نابلس - النجاح الإخباري - توفي الجمعة، المناضل الوطني سعيد كنعان، عن عمر ناهز الـ 82 عاما.

ومع وفاة المناضل سعيد كنعان ننشر تفاصيل مقابلة سابقة تمت له مع فضائية النجاح الفلسطينية تحدث فيها عن أسرار العمل السياسي والنضالي الفلسطيني وكيف كانت القيادة الفلسطيني تسعى لهزيمة حزب الليكود المتطرف في دولة الإحتلال.

كشف الراحل سعيد كنعان مستشار الرئيس الراحل ياسر عرفات، ورئيس مركز البحوث والدراسات الفلسطينية السابق، أنَّه أوَّل شخصية فلسطينية تواصلت مع الجانب الإسرائيلي قبل اتفاق أوسلو بتكليف من الراحل ياسر عرفات.

 وأثمرت الجهود عن نجاح الخطة الفلسطينية في إسقاط رئيس حزب الليكود الأسبق اسحاق شامير آنذاك في الانتخابات لصالح حزب العمل برئاسة اسحاق رابين، وتسجيل اختراق تاريخي للقضية الفلسطينية وانتزاع اعتراف إسرائيلي بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلة للفلسطينيين بعد أن كان هذا الأمر بالنسبة لشامير خطًا أحمر.

وقال الراحل كنعان في لقاء له في صالون البيت الذي تبثه فضائية النجاح:  "تلقيت اتصالاً من السفير الفلسطيني في القاهرة سعيد كمال، أعطاني فيه جملة مبهمة "عمتك تريدك في القاهرة حالاً"، وعلى الفور سافرت لأجد الرئيس محمود عباس هناك في ظلِّ مشاورات مع واشنطن ومجموعة حيدر عبد الشافي التي كانت لمجرد كسب الوقت.

وأضاف، بعد اجتياح أمريكا للعراق كان مستر بيكر وزير الخارجية الأمريكية آنذاك، يفتش عن قيادة فلسطينية بديلة وإنهاء منظمة التحرير الفلسطينية، وتقسيم الشعب الفلسطيني لشعب في الداخل وشعب في الخارج بالإضافة لأراضي 48 المحتلة.

وتابع، أنَّ الرئيس أبو مازن طلب مني اختراق المخطط الأمريكي من خلال دعم حزب العمل الإسرائيلي برئاسة اسحاق رابين، ضد اسحاق شامير رئيس حكومة الاحتلال آنذاك ورئيس حزب الليكود، واصفاً شامير بالمسؤول المتزمت في المفاوضات.

وقال: "إنَّ خطتنا ارتكزت على إسقاط شامير والقضاء عليه، من خلال مساعدة حزب العمل في الوصول للحكم مقابل اعترافه بمنظمة التحرير كممثل شعبي ووحيد للشعب الفلسطيني، وهو ما تمَّ فعلاً وسجَّل اختراقًا استراتيجيًّا للرئيس عباس.

وتابع قائلاً: "كان دوري لقاء اسحاق رابين وجماعته، وكان صديقي عبد الرحمن دراوشة عضو كنيست نسق هو ومدير حملة رابين الانتخابية دكتور أفرام سنيه للقاء، وحملت رسالة أملاها عليَّ الرئيس أبو مازن بخط يدي باللغة الإنجليزية، حيث واجهها د. أفرام سنيه برفض شديد حين سمع اسم منظمة التحرير الفلسطينية، معتبراً ذلك من التابوهات التي يمنع الحديث عنها.

وأضاف كنعان، أنَّه تحت الإصرار الشديد استطاع إقناع أفرام بسماع محتوى الرسالة التي فوافق على اعتبار أنّها مجرد معلومة.

وأردف، بعد أيام عاودني أفرام باتصال يدعوني للقاء آخر في ذات المكان "هرتسيليا" حاملاً رداً سريًّا على الرسالة التي أملاها عليه الرئيس أبو مازن، مع تحذير شديد اللهجة "أنه في حال تسريب أي معلومة والإضرار بالانتخابات سيلحقني الضرر".

وتابع، طلب مني أفرام مقابلة الرئيس محمود عباس في حديقة منعًا للتجسس من قبل أمريكا واسحاق شامير.

