كخطوة على طريق إنهاء الانقسام، للقيام بدورها التي أوكل لها، وبعد أيام قليلة من تشكيلها شن الاحتلال الإسرائيلي عدواناً واسعاً على قطاع غزة عام 2014، وعلى الفور باشرت بتحملها مسؤولية في إعادة إعمار قطاع غزة وشاركت في مؤتمر المانحين في القاهرة الذي تعهد بتوفير خمسة مليار دولار لإعادة الإعمار، إلا أن المؤتمر لم يف بالتزاماته كافة، ولكن الحكومة أشرفت على الإعمار وحققت إنجازا كبيراً في ذلك. لكنها اصطدمت بتعقيدات ممارسة مهامها في القطاع كما هو الحال في الضفة الغربية من قبل حركة حماس، واستمر الأمر طويلاً حتى اتفاق أكتوبر 2017 في القاهرة، الذي نص على تمكين الحكومة في القطاع. وجاءت الحكومة للقطاع ثمرة لهذا الاتفاق لتقوم بدورها وأعلن الحمدالله عن سلسلة مشاريع واعدة تشمل القطاعات كافة، في حال تمكينها، لكن ورغم الصورة الإيجابية الكبيرة آنذاك عن صورة الوضع، إلا أنه ومع بدء تسلم الوزارات خرجت العقبات من قبل حركة حماس، فتارة كانت تحرض موظفيها لمنع تسلم الوزارات وتارة أخرى، ترفض تسليم بعض الوزارات كسلطة الأراضي والقضاء. وتوج الأمر بمحاولة اغتياله ورئيس جهاز المخابرات العامة قبالة معبر بيت حانون في 13/مارس 2018 أثناء قدومهم للقاء حركة حماس. وهو ما فهم بأن حماس ترفض استقباله، أي أنها لا تريد تنفيذ ما تم التوافق عليه. ورغم هذا الحدث الأليم، ترافع الحمدالله عن الجراح وأبدى استعداده للعودة لغزة مرة ثانية من أجل إنهاء الانقسام.

فالحكومة التي هي حكومة الرئيس قامت بما عليها وسخرت إمكاناتها من أجل خدمة المواطن، ولأنها حكومة يديرها بشر، فالخطأ أمر وارد، ولا توجد حكومة على الأرض لم تخطئ، ولكن ما هو نسبة الخطأ والفساد بين حكومة وآخرى. وما لمسناه أن هذه الحكومة التي يتمتع رئيس وزرائها باحترام وتقدير من قبل الجميع سوى الخصوم السياسيين الذين عادتهم التطاول على الأشراف، وبعض المصالح الشخصية، إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي، الذين يضخمون من الأحداث في محاولة منهم لإرباك الساحة الفلسطينية لمصالحهم. وعندما جاء قانون الضمان الاجتماعي، فهو قانون جاء بموافقة السيد الرئيس محمود عباس، على اعتبار ان الحكومة هي حكومته، لخدمة المواطن، ولكن فئة مستئذبة لا تنظر الا لمصالحها الشخصية بعيداً عن مصلحة المواطن والوطن وحقوق العاملين رفض هذا القانون فخرجت لتحريض الشارع ضد الحكومة ودعمهم أطراف لهم مآرب سياسية خاصة، ووجدوا فيه ضالتهم التي يمكن أن يحققوا فيها مآربهم، لكنهم لم يجرؤوا على انتقاد الرئيس محمود عباس، وهم يدركون أن الحكومة هي حكومته. وقام على الفور بالإعلان بأن الحكومة تحت تصرف الرئيس وقدم الاستقالة.

فالحكومة التي تتعرض لهجوم مستمر من الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس التي ترفض المصالحة ووحدة الوطن، وأصحاب المصالح الشخصية في المناصب، لم يسجل عليها أن فشلت في إدارة المرحلة، والفشل هو حليف هذا الثالوث. (الاحتلال وحماس وأصحاب المصالح الشخصية).

إن المرحلة الحالية تتطلب أخذ العبر والدروس من ما جرى في انتخابات 2006، والتي جاءت بفوز حماس ليس لأنها الأكثر شعبية لدى الشارع كما هي تدرك والجميع يدرك، وإنما لعدم وحدة موقف حركة فتح في ذلك الوقت، وأجادت حماس اللعب على الخلافات وحصل ما حصل من نتائج جاءت لصالح حماس. واليوم ونحن مقبلون على مرحلة جديدة، فعلى أصحاب المصالح الشخصية أن يعوا جيداً ويكرسوا جهودهم من أجل وحدة الموقف الفتحاوي، ونبذ الفرقة، ليصلوا بنا إلى بر الأمان في ظل التحديات الجسيمة والمؤامرات التي تحدق بقضيتنا، لأنه لا سمح الله لو نجح المشروع الأمريكي المسمى بصفقة القرن فسنغرق جميعاً وسنندم يوم لا ينفع الندم. وليدركوا أن المناصب تكليف وليست تشريف ومهمتها ثقيلة في واقع فلسطيني مليئ بالتحديات.