النجاح الإخباري - وضعت روسيا نفسها على الخريطة الكروية العالمية، بعدما أبهرت العالم بنجاح تنظيمي لم يكن يتوقع ان يصل إلى هذا الحد، في ظل الأوضاع الأمنية والتوترات السياسية والديبلوماسية بين الدول، مع ختام كأس العالم 2018، التي امتدت من 14 حزيران الماضي حتى 15 تموز الجاري. 

واللافت ان هذا المونديال سيدخل التاريخ، ولن ينساه أحد، في ظل المفاجآت التي حصلت، إن كانت بخروج الكبار او الأهداف الكثيرة وصولاً إلى التسجيل من ركلات ثابتة بأعداد كبيرة.

وأحرز المنتخب الفرنسي اللقب للمرة الثانية في تاريخه، إثر فوزه على نظيره الكرواتي (4-2)، بينما دخل المنتخب البلجيكي تاريخ كأس العالم باحتلاله أفضل مركز له من خلال حصده "البرونزية"، مقابل حصد إنكلترا المركز الرابع.

مفاجآت بالجملة

بدأت قصة المفاجآت بعدم تأهل إيطاليا (بطلة 2006) وهولندا (ثالثة 2014) إلى النهائيات. هما منتخبان دائماً ما يعطيان المونديال طعماً خاصاً، نظراً لشعبيتهما، فضلاً عن ان الكرة الإيطالية تعتبر من بين أفضل 5 بطولات عالمية (إنكلترا، المانيا، فرنسا، اسبانيا وإيطاليا).

كانت بداية النهائيات مفاجأة أيضاً، فخسارة قاسية تعرض لها المنتخب السعودي أمام نظيره الروسي (المضيف) بخماسية نظيفة، شكّلت صدمة لدى الجماهير العربية والسعودية حتى الروسية، التي لم تكن تتوقع لا هذه البداية ولا هذه النتيجة الكبيرة.

استمرت المفاجآت، وكان أبرزها خروج ألمانيا (بطلة 2014) من الدور الأول، واحتلالها المركز الأخير بثلاث نقاط فقط، بخسارتها امام المكسيك وكوريا الجنوبية وفوزها اليتيم على السويد.

خسارة الأرجنتين القاسية أمام كرواتيا 0-3، خروج المنتخبات العربية جميعها من الدور الأول (السعودية، مصر، المغرب، تونس)، خروج البرتغال، خروج "التانغو"، خروج اسبانيا (بطلة 2010)، وخروج البرازيل، كلها مفاجآت أغضبت البعض وأفرحت البعض الآخر.

فوصول منتخبات ليس لها تاريخ بالإنجازات، هو أمر مميز لكرة القدم، لكن ذلك جاء على حساب المستوى الفني، الذي غاب عن معظم المنتخبات. ويبدو ان اللعبة ستشهد تحولاً كبيراً في السنوات المقبلة، من خلال غياب المتعة والتركيز على تحقيق الأرقام والانتصارات.

لم تقف المفاجآت عند هذا الحد، بل استمرت حين وصلت روسيا (المضيفة)، والتي لم يكن يتوقع تخطيها الدور الأول، إلى الدور ربع النهائي، بعد فوزها على روسيا في دور الـ16، إلا ان مشوارها انتهى عند محطة كرواتيا، التي وصلت الى النهائي بفوزها على إنكلترا، في مفاجأة أيضاً.

واللافت ان كرواتيا لعبت ثلاث مباريات متتالية بأشواطها الإضافية، ما جعل المدير الفني للمنتخب زلاتكو داليتش يقول: "لعبنا أمام فرنسا مباراتنا الثامنة"، (لعب في 3 مباريات شوطين إضافيين أي 30 دقيقة في كل مواجهة، ما يعني انه لعب 90 دقيقة إضافية عن فرنسا).

تنظيم مميز

نجحت روسيا تنظيمياً بنسبة مئة في المئة، وقد يقول البعض اننا نبالغ، لكن في الحقيقة ان هذا البلد أغلق كل المنافذ على الإرهاب الذي كان يهدّد بأعمال إرهابية، بدليل عدم حصول أي شكوى أي عمل خارج عن النطاق الرياضي.

ونجاح روسيا أيضاً كان من خلال تسهيل عملية الدخول إلى الملاعب، إذ كان المواصلات سلسة على الجماهير التي جاءت من كل أنحاء العالم، وهو ما أكده أحد الأشخاص الذي سافروا، مؤكداً انه من الخروج من المطار إلى الملعب او الفندق وصولاً للعودة إلى المطار، كانت الأمور التنظيمية مميزة.

