نابلس - النجاح الإخباري - على مدى ما يقرب من 16 شهراً من الحرب على قطاع غزة، ناقش الساسة والمحللون المقترحات المتنافسة بشأن حكم القطاع بعد الحرب، ولكن لم يظهر أي اتجاه واضح بينما استمر القتال.

والآن، مع استمرار وقف إطلاق النار الهش، واستعداد إسرائيل وحماس للمفاوضات لتمديد الهدنة، بدأت أربعة نماذج لمستقبل غزة تتشكل.

فحركة حماس لا تزال على غزة رغم ضعف سلطتها بفعل الحرب المدمرة، وتحاول فرض سيطرتها على الأرض عبر تقديم استعراضات للقوة خلال عمليات تسليم الأسرى الفلسطينيين.

وبموجب شروط وقف إطلاق النار، من المفترض أن ينسحب جيش الاحتلال تدريجياً من غزة، حيث لا يزال يسيطر على بعض المناطق في القطاع، ويريد زعماء اليمين المتطرف في إسرائيل أن تستأنف إسرائيل الحرب بهدف القضاء على حركة حماس.

وتقدم مجموعة من المقاولين الأمنيين الأجانب نموذجاً آخر.

فبدعوة من الاحتلال الإسرائيلي، تدير هذه المجموعة نقطة تفتيش على طريق رئيسي في شمال غزة، وتقوم بتفتيش مركبات النازحين العائدين إلى شمال قطاع غزة.

ويقول بعض المسؤولين الإسرائيليين إن هذا النشاط قد يتطور إلى إشراف دولي على منطقة أوسع كثيراً، بمشاركة دول عربية بدلاً من المقاولين من القطاع الخاص.

وفي الجنوب، بدأ ممثلو السلطة الفلسطينية خلال عطلة نهاية الأسبوع في توفير طاقم من الموظفين على معبر رفح الحدودي مع مصر، بالتعاون مع مسؤولين أمنيين أوروبيين.

وتأمل السلطة أن تتمكن في الوقت المناسب من تكرار هذه الجهود في مختلف أنحاء القطاع.

وتقول صحيفة نيويورك تايمز: "في الوقت الحالي، ليس من الواضح أي نموذج سيظهر باعتباره النموذج السائد. ومن المرجح أن تعتمد النتيجة إلى حد كبير على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي من المقرر أن يناقش مستقبل غزة يوم الثلاثاء في واشنطن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وقد ترجح المملكة العربية السعودية كفة الميزان إذا وافقت لأول مرة على إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل - في مقابل هيكل حكم معين في غزة.

وتستعرض الصحيفة 4 نماذج للحكم في قطاع غزة ومدى نجاحها:

حكم حماس

عندما أطلقت حماس سراح الإسرائيليين في الأسابيع الأخيرة، حرصت على إظهار أنها لا تزال القوة الفلسطينية المهيمنة على الأرض.

فقد تجمع المئات من مسلحي حماس الملثمين عند كل نقطة إطلاق سراح، في محاولة لإضفاء شعور بأن الحركة، على الرغم من الضربات التي تلقتها على مدار ستة عشر شهراً من الحرب، لا تزال في السلطة.

كما عاد مسؤولو الأمن التابعون لحماس إلى الظهور لفرض بعض مظاهر النظام في مختلف أنحاء القطاع، حيث أوقفوا المركبات وفتشوها وحاولوا نزع فتيل الذخائر غير المنفجرة. كما بدأ مسؤولو البلدية في نقل الأنقاض.

وتقول الصحيفة إن أغلب الإسرائيليين يعتبرون وجود حماس في غزة أمراً غير مستساغ. وقد يقبل البعض هذا الوجود إذا وافقت حماس على إطلاق سراح كل الأسرى المتبقين في غزة. ويريد آخرون، وخاصة من اليمين الإسرائيلي، استئناف الحرب، حتى ولو كلفهم ذلك أرواح بعض هؤلاء الأسرى، لإجبار حماس على الخروج.

إذا ما بقيت حماس في السلطة، فسوف يكون من الصعب على الحركة إعادة بناء غزة من دون دعم أجنبي. ولأن العديد من المانحين الأجانب سوف يخشون على الأرجح تقديم المساعدة ما لم تتنح حماس عن السلطة، فمن الممكن أن تتنازل الحركة عن السلطة طوعاً لقيادة فلسطينية بديلة، بدلاً من الاستمرار في رئاسة أرض قاحلة لا يمكن حكمها. وفي المحادثات التي توسطت فيها مصر، قال مبعوثو حماس إنهم قد يسلمون المسؤوليات الإدارية إلى لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين، ولكن من غير المرجح أن تحل الحركة جناحها المسلح طوعاً حتى لو توقفت عن إدارة الشؤون المدنية في غزة.

