وكالات - النجاح الإخباري - نشر موقع “بوليتيكو” مقالا للسيناتور الديمقراطي عن ولاية كونيتيكت، وعضو لجنة القوات المسلحة، ريتشارد بلومنتال، والنائب الديمقراطي عن كاليفورنيا وعضو لجنة القوات المسلحة، رو خانا، والبرفسور في جامعة هارفارد، جيفري سونفيلد، اقترحوا فيه تشريعا لوقف مبيعات الأسلحة للسعودية، وإعادة ضبط العلاقات الأمريكية مع الرياض. وأضافوا أن السعودية تواطأت الأسبوع الماضي مع روسيا، وقررتا تخفيض معدلات إنتاج النفط في لقاء (أوبك+) مما زاد من أسعار الغاز لصالح موسكو.

 

وسيؤدي التحرك الصادم لزيادة التضخم العالمي وتقويض الجهود الأمريكية لتخفيض أسعار الغاز، ويساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تغذية حربه غير المبررة في أوكرانيا. وكان القرار السعودي بمثابة ضربة موجعة للولايات المتحدة، ولكنّ واشنطن لديها الوسائل للرد. فقد تقوم وعلى الفور بوقف توفير التكنولوجيا العسكرية للسعوديين. وقال كتاب المقال: “ببساطة، على الولايات المتحدة ألا تقدّم مثل هذه السيطرة غير المحدودة على أنظمة دفاعية إستراتيجية لحليف عدونا الأكبر”، والذي يهدد باستخدام السلاح النووي. مضيفين: “لهذا فنحن نقترح  تشريعا من المجلسين، النواب والشيوخ يوم الثلاثاء، والذي يوقف حالا مبيعات السلاح للسعودية. ولسنوات عادية، فكر زملاؤنا بمقترحات كهذه، إلا أنه لم يتم تمرير هذه الإجراءات”.

 

ورأوا أنه “بسبب ردة الفعل على التواطؤ السعودي مع روسيا، نعتقد أن هذه المرة مختلفة. وبناء على الحوارات مع الزملاء، فمشروعنا يحصل على دعم الحزبين في المجلسين”. وتساءل الكتاب عن السبب الذي قاد السعودية وبشكل غير حكيم لارتكاب خطئهم الأخير في (أوبك+).

 

واقترح المعلقون الذين صعقوا من أن السعوديين مهتمون فقط بالعوائد المالية، ويتصرفون بعقلانية. ونفوا أن تكون هناك دوافع سياسية وراء ذلك. في إشارة لما قاله المعلق السعودي علي الشهابي لصحيفة “نيويورك تايمز” بأن التحرك هو محاولة للحفاظ على أسعار النفط بمستويات مقبولة.

 

ويرد الكتاب أن هذا الزعم غير مبرر، فلم تقم (أوبك) أبدا بخفض الإنتاج في سوق مقيّد، وستؤدي التخفيضات إلى  موارد نفطية قليلة وغير مستدامة، مما أدى لارتفاع أسعار النفط بعيدا عن أي مستوى مقبول. وأكثر من هذا، فإن أسعار النفط التي حددتها مجموعة الدول السبع لا تستهدف (أوبك) بل روسيا تحديدا. كما لا يمكن تبرير هذا بناء على الركود العالمي غير الموجود الذي يستند عليه قادة السعودية، وفق ما يقول كتاب المقال.

 

ففي الوقت الحالي تعتبر الأسواق ضيقة وبهامش ربحي بنسبة 73% للسعودية. وبعبارة أخرى، لا توجد هناك حاجة ماسة للسعوديين كي يخفضوا معدلات الإنتاج إلا إذا كانوا يريدون التسبب بالأذى للولايات المتحدة ونفع روسيا.

 

وبالنسبة لروسيا، تصل كلفة إنتاج البرميل الواحد من النفط إلى 46 دولارا مقارنة مع 22 دولارا للبرميل المنتج سعوديا، وبمساعدة من التكنولوجيا الأمريكية.  بالإضافة إلى هذا، فروسيا هي الوحيدة المضطرة لعرض تنزيلات بـ35 دولارا للمستهلكين مثل الهند والصين؛ لأن هناك قلة تريد شراء النفط الروسي الواقع تحت عقوبات.

