عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - حشدت حركة حماس أمس، قوة كبيرة لحث الجماهير الفلسطينية على المشاركة بقوة في مسيرة العودة على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة، واستئناف إطلاق البالونات الحارقة والطائرات الورقية على مستوطنات غلاف غزَّة بعد فشل جهود التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي التي رعتها العاصمة المصرية القاهرة، في محاولة منها للضغط على الاحتلال لابرام التهدئة، بعيداً عن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.

وشارك آلاف الشبان في جمعة أطلق عليها اسم "عائدون رغم أنفك يا ترامب"، تخلَّلها إشعال إطارات مطاطية، وبالونات حارقة، وحرق دمى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزرء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان.

محللون سياسيون، رأوا في خطوة حماس أمس حيث الحشد الكبير على حدود غزة رسائل للجانب المصري وللسلطة الفلسطينية، بعد أن شعرت حماس أنَّها خدعت بشأن مفاوضات التهدئة الأمر الذي جعلها تعود للميدان "مسيرات العودة" مرَّة أخرى.

وسيلة ضغط

الكاتب والمحلل السياسي د. رياض العيلة، رأى أنَّ مشاركة الكثير من المواطنين في مسيرة العودة في الجمعة الأخيرة، بعد دعوة حماس، يأتي رداً على قرار الحكومة المصرية الذي دعت فيه حماس إلى المصالحة قبل توقيع اتفاق تهدئة مع الاحتلال.

وقال العيلة لـ"النجاح": إنَّ حماس استخدمت الحشودات شرق غزَّة كوسيلة ضغط على مصر والسلطة أيضاً"، مشيراً إلى أنَّ هذه الضغوطات ستفشل في تحقيق مآربها.

وأضاف "في الأشهر الماضية مارست حماس العديد من الضغوطات على جهات متعدّدة بشأن عملية التهدئة، ولم تصل لدرجة تحقيق الأهداف، وربما أيضاً هذه الضغوطات لن تؤثر على الأطراف، ولكنَّها تؤثر على المواطنين في قطاع غزَّة الذين تزداد أوضاعهم سوءاً يوماً بعد آخر".

وأشار المحلل العيلة إلى أنَّه ومنذ بداية انطلاق مسيرات العودة في غزَّة استشهد أكثر من (170) مواطناً وأصيب حوالي (20000) مواطن، كان منهم (3000) إعاقة "بتر الأقدام"، متسائلاً في الوقت ذاته "هل فعلاً حقَّقت هذه المسيرات أهدافها في كسر الحصار وعودة اللاجئين" ؟

وتابع: "هذه المسيرات انطلقت من أجل حق العودة وكسر الحصار لكنَّها لم تحقق أهدافها حتى الآن، بل جاءت بالضرر على المواطنين في غزَّة.. فالحصار لم يُفك، وقضية اللاجئين لم تحل بعد".

ودعا العيلة القائمين على هذه المسيرات إلى إعادة النظر في نتائج هذه المسيرات ووسائلها، والاستفادة من النتائج المترتبة عليها.

كما ولفت إلى أنَّ مسيرات العودة كانت في بدايتها تعمل في إطار المصالحة العامَّة لأنَّ أهدافها كانت "العودة وكسر الحصار"، مؤكّداً أنَّها باتت في إطار مصالح حزبية وفئوية ضيقة ومسيسة لفصائل معينة.

لتحريك التهدئة

في ذات السياق، قال المحلل السياسي، أكرم عطا الله إنَّ حركة حماس شعرت بأنَّها تعرضت لخدعة عندما انتهت مفاوضات التهدئة، لذلك دعت لتكثيف الجهود عبر الحدود الشرقية ضمن مسيرات العودة.

وبحسب تحليل عطا الله لـ"النجاح" فإنَّ حماس الفترة الماضية خفَّفت من تواجدها على الحدود- وهي فترة مفاوضات التهدئة، مشيرًا إلى أنَّها عملت على تحشيد الجماهير هذه الجمعة من أجل تحريك ملف التهدئة.

وعن مدى نجاح عملية الضغط التي تمارسها حماس على الحدود، أوضح أنَّ الميدان هو من سيحكم على نجاح او فضل هذه الضغوطات، معتبراً أنَّ الأساليب التي ستستخدم عبر مسيرات العودة هي من تحدّد العودة لمفاوضات التهدئة أم لا، على حدّ اعتقاده.

ويرى المحلل عطا الله أنَّ التوتر أحد وسائل حركة حماس للخروج من عنق الزجاجة، وأضاف: "لا مفاوضات تهدئة ولا مصالحة، لذلك ستلجأ حماس إلى خيارات أخرى".

ومن خيارات حماس المرحلة المقبلة، أكَّد عطا الله أنَّ التصعيد هو أحد الخيارات التي ستلجأ له حماس، مشيراً إلى أنَّه أكبر وسائل حماس الحالية للخروج من الوضع في غزة.

الجدير بالذكر، أنَّ العاصمة المصرية "القاهرة"، كانت ترعى جهود تهدئة بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي بشأن قطاع غزة، لكنَّها توقَّفت الآن بعد أن أرسلت مصر لحماس بأنَّه لا بد من اتمام المصالحة الفلسطينية قبل الحديث عن أيّ ملف آخر.