هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - على الرغم من  قيام النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي بتمزيق أوراق "قانون القومية اليهودي" وإلقائه صوب رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، والرفض العربي والإسلامي، إلا أن القانون العنصري لم يحظ بالمستوى اللازم للرفض بخلاف موقف الإتحاد الأوروبي تجاه القانون، فتجاوزات  الاحتلال بطمس الهوية الفلسطينية في الأراضي المحتلة، تشكل خطورة كبيرة على الحقوق الفلسطينية، أبرزها نسف قضية اللاجئين، والقدس المحتلة التي تعدّ لب الصراع الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي.

القانون ينص على أن إسرائيل هي "الدولة القومية للشعب اليهودي"، وأن حق تقرير المصير فيها "يخص الشعب اليهودي فقط"، الأمر الذي يستثني فلسطينيي 48 ويهمش دورهم السياسي والاجتماعي في فلسطين.

فأي قوانين دولية يخالف هذا القانون؟ وما أهدافه السياسية؟ وكيف يمكن التصدي له قانونيا وسياسيا على المستوى الفلسطيني والدولي؟ ولماذا أقر في هذا التوقيت بالذات؟ وهل سنتجه لحرب دينية؟

أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية لحماية المقدسات في القدس، والخبير في القانون الدولي حنا عيسى، أكد أن قانون القومية اليهودي جاء لسرقة الأرض الفلسطينية وتحقيق الحلم الاسرائيلي بحق تقرير المصير، واعتبار الضفة جزء من أراضي اسرائيل، والعبرية لغة رسمية مع مظاهر السيادة الكاملة مثل النشيد الوطني، والعلم، ووثيقة الاستقلال.

وأوضح عيسى في تحليل خاص لـ"النجاح الإخباري" أن أخطر ما جاء في هذا القانون إقراره كقانون أساس لدولة إسرائيل  ليحل محل وثيقة إعلان الاستقلال لسنة 1948، ويصبح بمثابة دستور مقتضب لدولة اسرائيل يتناول فيه كل مظاهر السيادة الداخلية والخارجية ويثبت حقوق اليهود خاصة مع استدعاء اليهود بالشتات للإنضمام الى دولة اسرائيل اليهودية.

ونوه عيسى إلى أن ما يحدث الان يعيدنا لسنة 1003 ق.م ومملكة داوود وسليمان، كونهم يتحدثون عن يهودية الدولة وليس يهودية طابع الدولة.

وأثار إقرار القانون غضب الشعب الفلسطيني داخل الخط الأخضر (أراضي 48) كما أثار انتقادات في الخارج، من بينها مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني والتي عبرت عن قلقها قائلة إن القانون "يعقد حل الدولتين".

من جهته دعا عيسى السياسيين إلى ضرورة فضح الأهداف العنصرية لقانون القومية اليهودي، مؤكدا أن إسرائيل بدأت في الصراع الديني على حساب الحقوق الفلسطينية لتثبت للعالم أن الصراع بين اليهودية والإسلامية وليست سياسية.

وأشار عيسى إلى أن القانون يخالف  القوانين الدولية كافة دون استثناء، ومنها ميثاق هيئة الامم المتحدة، والاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948، والعهدين الدوليين لسنة 1966.

المطلوب فلسطينيا ودوليا

وفيما يتعلق بكيفية التصدي لهذا القانون، شدد عيسى على ضرورة ذهاب السلطة الفلسطينية للجمعية العامة من خلال المجموعة العربية لطلب إصدار فتوى من محكمة العدل الدولية تنص على أن القانون يتناقض ويتعارض مع القانون الدولي وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.

وأضاف أن إصدار الفتوى بضغط دولي على غرار فتوى الجدار العازل عام 2004، لن يعود بالشعب الفلسطيني لنقطة الصفر عند استخدام الولايات المتحدة الفيتو في مجلس الأمن كسابقاتها.

توقيت إقرار القانون

وبين أن إسرائيل اختارت هذا التوقيت لإقرار القانون بعد الفرصة التي حازت عليها بالإعتراف في القدس كعاصمة أبدية لإسرائيل لإلغاء طريق الالام من باب الأسباط حتى كنيسة القيامة وهدم المسجد الاقصى واقامة هيكل سليمان، هذا عدا عن الانقسام الفلسطيني والتطبيع لدى بعض الدول العربية إضافة إلى الترهل الإسلامي، وازدواجية المعايير الدولية، وتسابق الدول العربية على إقامة علاقات دبلوماسية وعسكرية مع إسرائيل.

بدوره أوضح الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن إقرار إسرائيل القانون في هذا التوقيت له علاقة بالفرصة التي لم تحلم بها سابقا، وهي تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، المستعد لتبني كل ما يصدر عن اسرائيل بل ويساهم في تنفيذه، إضافة إلى الوضع العربي السيء.

الأهداف السياسية

وأكد عوكل لـ"النجاح الإخباري" أن القانون يشكل حلقة من حلقات استكمال المخطط الصهيوني الأصلي القائم على فكرة أرض بلا شعب لشعب بلا ارض، والذي يرسم هوية إسرائيل العنصرية.

واعتبر عوكل أن ما حدث لا يعد ورقة رابحة لإسرائيل كما رأى بعض المحللين الاسرائيليين، لافتا إلى أن القانون لا يحدد حدود دولة اسرائيل فأطماعها السياسية أوسع بكثير من فلسطين.

بدوره اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، "إنجازا عظيما"، قائلا إنه "بعد 122 عاما من نشر هرتسل لرؤيته، فقد تحدد في القانون مبدأ أساس وجودنا، وهو أن إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي".

من جانبه، اعتبر رئيس الكنيست، يولي إدلشطاين، المصادقة على القانون "حدثا تاريخيا"، بإدعاء أنه "يضمن كون إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي، والنشيد الوطني والعلم والحق بالاستيطان سيكون مضمونا لأجيال".

إسرائيل تقود نفسها للجحيم

بدوره نوه عوكل إلى أن إسرائيل تعاني من عزلة متزايدة في المجتمع الدولي كالعالم الرأسمالي جنوب افريقيا الذي سقط عندما أصبحت العنصرية قبيحة، مؤكدا أن هذا مصير التحالف اليميني لإسرائيل الذي حذر منه كتاب إسرائيليين كونه يقودهم للجحيم.

وراى عوكل أن الحرب الآن ليست دينية بقدر ما هي صراع شامل مع إسرائيل.

وأكد عوكل أن مواجهة هذا القانون يكون بتحقيق المصالحة الفلسطينية، وبناء استراتيجية وطنية جديدة لتأسيس حراك عربي وإسلامي ودولي لمنافسة الولايات المتحدة.

واختتم عوكل حديثه مع "النجاح" مشيرا إلى أنه في ظل التحالف الأمريكي والإسرائيلي واسقاط حقوق اللاجئين، وصفقة القرن، أصبح ما يقال عن عملية السلام علاقات عامة فقط.

وكان الكنيست الإسرائيلي، المؤلف من 120 عضوا، أقر القانون الخميس الماضي بعد أشهر من الجدل، وذلك بموافقة 62 نائبا ومعارضة 55 وامتناع نائبين عن التصويت.

ويصل عدد الفلسطينين في إسرائيل إلى 1.8 مليون نسمة، أي حوالي 20 بالمئة من عدد السكان البالغ 9 ملايين نسمة.