وأوضح كنعان، أنَّه حين عاد إلى القاهرة، كان الرئيس أبو مازن في تونس، وحضر في اليوم التالي برفقة الرئيس الراحل ياسر عرفات، وأصر أبو مازن على سماع الرسالة في قصر الأندلس حيث إقامة أبو عمار. وفعلاً تمَّ ما أراد، ثمَّ طلب أبو عمار أن نصعد للطابق الثاني ليتسنى لمحمود عباس نقل الرسالة بالكامل.

وقال: "حين صعدنا فوجئت بوجود ياسر عبد ربه، وعلمت لاحقًا أنَّ السبب في وجوده هو اتقانه للغة الإنجليزية. وأضاف أنَّه حمل الرد الفلسطيني للجانب الإسرائيلي على دولارات منعًا للتوقيف.

واستدرك، حين وصلت فلسطين تفاجأت بعدد من الصحفيين الإسرائيليين يسألون عني، وحين استفسرت علمت أنَّ جريدة "لكنار آنشانيه" وهي فرنسية قد تداولت خبر اتصالات سرية بين رابين وياسر عرفات عبر سعيد كنعان، وأنكرت بدروي حينها وشعرت بخوفٍ شديد.

وأردف قائلاً: "تواصلت مع أفرام طالبًا مقابلته فرفض، إلا أنَّه عادوني بالاتصال موافقًا على المقابلة، وأعلمني أنَّ التسريب تمَّ من الجانب الفلسطيني، ولكن لا مجال للتراجع، وحملني رسالة للقيادة الفلسطينية بندها الأول كان: كيف تساعدونا على إسقاط  حكم شامير؟ فيما شدد اسحاق رابين على أن تجري الأمور بسرية تامة.

وقال :"شعرت بفرحٍ شديد أنَّنا استطعنا انتزاع اعتراف بالشعب الفلسطيني منالاحتلال.

وأضاف على ضوء الاتفاق، تمَّت مساعدة اسحاق رابين في الانتخابات عام 1992 من خلال دعم فلسطينيي الداخل المحتل لحزب العمل في الانتخابات. وهو ما أدى إلى نجاح المخطط بفوز رابين وسقوط اسحاق شامير. وعليه اعترف رابين بمنظمة التحرير الفلسطينية.

مفاوضات أوسلو

وعن مفاوضات أوسلو، أوضح سعيد كنعان، أنَّ حيدر عبد الشافي كان يدير مفاوضات مع اسحاق شامير، وكان شامير مصمم على شروط متزمتة  مبنية على أساس أن تكون المفاوضات عبر وفد أردني، وألَّا يشارك فيه المقدسيون، مع عدم الاعتراف بمنظمة التحرير مطلقًا.

أضاف كنعان "دوري انتهى إلى هنا وأخبرني أبو مازن بأنَّه تمَّ فتح قنوات خارجية لم أعلم بها إلا لاحقًا وجاءت باتفاقية أوسلو التي لم أكن جزءًا منها".

وعن مركز البحوث والدراسات الفلسطينية، أوضح كنعان أنَّه تمَّ افتتاحه عام (1992) من نخبة منتقاه منهم الدكتور ابراهيم أبو رغد، والشاعر محمود درويش، ورشيد الخالدي من أمريكا، ومحمد مصلح من جامعة نيويورك، وأعضاء من نابلس ورام الله، واستطاع المركز أن ينتج دراسات استراتيجية ضخمة وأن يكون المركز هو الرائد في استطلاعات الرأي العام الفلسطيني، وقد زاره الرئيس الراحل أبو عمار وأبو مازن قبل استلامه الرئاسة.

ولفت إلى أنَّ المركز تم اتهامه بعمل استطلاعات رأي لصالح الأمريكا، وقال: "خلال الفترة الأولى كنا ضد أمريكا وسياستها وكنت أشرف بنفسي على استطلاعات الرأي، وبعد فترة بعض الأسئلة أصبحت مبهمة وتحمل معلومات للجانب الأمريكي في غيابي، وحين علمت أوقفت كل هذا فتوقف الدعم عن المركز وتم نقله لرام الله ثمَّ اضطررت لإغلاقه".