 

ويقول الكتاب: “حتى نكون واضحين، تظل السعودية مهمة لأمن الطاقة واستقرارها في الشرق الأوسط وللازدهار الاقتصادي العالمي، وحليفا إقليميا مهما ضد إيران. ولكنها ارتكبت خطأ فظيعا هذا الأسبوع. ويجب أن يؤدي دعمها لروسيا إلى مراجعة للعلاقات الأمريكية- السعودية، في وقت يحاول النظام في الرياض تحسين سمعته بعد مقتل صحافي “واشنطن بوست” جمال خاشقجي، والكارثة الإنسانية التي نتجت عن التدخل في اليمن. وهناك حديث بين أعضاء الكونغرس حول أفضل طريقة للرد. ويريد البعض توسيع صلاحية التشريع ضد الاحتكار المحلي للمستهلكين الدوليين”.

 

ويقترح آخرون المبادرة التي تقدم بها الجمهوريون لسحب القوات الأمريكية من السعودية. ولكن الفكرة هذه فشلت سابقا، لأن الولايات المتحدة تريد الحفاظ على قواتها هناك بدلا من قوات روسية أو صينية. وتظل الطريقة السهلة لحماية المصالح القومية الأمريكية هي تعليق الإمدادات العسكرية والمبيعات والأسلحة الأخرى للسعودية. وهذا يشمل المناورة المتعجلة لفحص المنشآت في السعودية المعروفة بـ”الرمال الحمراء”.

 

فالتعاون العسكري الأمريكي مع السعودية مكثف وأكبر مما يتصوره البعض، ولكنه يعطي واشنطن نفوذا أمنيا واقتصاديا على الرياض. وتعتمد السعودية اليوم على الدعم الدفاعي الأمريكي وتشتري معظم أسلحتها من الولايات المتحدة. ولا يمكنها أن تستبدل إمداداتها الدفاعية إلا في حال قررت الدخول في شراكة مع روسيا، إيران أو الصين التي تملك أنظمة دفاعية أقل قوة من الأنظمة الأمريكية.

 

وفي الوقت التي تكمل فيه السعودية أنظمتها الدفاعية من مصادر أخرى، إلا أنها في العادة ما تكون أسلحة متدنية المستوى وصغيرة مثل قاذفات القنابل والذخيرة. والأهم من كل هذا، هو أن اعتماد السعودية على السلاح الأمريكي وشركات التصنيع في الولايات المتحدة والتي تساعد على بناء القدرات العسكرية المحلية من خلال مشاريع مشتركة. وهذه الترتيبات المكثفة والحساسة، والتي لم تلق إلا اهتماما قليلا هي إرث مبادرة في عام 2017 حيث قامت الولايات المتحدة بترتيب نقل التكنولوجيا والوظائف للسعودية بدون سيطرة أمريكية.

 

ولا توجد هناك ترتيبات أمريكية بهذا الحجم مع حلفاء آخرين. وفي ظل نظام التشغيل البيني بين السعودية وأنظمة الأسلحة الحالية وإمكانية استبدالها بأجنبية، فلا يمكن للسعوديين الرد على هذا التشريع إلا بالعودة إلى الطاولة والتفاوض مع الولايات المتحدة بحسن نية. وكما لاحظ خبير، “فستحتاج عملية الانتقال من الطيران الأمريكي والبريطاني عقودا طويلة لاستبدالها بطائرات روسية وصينية”. وينسحب الأمر ذاته على الدبابات والاتصالات والمعدات المتقدمة.

 

ولن يكون السعوديون في وضع سهل لإحداث تحول تكنولوجي لو واجهوا حظرا على استيراد السلاح. وأي حظر سيكون مؤقتا إلى حين تراجع السعودية عن علاقتها مع بوتين.

 

وفي النهاية، ربما كان الأفضل النظر في بعض الحكمة الروسية قبل قرن، عندما قال المسرحي أنطون تشيخوف: “المعرفة لا قيمة لها إلا إذا وضعت موضع التنفيذ”. ونفس الشيء ينسحب مع النفوذ إلا إذا تم استخدامه.