النجاح الإخباري -  افتتح مركز الأبحاث في منظمة التحرير الفلسطينية، مساء اليوم الأربعاء، أعمال مؤتمر مراجعة الاستراتيجيات الفلسطينية خلال مئة عام "أين أخطأنا وأين أصبنا" بمقر الرئاسة في رام الله.

وقال نائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو في كلمته نيابة عن الرئيس محمود عباس، إن تنظيم مثل هذه المؤتمرات هو إسهام فاعل في حركتنا الوطنية، ونحن نعول على منتجات مراكز الأبحاث وعلى رأسها مركز الأبحاث الفلسطيني في إفشال المشروع الاستعماري الهادف لطمس القضية الفلسطينية.

وأضاف إنه تم تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية ككيان معنوي للشعب الفلسطيني الذي حافظ عليها لتكون الممثل الوحيد الشرعي لشعبنا، وانتزعت اعتراف دول العالم بالقضية الوطنية وحق شعبنا في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة، لنحقق إنجازا مميزا عندما دفع 138 دولة للاعتراف بفلسطين وقبولها دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة.

وأشار إلى أن شعبنا يحظى بدعم شعوب العالم ولا يقف ضدنا إلا دولة الاحتلال، واستطاع شعبنا أن يحتل مكانة لائقة بين شعوب العالم بإنجازاته في الفن والإبداع ومختلف مجالات الحياة، ومع ذلك فإن مسيرتنا الوطنية لم تخلُ من أخطاء استراتيجية بعضها ذاتي وبعضها نتيجة الظروف، لافتا إلى أن المؤتمر سيستعرض هذه الأخطاء ويتناولها بالدراسة والتحليل، فقد أصبحنا واعين لما يدور حولنا وأصبحنا أكثر قدرة على إفشال المخططات التي تحاك حولنا، وأصبح نضالنا يؤتي ثماره، ونضالنا ينال تعاطف شعوب العالم وأصبحنا رقما صعبا في الإقليم.

وقال أبو عمرو إن شعبنا لن يسمح للاحتلال بتكرار نكبته، ومؤتمر اليوم سيحدد أخطاء الحركة الوطنية التي حدثت في السابق ليس لجلد الذات بل لدراسة وفهم أخطائنا لاستخلاص العبر وتصحيح المسار، واستخلاصات المؤتمر سينظر لها ببالغ الاهتمام.

من جانبه، قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، رئيس مجلس إدارة مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير محمد اشتية، وفي السياق ذاته، إن هذا المؤتمر يسعى لاستبصار خلاصات بمنهج علمي تحليلي، والخروج من الواقع واستبداله بحالة تنقلنا من ردة الفعل إلى الفعل، مشددا على عدالة القضية الفلسطينية، وضرورة العمل على رفع الظلم الواقع على شعبنا الفلسطيني منذ مئة عام.

وأضح اشتية أن المشروع الاستعماري الصهيوني في فلسطين بني على نفي الآخر، وتشتيت الشعب الفلسطيني بين جغرافيات عديدة، وعملوا على تهويد الأرض، وتزوير أسماء المدن والقرى، وأوحوا للعالم أن "إسرائيل" دولة قوية، وواحة للديمقراطية حتى نسي العالم الظلم الذي أوقعه الاحتلال على الشعب الفلسطيني.

وبين أن منظمة التحرير شكلت إطارا جبهويا فرض الواقع والرواية التاريخية للفلسطينيين بعد سنوات من الهيمنة الصهيونية على المشهد الأكاديمي والإعلامي والسياسي.

واستعرض اشتية مرتكزات النضال السياسي الفلسطيني المتمثلة برسم صورة واعية للنضال العسكري، وخوض معركة التمثيل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ومعركة صد احتواء المقاومة، ومعركة انجاز الاعتراف الدولي بنا كشعب وقضية.

وتناول مرحلة انتقال القيادة الفلسطينية لاستراتيجية جديدة مستندة إلى مسار سياسي تفاوضي عام 1988 حين أطلقت منظمة التحرير مبادرة السلام الفلسطينية، وقبلت بقرار 242 و338 وأعلنت استقلال دولة فلسطين، وفتحت قنوات تفاوض مع الولايات المتحدة بوساطة رجالات رأس المال الفلسطيني.

واستعرض مسار مدريد التفاوضي عقب أزمة الخليج عام 1991 واجتماع العرب في مسار سياسي واحد حضرته سوريا، ومصر، والأردن وفلسطين، والجامعة العربية، ونودي بتلازم المسارات التفاوضية، إلا أن تأزم مسار مدريد في شقه الفلسطيني فتح مسارا آخر في أوسلو أفضى إلى سلطة انتقالية كان من المفترض ان تتوج بالاستقلال عام 1999.

وأشار إلى إدراك الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات في كامب ديفيد أن موضوع الدولة المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس ليست على أجندة إسرائيل، ومحاولاتهم جعل المؤقت حل دائما.

ولفت إلى أن الرئيس محمود عباس عمل على التحرر من حالة الاستمرار في الأمر الواقع الذي تفرضه إسرائيل عبر تدويل الصراع، فيما اعتبرته إسرائيل "إرهاب دبلوماسي" لأنه يكسر المعادلة الإسرائيلية "مفاوضات أو مفاوضات"، عبر الخروج من المفاوضات الثنائية نحو المتعدد، بمرجعية القانون الدولي.

وأكد اشتية أن العلاقة الاستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة تفقد أميركا أي إمكانية لتكون وسيط نزيه للحل، يضاف إلى ذلك قوة ونفوذ اللوبي اليهودي في واشنطن، مشيرا إلى أن ملامح الحل التي يتم تسريبها عبر اللقاءات وعبر وسائل الإعلام تعبر عن تحيز مفضوح لإسرائيل وللرواية اليهودية عن فلسطين والقدس، مؤكدا رفض الشعب الفلسطيني وقيادته لها ولكل ما ينتقص حقوقنا الوطنية والسياسية المكتسبة.

وأوضح أن هذا المؤتمر سيكون سنويا لمراجعة استراتيجيات الحركة الوطنية، من الثلاثينيات وحتى اليوم، ليس من أجل تصيد الأخطاء بل من أجل استقاء الدروس والعبر، مشيرا إلى أن الرئيس قام بالتوجيه نحو استعادة وثائق مركز الأبحاث المودعة لدى الجزائر وفعلا تم استعادتها، وهي بمثابة 20 طن من الوثائق.

وأعرب عن شكره لكل الذين ساهموا في بناء هذا المركز والرقي به منذ تأسيسه عام 1965 وهم: فايز صايغ، وأنيس صايغ، ومحمود درويش، وصبري جريس، معلنا استمرار إصدار شؤون فلسطينية التي صدر منها العدد 271 أمس.

واختتمت الجلسة الافتتاحية بتكريم مدير عام مركز الأبحاث السابق صبري جريس، ورئيس تحرير الشؤون الفلسطينية سميح شبيب.

كما افتتحت اعمال الجلسة الأولى من أعمال المؤتمر بعنوان مراجعة أداء الحركة الوطنية في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي يرأسها أحمد عزم، ويتحدث فيها زياد أبو عمرو، وعلي جرباوي، ومصطفى البرغوثي، ومانويل حساسيان، وأحمد غنيم.

ويستمر المؤتمر على مدار يومين، ويناقش 40 ورقة عمل مقدمة من ذوي التاريخ النضالي، والخبرة والاختصاص، من نخبة أبناء فلسطين في الضفة وغزة، وأراضي عام الـ1948، والأردن ومصر، ولبنان، وسوريا، وأوروبا، والولايات المتحدة.