الإحتلال الإسرائيلي

وتقول نيويورك تايمز: "عندما بدأ وقف إطلاق النار في الشهر الماضي، احتفظ جيش الاحتلال بالسيطرة على منطقة عازلة على طول حدود غزة يبلغ عرضها عدة مئات من الأمتار. ولإنهاء الحرب وتأمين إطلاق سراح جميع الأسرى في غزة، يتعين على إسرائيل في نهاية المطاف إخلاء هذه المنطقة. ولكن هذا أمر يرفضه أعضاء مهمين في ائتلاف نتنياهو، وهذا يعني أنه قد يمد احتلال إسرائيل، أو حتى يوسعه، لتجنب انهيار حكومته".

وتضيف: ولكن لتحقيق هذه الغاية، ربما يحتاج نتنياهو إلى دعم إدارة ترامب، التي أشارت إلى أنها تريد تمديد وقف إطلاق النار للسماح بالإفراج عن كل الرهائن. والعودة إلى الحرب من شأنها أيضا أن تفسد أي فرصة قصيرة الأجل للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية ــ وهو الإنجاز الدولي الكبير الذي طالما تمنى نتنياهو تحقيقه".

قوة دولية

عندما انسحبت القوات الإسرائيلية الأسبوع الماضي من جزء كبير من ممر نتساريم، وهي منطقة استراتيجية تربط شمال وجنوب غزة، سمحت لمجموعة من المقاولين الأمنيين الأجانب بملء الفراغ. وتحت قيادة حراس أمن مصريين، يقوم المقاولون بفحص المركبات المتجهة شمالاً بحثاً عن الأسلحة، على أمل إبطاء جهود حماس لإعادة تسليح مقاتليها في شمال غزة. وتشارك شركتان أميركيتان في هذه العملية، ولكن ليس من الواضح الدور الذي تلعبه الشركتان على الأرض.

في الوقت الحالي، تعتبر هذه العملية مجرد تجربة صغيرة النطاق تفتقر إلى المشاركة الرسمية من جانب الدول العربية بخلاف مصر وقطر، الدولتين اللتين تتوسطان بين إسرائيل وحماس. لكن بعض المسؤولين الإسرائيليين يقولون إنه يمكن توسيعها - سواء من حيث الجغرافيا أو المسؤولية - لتشمل الأدوار الإدارية عبر منطقة أوسع، بدعم علني ومالي من الدول العربية الرائدة مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

ومن غير المرجح أن يسعى أي منهما إلى الحصول على دور رسمي دون مباركة السلطة الفلسطينية.

وتقول الصحيفة الأميركية: "إن السلطة الفلسطينية التي أرغمتها حماس على الخروج من غزة في عام 2007، لا تزال تدير جزءاً من الضفة الغربية، وتعتبر البديل الفلسطيني الوحيد الجاد لحماس. ولكن القادة الإسرائيليين يرون أن السلطة الفلسطينية غير كفؤة، ورفضوا فكرة منحها دوراً رئيسياً في غزة، على الأقل في الوقت الحالي. كما يعارض اليمين الإسرائيلي تمكين السلطة الفلسطينية، خشية أن تظهر كدولة ذات مصداقية في انتظار السلطة".

 

السلطة الفلسطينية

 

ومع ذلك، بدأ ممثلو السلطة العمل بهدوء في جزء آخر من غزة خلال عطلة نهاية الأسبوع، مما يشير إلى أن أجزاء من القيادة الإسرائيلية قد تكون أكثر مرونة في الممارسة العملية بشأن مشاركة السلطة.

وسمحت إسرائيل لمسؤولين من الاتحاد الأوروبي والسلطة الفلسطينية باستئناف العمليات عند معبر رفح ـ وهو نقطة تفتيش على الحدود بين غزة ومصر. وكان المعبر مغلقا منذ غزو إسرائيل لمنطقة رفح في مايو/أيار الماضي.

وعلى الملأ، قللت الحكومة الإسرائيلية من أهمية مشاركة السلطة في نقطة التفتيش، ويرجع ذلك جزئيا إلى تجنب إثارة غضب أعضاء ائتلاف نتنياهو.

ولكن العمليات في رفح غذت التكهنات بأن نتنياهو، تحت ضغط من ترامب والقادة العرب في الخليج، قد يتسامح على مضض مع دور أوسع للسلطة، ربما بالشراكة مع قوات حفظ السلام الأجنبية أو المتعاقدين.