وبعد تسليم الراية لقطر، التي تستضيف مونديال 2022، تبدو الدولة العربية أمام اختبار مهم تنظيمياً، وقد تطلب المساعدة من الخبرة الروسية في حال كانت بحاجة إليها.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: "أنا على يقين بأن أصدقاءنا في قطر سينجحون في تنظيم كأس العالم 2022"، مشيراً إلى ان روسيا مستعدة لتقاسم خبرة تنظيم البطولة الاعرق كروياً مع قطر.

بدوره، هنأ أمير قطر روسيا وبوتين على هذا المونديال، مؤكداً ان بلاده ستتعاون مع روسيا في كأس العالم 2022.

تقنية "الفار"

بين مؤيد ومعارض، استخدمت تقنية الفيديو للمرة الأولى في كأس العالم الـ Var، وأظهرت أموراً إيجابية وأخرى سلبية، حيث اعتبرها النقاد انها تستخدم لخدمة المنتخبات الكبرى، بينما كان البعض الآخر يعتبر انه على أي أساس يطلب الحكم الاستعانة بـ"الفار" في هذه الحالة، في حين لا يستخدمها في حالة أخرى.

على كل حال، فإن تقنية الفيديو في حاجة إلى بعض التعديلات، أبرزها سرعة اتخاذ القرار، ووضع شروط محددة تنفذ في كل المباريات.

لحظات لن تنسى

-ودّعت ألمانيا من الدور الأول للمرة الأولى منذ 80 عاماً

-روسيا كانت الأقل تصنيفاً بين المنتخبات التي شاركت في النهائيات (70)، لكنها شقت طريقها إلى دور الثمانية

-غياب نجم الأرجنتين ليونيل ميسي عن تقديم أي لمحة فنية، أو قيادة منتخب بلاده إلى الفوز في أي مباراة، علماً ان هذا المونديال قد يكون الأخير له، بينما قدم نجم البرتغال كريستيانو رونالدو أداء جيداً في الدور الأول، بتسجيله 4 أهداف.

- وصف نجم البرازيل نيمار بـ"الممثل"، بعدما تعمد السقوط أرضاً أكثر من مرة، ولم يترك أي بصمة إيجابية في هذا المونديال. وأثار هذا الأمر استياء عدد كبير من النقاد والإعلاميين والمدربين وحتى بعض اللاعبين، حتى وصلت الأمور إلى نشر صور ساخرة منه في مواقع التواصل الاجتماعي

- إنكلترا تخطت مشكلتها مع الركلات الترجيحية، حيث لم تستطع الفوز بها في أي نسخة بعدما خسرت 3 مرات في 1990 و1998 و2006، إضافة إلى خسارة 3 من أربع مرات في بطولة أوروبا، وذلك بفوزها على كولومبيا.

-أول مرة منذ عام 1982 لا ينجح أي منتخب أفريقي في التأهل إلى الدور الثاني.

-حققت المنتخبات الخمسة الآسيوية المشاركة بعض الانتصارات، وهو ما فشلت فيه في كأس العالم الماضية.

-بقي مهاجم ميلان نيكولا كالينيتش 5 أيام فقط في كأس العالم، قبل استبعاده من تشكيلة كرواتيا وإعادته إلى بلاده، بسبب رفضه المشاركة كبديل في أول مباراة أمام نيجيريا قائلا إنه يعاني من مشكلة في الظهر

-تميز المنتخب الإنكليزي بالركلات الثابتة، حيث سجل 9 أهداف من أصل 12 هدفاً، وكان قلب دفاعه هاري ماغواير الأكثر خطورة بالكرات الرأسية.

-عدد أهداف كثيرة في هذا المونديال، خصوصاً في الدور الأول.

-أهداف كثيرة سجّلت في الدقائق الأخيرة وكانت حاسمة.

-4 بطاقات حمراء رفعت فقط.

-أقام لاعبو فرنسا ممراً شرفياً للاعبي كرواتيا لحظة صعودهم على منصة التتويج، ثم حصل هذا الامر بالعكس.

-فرنسا أحرزت كل البطولات الكبرى الممكنة (كأس العالم، أولمبياد، كأس القارات، كأس الامم الأوروبية).

-المدير الفني لفرنسا ديدييه ديشان أحرز اللقب لاعباً ومدرباً.

أجمل 5 أهداف

غالباً ما يتفق العالم أجمع على أن هذا الهدف أجمل، أو ذاك، لكن لا شك ان بعض الأهداف قد يعتبرها البعض الاجمل، فيما ينظر إليها البعض الآخر على انها ليست كذلك.

فما أجمل 5 أهداف في كأس العالم؟

*هدف الروسي دينيس تشيرشيف في مرمى كرواتيا في الدور ربع النهائي، حين تلاعب بالمدافعين وسدد كرة رائعة إلى الزاوية اليمنى للحارس

*هدف لاعب إنكلترا كيران تريبير في مرمى كرواتيا من ركلة حرة مباشرة رائعة

*هدف مدافع فرنسا بينجامين بافارد في مرمى الأرجنتين، حين سدد كرة رائعة إلى الزاوية اليمنى للحارس

*هدف البرتغالي كريستيانو رونالدو من ركلة حرة مباشرة في مرمى إسبانيا في الدور الأول

*الهدف الملعوب الذي سجله المنتخب الإنكليزي في مرمى بنما، من خلال ركلة حرة أنهاها جون ستونز في المرمى

الجوائز المالية

ارتفعت الجوائز المالية للمنتخبات مقارنة بالنسخة الماضية التي أقيمت بالبرازيل، حيث حصلت فرنسا (البطلة) على 38 مليون دولار أميركي، مقابل 28 مليون دولار لكرواتيا (الثانية).

ونالت بلجيكا (الثالثة) 24 مليون دولار، فيما حصلت إنكلترا (الرابعة) على 22 مليون دولار.

وحصل المشاركون في الدور ربع النهائي على 16 مليون دولار، مقابل 12 مليون دولار للمنتخبات التي بلغت دور الـ16.

أما المنتخبات التي خرجت من الدور الأول، فحصلت على 8 ملايين دولار.

وبلغت قيمة الجوائز الإجمالية للبطولة 400 مليون دولار مقارنة بـ358 مليون دولار في مونديال 2014.

جوائز "الأفضل"

اختير قائد كرواتيا لوكا مودريتش أفضل لاعب في البطولة حاصداً جائزة الكرة الذهبية، فيما ذهبت الكرة الفضية للبلجيكي إيدن هازارد، والبرونزية للفرنسي أنطوان غريزمان.

نال الإنكليزي هاري كين جائزة الحذاء الذهبي لأفضل هداف في البطولة برصيد 6 أهداف، أمام الفرنسيين أنطوان غريزمان وكيليان مبابي والروسي دينيس شيريشيف والبلجيكي روميلو لوكاكو بـ 4 أهداف لكل منهم.

وأحرز الفرنسي كيليان مبابي (19 عاماً) جائزة أفضل لاعب شاب، في حين حصد البلجيكي تيبو كورتوا جائزة القفاز الذهبي لأفضل حارس مرمى في المونديال.

ونال المنتخب الاسباني جائزة اللعب النظيف.

التشكيلة المثالية

تضمنت التشكيلة المثالية لـكأس العالم التي اختارتها مجموعة فنية تابعة للاتحاد الدولي (فيفا)، 4 لاعبين من منتخب فرنسا:

*تيبو كورتوا (بلجيكا): حافظ على شباكه نظيفة في 4 مباريات من أصل 7 

* كيران تريبيير (انكلترا): اطلقوا عليه لقب "بيكهام الجديد". ساهمت تمريراته العرضية من لعب مفتوح أو ركلات ثابتة في العديد من اهداف انكلترا

*رافاييل فاران (فرنسا): المدافع الكامل بفضل سرعته وحسن تمركزه وقدرته على التصدي للكرات العالية

*دييغو غودين (الاوروغواي): مهندس خط دفاع منتخب بلاده خلال دور المجموعات

*لوكاس هرنانديز (فرنسا): في بطولة لم يتألق فيها اي لاعب في مركز الظهير الايسر بشكل لافت، نجح هرنانديز، الذي يشغل مركز قلب الدفاع عادة في القيام بهذه المهمة

* بول بوغبا (فرنسا): أظهر اهميته في خط وسط منتخب فرنسا من خلال اداء رفيع المستوى 

*لوكا مودريتش (كرواتيا): كان القلب النابض والمحرك الاساسي لفريقه طوال البطولة

*فيليبي كوتينيو (البرازيل): أحد أبرز البرازيليين الذين اظهروا قدراتهم الحقيقية على ارضية الملعب

*ايفان بيريسيتش (كرواتيا): بعد بداية بطيئة، نجح في انهاء البطولة بقوة

*كيليان مبابي (فرنسا): قورن بالاسطورة البرازيلي بيليه نظراً لصغر سنه، بعد ان اصبح ثاني اصغر لاعب يسجل هدفا في المباراة النهائية بعد بيليه بالذات ومرتين في مباراة واحدة في نهائيات كأس العالم في المباراة ضد الارجنتين في ثمن النهائي. نال جائزة افضل لاعب ناشىء في البطولة.

*إيدن هازارد (بلجيكا): أظهر أخيراً قدراته الفنية الهائلة في صفوف جيل بلجيكي ذهبي.